الثورة – همسة زغيب:
جاءت لوحات الفنان التشكيلي مجد حناوي في معرض “وطن” الذي استضافه غاليري “آرت فيجن” بدمشق، متناغمة بين الأبيض والأسود للتعبير عما يجول في داخله من مشاعر صادقة تجاه الوطن وما مر به من حرب وسلام وكوارث.
بدأ اهتمامه بالفن التشكيلي منذ الصغر، وكان دائم الحضور للمعارض الفنية التشكيلية، وهو فنان مشغوف بثقافة عميقة الأصل، ولوحاته صادقه تعبر عن أحاسيسه وتأملاته، ركز على القيمة الفكرية والبصرية للعمل الفني، وهذا ما يميز تجربة حناوي الفنية، إضافة إلى التقنية والحرفية العالية في أعماله الفنية على شكل ثنائيات متناقضة بحركات التكوين والخط والمساحة والدخول ضمن تفاصيل العمل والوصول إلى المشهد العام من خلال مستويات مختلفة داخل لوحاته العشرين، منها ما يرصد البيت المدمر من الداخل، وفي أعمال أخرى رسم البيوت من الخارج، ثم ركز على المدينة بأكملها.
أما اللوحة الجدارية الكبيرة “10م × 3م” تشد المشاهد لأدق تفاصيلها، وتعبر بطريقة مؤثرة عن هول آثار الزلزال على المنازل، وتجسد الألم والنور حين يسطع من بين ألوانها نور يوحي بمستقبل عنوانه السلام والفن.
اعتمد التشكيلي حناوي في لوحاته الأخرى التكرار بطريقة غرافيكية منسجمة، تعكس حالة من الشعور الداخلي اتجاه مرحلة الحروب والكوارث التي مرت، كما أدخل اللون بتباين أقل من الأبيض والأسود في بحث جديد لنقل واقع لطيف وتساؤلات جديدة.
وأما أعماله الفنية تُظهر الحس الفني للمشاهد، وقدرته على تجسيد الحب للأرض سعياً لإبراز المواهب الوطنية وتحفيزها في مجال الفن التشكيلي نحو المزيد من التطور والإبداع.
التشكيلي مجد حناوي قال لـ”الثورة”: إن معرض “وطن” مشروع يعبر عن علاقة الإنسان بوطنه، وكيف ينتمي الإنسان إلى وطنه، وكيف يتأثر بالكوارث الطبيعية كالزلزال والحروب وكيف يتعامل معها بطريقة غير مباشرة، الكارثة هي محرض للعمل ودافع للتعبير عن شيء داخلي، لكن تعبيري ليس لتخفيف مأساوية الحالة، بل لبعث الحياة والنور من خلالها، وكان هناك تأثيرات أخرى كالطوفان في ليبيا والمغرب، والأحداث التي حصلت في العراق وفلسطين وسورية وغيرها.
وأوضح أن لوحات المعرض حالة مؤثرة صادمة موجعة للمتلقي، وكأن الذاكرة المُحملة بالألم والمعاناة مازالت في مخيلته، وهذا ما يجذب المتلقي، فيحاول منحهم شيئاً من الأمل والتفاؤل بمستقبل الفن التشكيلي السوري لما يمتلكه من غنى فني وحضاري وإبداعي.
يحب حناوي الاكتشاف ويتعمق بدقة في تصميم أعماله ليصل إلى أعمق تفاصيله وأسراره، وأما عن لوحات هذا المعرض فهي تحمل الوجه الكارثي أكثر من شكل العمارة المستقبلية، باستخدام اللون المريح والغني بالتناغم، لم يضع لها عنواناً، لكنه كتب بجانبها “لكن المشكلة يا صديقي أنها حياةٌ ألِفناها”، معبراً باللون الأبيض الذي يحمل الحياة عن مفردات وتراكمات في ذاكرة المشاهد الصاخبة، فرسم فيها بيوتاً وطبيعة وشوارع وأزقة وأشكالاً مجردة وأسلاكاً وسياجاً وغيرها من العناصر التي يكررها مركزاً على الشكل الكارثي والدمار مع الأمل في إعادة إعماره من جديد.
يذكر أن الفنان مجد الحناوي من مواليد ريف دمشق عام 1993 خريج كلية الفنون الجميلة قسم التصوير الزيتي عام 2017، وكان معرضه الفردي الأول في المركز الوطني للفنون البصرية 2019 ، وشارك في عدة معارض جماعية داخل سورية إلى جانب مشاركته بعدة ورشات عمل في المركز الوطني للفنون البصرية.