الثورة – دمشق – ميساء العلي:
عام 2010 تم طرح أول مزاد لسندات الخزينة في سورية بقيمة 5 مليارات ولمدة خمس سنوات، حينها كانت التجربة جديدة لكننا لم نستطيع أن نتأكد من مدى جدواها نتيجة الحرب على سورية، لتعاود وزارة المالية طرح سندات الخزينة في العام 2020 بقيمة 300 مليار ليرة ومن خلال مزادين، إلا أن العام 2021 لم يكن هناك روزنامة لسندات الخزينة.
وفي العام 2022 تم طرح سندات الخزينة بقيمة 500 مليار ليرة ومن خلال 3 مزادات، وخلال العام الحالي تم طرح 800 مليار ليرة كحجم لسندات الخزينة من خلال 4 مزادات، لتعلن يوم أمس وزارة المالية عن روزنامة العام القادم لسندات الخزينة بقيمة 1000 مليار ليرة عبر 6 مزادات بهدف تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع العام، وذلك من خلال التمويل المتوافر لدى المصارف العاملة في سورية أو لدى الأفراد عن طريق فتح حسابات لدى هذه المصارف.
ولا نختلف على أهمية سندات الخزينة والتي تمثل إحدى أدوات تغطية الاحتياجات التمويلية للموازنة العامة، ولاسيما المشاريع الاستثمارية وهي ذات أهمية كبيرة مصرفية ومالية ونقدية، والأهم من ذلك هو إمكانية سد العجز بدلاً من التوجه نحو طباعة النقود دون تغطية أي من دون وجود إنتاج وناتج محلي مقابلها.
لكننا نطرح عدداً من التساؤلات، هل بالفعل ستمول تلك السندات المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية والأولوية الوطنية في الخطط العامة للدولة؟ وهل إصدار سندات خزينة في الوقت الراهن وتحديداً في ظل وجود تضخم سيخفف من المشكلة؟ علماً أن الهدف منها تمويل بعض المشاريع العامة ذات الجدوى الاقتصادية على مستوى الاقتصاد الكلي أو إنجاز وتطوير بعض مشاريع البنية التحتية التي تخلق وتوفر المناخ الملائم للاستثمارات في البلاد وتعود بالنفع العام وتكون مصدراً من المصادر التي تزيد من إيرادات الموازنة العامة.
الجواب- بحسب الآراء الاقتصادية- يقول: إن إصدار سندات خزينة أمر إيجابي إذا ما تم تنفيذها من خلال برامج اقتصادية واضحة، لكن يبقى التخوف من استسهال وزارة المالية واعتمادها على هذا المصدر فقط في التمويل.
في لغة الاقتصاد سندات الخزينة تستخدمها الحكومات للتدخل في السوق المالية بغية التحكم في السيولة بالتعاون مع المركزي حتى في فترات الرفاهية والفائض لذلك هي تأخذ تلك الأهمية ولاسيما أننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار التي تحتاج إلى تمويل يفوق بأضعاف القدرات المالية لدينا.
سندات وأذونات الخزينة يجب أن توضع في مشاريع ذات مردودية عالية تسرع من عملية التنمية وبذلك يكون الدين تنموياً لا يشكل عبئاً على الحكومة وقت استحقاق السند وبالتالي تصبح تمويلاً بلا عجز أي تمويل حقيقي دون تحريك عوامل التضخم.
إذاً لا خطورة من الناحية الاقتصادية في التعامل بهذا النوع من الأوراق المالية فالدولة تستطيع التحكم بها بشرط أن تستخدم في مشاريع مجدية اقتصادياً وسريعة، تحقق تنمية مستدامة لمرحلة اقتصادية مهمة في سورية.
مدير الإيرادات: هناك رضا لنسب التغطية
مدير الإيرادات في وزارة المالية أنس علي قال في حديث خاص لـ “الثورة” إن الوزارة تتوسع تدريجياً في إصدار سندات الخزينة وهذا واضح من خلال القيم التي بدأت في العام 2020 بقيمة 300 مليار لتصل لعام 2024 بقيمة 1000 مليار ليرة والأمر كذلك لعدد المزادات.
وأضاف: أن هناك رضا لدى الوزارة بالنسبة لنسب التغطية فهي ضمن المتوقع وفق واقع السيولة وقواعد الاشتراطات الموجودة في الاكتتاب.
تمويل الإنفاق الاستثماري للقطاع العام
وأوضح علي أن سندات الخزينة هي أداة تنفيذية للسياسة المالية في جانب الإيرادات الاستثنائية، ضمن الدين العام الداخلي، حيث تستخدم معظم الدول هذه الأداة من أجل تحقيق خطة السياسة المالية في جانبي الإنفاق والإيرادات.
وأشار إلى أن الوزارة ترمي من هذه الإصدارات إلى جملة من الأهداف، أهمها تمويل الإنفاق الاستثماري للقطاع العام، إضافة لتأمين فرصة استثمارية للقطاع المصرفي الخاص والعام لتوظيف ودائعه في استثمارات منخفضة المخاطر، تتيح له التوسّع في عمليات قبول الودائع، وبالتالي تمكّن من التوسّع في الإقراض والتمويل للمشاريع الاستثمارية للقطاع الخاص، كما وتساعد هذه الإصدارات في التخفيف من التمويل بالعجز من مصرف سورية المركزي، وبالتالي التخفيف من مخاطر التوسع في الإصدار النقدي، أي الحدّ من التضخم حيث أن العائد على الاكتتاب في هذه السندات للمصارف والأفراد يكون من خلال الفوائد التي يتم منحها نصف سنوياً، والتي تتحدد نسبتها بحسب نتيجة كل مزاد، بناءً على العروض المقدمة، وفقاً لشروط الإصدار التي سيعلن عنها قبيل كل مزاد.
أستاذ جامعي: قناة تمويل هامة بشرط
الدكتور رسلان خضور الأستاذ في كلية الاقتصاد قال في حديثه لـ “الثورة”: إن سندات الخزينة قناة تمويل هامة للتمويل إذا كان هناك عجز في الموازنة والحكومة يمكن أن تستدين من المصارف العامة والخاصة أي أنها قناة سليمة أفضل من الإصدار النقدي والتمويل بالعجز .
لكن السؤال أين ستصرف أموال السندات؟ بالتأكيد يجب أن تكون لتمويل مشاريع استثمارية تولد دخولاً وقيماً مضافة، في التجربة الماضية المبالغ لم تكن كبيرة ولكنها بدأت ترتفع ويجب أن نعطي ثقة للناس سواء مصارف عامة أم خاصة بحيث يكون معدل الفائدة مناسباً في ظروف التضخم الحالية.
ولفت خضور إلى أهمية أن يكون هناك دراسات جدوى اقتصادية للمشاريع التي سيتم تمويلها من خلال سندات الخزينة، خاصة وأن هناك الكثير من المشاريع الحكومية في هيئة تخطيط الدولة، مع وجود مراقبة دقيقة لتلك الأموال من حيث كيفية إنفاقها كي لا تذهب لقنوات فساد الأمر الذي سيزيد العبء على الحكومة لأنها لن تولد دخولاً وفرص عمل.
ونوه بأهمية تشجيع الأفراد على استثمار مدخراتهم بسندات الخزينة من خلال طرحها في بورصة دمشق للتداول الأمر الذي سيعطي مرونة أكبر في التعامل.
أخيراً
الجدير بالذكر أن هذه الحزمة من الإصدارات للأوراق المالية الحكومية تنفذ استناداً إلى المرسوم /60/ لعام 2007 الناظم لإصدار الأوراق المالية الحكومية في سورية.