الثورة – تحقيق – وعد ديب:
كعادتها مع اقتراب المناسبات تبقى موازنة البيت الشغل الشاغل لأغلب الأسر، ولاسيما أن هذه الموازنات أصبحت في معظمها مصابة بالعجز، وعلى الرغم من محاولة معظم الأسر ترشيد المصاريف، مازالت الموازنة والميزانية الأسرية خاسرة لاتناسب الإمكانيات فالغلاء طال كل شيء مع دخل لايتناسب مع القوة الشرائية للمواطن، نظراً لأن الأسعار الحالية لايتناسب مع إمكانياته في ظل تحكم الباعة بالسوق، في ظل هذا المشهد، فإن مهرجانات التسوق التي تقوم عادةً في خيم كبيرة تنصب في الساحات، أصبحت ظاهرة محصورة بفئة من التجار ضعاف النفوس يتمتعون بشطارة في الاستغلال، وتعرض هذه الخيم بضاعة لاتناسب حاجة المستهلك.
آراء
وأما آراء المواطنين.. تقول سهى ربة منزل:في الوقت الحالي لانستطيع شراء كل مانحتاجه بكميات كبيرة، فالدخل لايتناسب مع القدرة الشرائية، كما أنني وكنوع من التوفير أقتصد بمكونات المتطلبات اليومية، أم طارق تقول: ألجأ إلى المؤونة المنزلية ما يخفف على أسرتي الكثير من المصاريف فيما تعتبر مروة أن الجمعيات المالية فكرة جيدة لسد حاجة آنية نشتري ونستهلك من خلالها.. بينما عبير سيدة عاملة تقول بدأت بشراء ما أحتاجه من مواد غذائية استعداداً لشهر رمضان من البزوريات التي تبقى الملاذ الآمن لذوي الدخل المحدود للتسوق حسب إمكانياتهم والشراء على مبدأ الفرط.
وعن العروض المقدمة من الخيم الرمضانية قال محمد خبير تسوق : إن الهدف منها استثمار رمضان وهنا عملية الاستثمار ليس المقصود فيها المواطن بل ربح للتجار، والباعة في هذه المعارض من باعة المفرق، وليس من المنتجين ما ينفي وجود مسألة الحسم المزعوم، بينما يقول فادي سائق (تكسي) : يوجد العديد من السلع لا تتماشى مع المناسبة، وهي عرض سلع خاصة برمضان، إضافة إلى عرض الكثير من المنتجات مجهولة المصدر ذات النوعية الرديئة، لا تحقق إلا غايات الباعة .. ويخالفهم الرأي أكرم عامل بناء بأن هذه المهرجانات توفرعناء التنقل، وتستطيع شراء ما تحتاج إليه بمكان واحد، وبأرخص الأسعار ناهيك عن العروض المجانية التي تقدمها بعض الشركات وما يغري على الشراء التوفير.
تخطيط
وحول توفير ميزانية لاستقبال شهر رمضان.. تقول خبيرة بالاقتصاد المنزلي لمى مسعود لـ «الثورة» يجب أن توضع ميزانية من قبل الأسرة لحساب هكذا مناسبات، بحيث تكون أهدافها واضحة حتى لا تقع الأسرة بمطبات، ووضعها بالورقة والقلم، بعملية تخطيط مناسبة توزع الدخل الموجود، فبعض الأسر تضطر للديون.. وفي علم الاقتصاد المنزلي، لتجاوز المشكلة يجب التوجه لمحال الجملة، والمرأة لديها قدرة نوعية على ضبط الميزانية، ولا تزال أكثر ربات المنازل تعمل على ادخار النقود من مصروف البيت، ومن ثم شراء المصوغات وتوفيرها لحين الحاجة.
ضبط الميزانية
أما الخبيرة بالقضايا التنموية والاقتصادية الدكتورة وفاء آغا تقول :وسط هذا الغلاء الضاغط على الجميع، نرى معظم العائلات شغلها الشاغل الآن هو التفكير بالعملية الشرائية، وقد تضطر للاستلاف وتحميل الديون على عاتقها، لتأمين المبالغ الكبيرة لتتناسب مع مايُعرض في الأسواق، وخاصة أن التجار رفعوا الأسعار تماشياً مع قدوم شهر رمضان، متناسين الوضع الحرج الذي يمر به المواطن، وهذا العجز الواضح والسعي المستمر لتأمين المصروف العائلي المرتفع، وبعض من سلوك التسوق في المناسبات غالباً ما يكون بهدف التقليد، مضيفة: لضبط الميزانية لابد للأسرة ورب الأسرة أو ربة المنزل أن يتوجهوا للمتاجر المقبولة أسعارها، بما يتناسب مع دخلهم الشهري كالمؤسسات الحكومية مثل صالات التجزئة والتي يتوفر فيها كل المواد التي يحتاجها المنزل من غذائية ومنظفات وخضراوات ومستلزمات.
وتتابع الخبيرة : أحياناً نرى بعض السيدات يعتمدن على مواد المونة، وحفظها بوفرة والتي تُشترى في مواسمها بأسعار أقل مما نراها الآن في الأسواق، كما أن البعض يقوم بتبادل بعض المواد التموينية والغذائية بين الأهل والأقارب والجيران، إضافة لشراء بعض المواد من الأرياف من منتجيها مباشرة. منوهة بدور المرأة الجوهري في إدارة النظام الاقتصادي للأسرة فهي الأقدر على تفادي هذه الضائقة والظروف الصعبة وتستطيع تدبير الأمور بأقل الحاجات المتوفرة بالتنويع بالطبخ والاقتصاد بما تحتاجه الأسرة بمنع الهدر والمصروف الذي يكون بغير مكانه والذي يجلب الخسارة والتعب للأسرة ويضعف مستواها الاقتصادي..
ترشيد الاستهلاك
ويقترح الباحث الاقتصادي عبدالله إبراهيم أن يوجد تطبيق لترشيد الاستهلاك يخفف العبء عن المستهلك، ويستطيع من خلاله أن يضع أولويات لميزانية مصروفه، ومن ثم يضع الثانويات التي يمكن أن يستغني عنها ويؤجلها لمرحلة قادمة بحيث يتناسب الترشيد مع دخله، وينوه بأننا تعودنا على ثقافة الوفرة والتي من المفترض أن تنتهي فعلى سبيل المثال لابد من إعادة تنظيم المبادرات والمساعدات سواء ما يتعلق بالقطاع الحكومي أوالجمعيات أو من قبل خبراء حتى تصل لمستحقيها، وفي شهر رمضان يجب الحد من التقليد في عمليات الشراء للمواد غير الضرورية .
وبحسب إبراهيم- عندما نقول ترشيد لابد أن يبنى على عناصر ثابتة، لكن لدينا لا يوجد شيء ثابت من ناحية الأسعار، بل سياسات إجرائية نقوم بها حسب الإمكانيات المتوفرة بين أيدينا، موضحاً أن سياسة الترشيد حتى لوكانت بسيطة مبنية على عادات يجب تغييرها بما يناسب الواقع.
تحقيق المنافسة
ويبقى أن نقول إن ضبط الأسواق مسألة معقدة في مثل هذه المناسبات، وهذه حقيقة يجب أن لا ننساها لكن كثرة الخيارات وتوفر المواد يفترض فيه تحقيق المنافسة لمصلحة المستهلك، وأما التجار يعتبرونها فرصة للأرباح، دون وجود رقابة تذكر.