الثورة – منهل إبراهيم:
منذ انتهاء سريان اتفاق الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، شنَّ النظام الأوكراني هجمات على السفن التجارية في البحر الأسود، ومنذ تعليق الاتفاقية في منتصف تموز الماضي، جرى توتر كبير قام الغرب بتغذيته، وردت روسيا على الأعمال الاستفزازية للنظام الأوكراني ومن يدعمه من الغرب وردت على مصادر النيران.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أن ستة موانئ روسية مطلة على البحر الأسود تقع في “منطقة خطر الحرب” مع تهديدها بشن هجمات انتقامية من قبل النظام الأوكراني على ناقلات الشحن ومنشآت الموانئ.
الجدير بالذكر أن البحر الأسود يتمتع بأهمية استراتيجية واقتصادية هائلة لكل من روسيا وأوكرانيا، لكن الدول الأخرى المطلة عليه لاسيما دول الناتو: تركيا وبلغاريا ورومانيا، لديها هي أيضاً مصالح حيوية في البحر الأسود.
ومنذ أيام الإمبراطورية الروسية وحتى الحقبة السوفياتية، شكل البحر الأسود أهمية لروسيا باعتباره الجناح الجنوبي لقوتها، حيث ظل نقطة انطلاق يمكن لروسيا من خلالها تعزيز نفوذها في البحر المتوسط والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب أوروبا، كذلك يمنح البحر الأسود، روسيا إمكانية الوصول إلى بلدان تقع على مسافة بعيدة مثل ليبيا وسورية.
وفيما يتعلق بالشق العسكري، يمثل البحر الأسود أهمية كبيرة لروسيا حيث استضاف ومايزال، أسطولها البحري في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم منذ عام 1793.
وتجلى حرص الكرملين على الاحتفاظ بالقوة وتعزيز الوجود في منطقة البحر الأسود لما يمثله من أهمية عسكرية وتجارية كبيرة.
واقتصادياً، يشكل البحر الأسود أهمية كبيرة لروسيا حيث تصدر من موانئه جُل ما تنتجه من حبوب وأسمدة وسلع أخرى، فيما تزايدت أهميته منذ الحرب الأوكرانية كطريق تجاري يتيح للسفن التجارية الروسية الوصول إلى بلدان لم تنضم إلى العقوبات الغربية ضد روسيا.
وفي هذا الصدد صرَّح ضابط المخابرات العسكرية الأمريكية السابق، سكوت ريتر، اليوم الأحد، أنه في نهاية العملية الخاصة، ستفقد أوكرانيا إمكانية الوصول إلى البحر الأسود.
وفي مقابلة على موقع يوتيوب، أشار ريتر إلى أن “أوكرانيا سيتم عزلها عن الوصول إلى البحر الأسود، وستفقد معظم طاقتها الإنتاجية وكمية هائلة من الموارد”.
وأكد ريتر أن هذا سيحدث نتيجة فقدان أوكرانيا السيطرة على أوديسا ونيكولاييف وخاركوف ودنيبروبيتروفسك، وفي رأيه أن هذه المقاطعات ستصبح قريباً جزءاً من روسيا.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، يمثل البحر الأسود أهمية كبيرة أيضاً مثل روسيا، فقبل الحرب، كانت كييف تصدر أكثر من 50 بالمائة من إجمالي صادراتها عبر ميناء أوديسا الذي يعد أكبر ميناء تملكه البلاد على البحر الأسود. وبسبب كون أوكرانيا واحدة من أكبر الدول المصدرة للحبوب في العالم، أصبح البحر الأسود نقطة تصدير رئيسية حتى انتهاء اتفاقية الحبوب مع روسيا.
ورغم الحرب، مازالت أوكرانيا تعتمد على البحر الأسود لتصدير قرابة 40 من حبوبها إلى الخارج، فيما تصدر باقي إنتاجها من الحبوب براً عبر بلدان الاتحاد الأوروبي.