الثورة – ناصر منذر:
تشكل التكنولوجيات الرقمية- بحال استخدمت في إطارها الصحيح والأمثل- أداةً قوية تدعم التقدم البشري وتساهم إلى حدّ كبير في تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ولكن بحال إساءة استخدامها، كالتلاعب مثلاً في البيئة الرقمية عند مراقبة سلوك الناس وتحليله من قبل مؤسسات وشركات الأعمال المختصة، فإن ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة بالنسبة إلى الكرامة الإنسانية والاستقلالية والخصوصية وممارسة حقوق الإنسان بوجه عام، فالعصر الرقمي يؤثر بشكل عميق على حقوق الإنسان، ولكنه يمثل أيضاً تحديات جديدة تهدد بعضها.
وبينما تعيد التقنيات الرقمية صياغة كل ركن من أركان المجتمع بخطى متسارعة، دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، إلى وضع حقوق الإنسان في صميم هذا التحول. إذ تمتلك التقنيات الرقمية القدرة على دفع التقدم وتعزيز الحقوق، بما في ذلك ربط الناس، وتحسين الوصول إلى الصحة والتعليم، وغير ذلك الكثير.
ووفق موقع أخبار الأمم المتحدة، فقد حذر فولكر في حديث أمس، بمناسبة الذكرى العشرين للقمة العالمية لمجتمع المعلومات في جنيف، من أن وتيرة تطور التقنيات الرقمية تشكل أيضاً مخاطر جدية، تتراوح من القيود على حرية التعبير وانتهاكات الخصوصية إلى التمييز والتهديدات المتزايدة لشعورنا المشترك بالحقيقة والواقع. وقال:” “في مواجهة هذا التغيير الهائل بالتحديد، نحتاج إلى المزيد من حقوق الإنسان، لا أقل”.
وشدد المفوض السامي على ضرورة إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان واستخدامها كخارطة طريق للعمل في هذه اللحظة من التغيير الجذري. مؤكداً أن “الالتزامات القانونية للدول وواجبات الشركات باحترام حقوق الإنسان تقدم إرشادات لمكافحة المعلومات المضللة وحماية بياناتنا من الاستخدام غير المشروع”.
وشدد المفوض السامي على أن الأشهر القادمة ستشهد قرارات حاسمة بشأن تنظيم المجال الرقمي، بما في ذلك آليات الأمم المتحدة الجديدة بشأن الذكاء الاصطناعي وحوكمة البيانات.
واختتم حديثه قائلاً: “لدينا فرصة لإحداث فرق. يجب أن نوحد قوانا – الدول، شركات التكنولوجيا، المنظمات الدولية، المجتمع المدني، وغيرهم – للعمل نحو بيئة رقمية شاملة ومفتوحة للجميع، في كل مكان”.
يشار إلى أن القمة العالمية لمجتمع المعلومات هي عملية قائمة متعددة الأطراف تابعة للأمم المتحدة بشأن الحوكمة الرقمية والتعاون مع رؤية تهدف إلى تعزيز مجتمعات المعلومات والمعرفة التي تركز على الإنسان والشاملة والموجهة نحو التنمية. وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وتأسست القمة العالمية لمجتمع المعلومات في عام 2001 وعقدت على مرحلتين في كانون الأول/ديسمبر 2003 في جنيف وتشرين الثاني/نوفمبر 2005 في تونس وإيطاليا.
ومنذ ذلك الحين، جمع المنتدى أصحاب المصلحة المتنوعين للتعاون بشأن الحوكمة الرقمية وتعزيز بيئة رقمية تتمحور حول الإنسان، شاملة، وموجهة نحو التنمية. وقال تورك: “ساعدت القمة في خلق مساحة للدول، شركات التكنولوجيا، المجتمع المدني، وغيرهم لتسخير قوة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل التنمية”.
