الثورة – مريم إبراهيم:
تحمل المبادرات باختلاف مسمياتها وتخصصاتها مضامين وأهداف شتى لتقدم خدمة ودعماً مجتمعياً لشرائح مستحقة عبر أهداف ترسم لها وبوصلة عمل تحدد المسار والجهة، والهدف الوصول للغاية في تقديم الخدمة وتحقيق الجدوى المطلوبة من إطلاق أي مبادرة، ولاسيما عندما تكون مبنية وفق خطط عمل مدروسة، وفي ظروف تعزز فيها قيمة وأهمية المبادرة بشكل عام.
ولعل المبادرات التعليمية التي تولد في ظروف الحرب والأزمات تتضح أهميتها لما يمكن أن تقوم به من خدمات تعليمية كسلسلة متكاملة ترمم بعض الفجوات والنقص لدى فئات معينة تحتاج هذا الترميم، خاصة الأطفال في مراحل التعليم، إضافة لما يمكن أن يتابع فيها من جوانب تنمية إبداع وخبرات واكتساب مهارات شتى مطلوبة مع تطورات متسارعة بين الحين والآخر.
اسم وعنوان
“أبجد، اسم وعنوان بقيمة ومعنى وُلد كمبادرة بسيطة أطلقها شباب يؤمنون بالتغيير، ليصبح يوماً واقعاً، واسماً معتمداً، مرخّصاً رسمياً في قلب دمشق، كجهة تعليمية وتنموية معترف بها داخل سوريا، وعمل القائمون على هذه المبادرة لسنوات من بعيد من خارج البلد، محاولين بشتى الطرق والجهد أن يزرعوا الأمل في النفوس، ويعملوا على بناء جسور التعليم للأطفال في ظروف التهجير والحرب المدمرة، والمخيمات القاسية، والأطفال الذين حرموا من متابعة رحلتهم التعليمية بسبب الظروف الصعبة، فلم يعد اسم المبادرة محصوراً في ألمانيا فقط، بل أصبح لها وجود حقيقي في سوريا، وهذا ليس بالأمر البسيط أو العابر، بل أصبح الدافع والفرصة العظيمة للبناء من جديد، وزرع الأمل، ومواصلة مسيرة العمل والعطاء باستهداف المستحقين للخدمة.
حول المبادرة
مسؤول الفريق التطوعي ضمن دمشق الصيدلانية لجين سحلول تبين في لقاء لـ”الثورة” أن مبادرة أبجد للتعليم مبادرة تعليمية شبابية انطلقت عام 2018 بتعاون شباب وشابات سوريين من مختلف التخصصات والخبرات حول العالم، وتجمع بين الخبرة والإبداع والعمل الخيري والعمل المجتمعي، اجتمعوا حول هدف واحد هو بناء مجتمع متضامن أساسه التعليم، والمبادرة مسجلة كجمعية غير ربحية في ألمانيا منذ العام 2022 لتوسيع تأثيرها عالمياً، وبهدف أن تبقى قريبة من كل السوريين أينما كانوا، وانطلقت في بدايتها لمساعدة أهالينا في الغوطة وفي إدلب، وهدفها الأساسي التعليم ونشر المعرفة والوعي حول أهمية التعليم بين فئة الأطفال.
تدريب وعمل
وتضيف سحلول: في العام 2018 تم العمل على تعليم الأطفال ضمن الشمال السوري مع أساتذة مؤهلين، وتم أخد الترخيص ضمن ألمانيا عام 2022، وبجهود متواصلة حققت المبادرة خطوات مهمة، إذ تم تأمين 4500 فرصة تعليمية داخل وخارج سوريا، وتوفير فرص تعليمية مبتكرة للأطفال، وتم تأمين 700 فرصة تدريبية، وقدمت للشباب تدريبات متخصصة في مجالات علمية ومهنية متنوعة داخل سوريا وألمانيا، ويوجد 140 فرصة تطوع لمتطوعين من جميع أنحاء العالم يسهمون بخبراتهم ومهاراتهم لدعم رؤية المبادرة وتحقيق الأثر الإيجابي، والمتطوعون موجودون ضمن مجتمع أبجد، كما تم تأمين 200 وظيفة تدريسية، إذ يعمل معلمو ومعلمات المبادرة يومياً داخل سوريا لبناء جيل جديد من المتعلمين والمبدعين، إضافة لإنجاز مهم وهو تأمين الوصول إلى أربع دول هي سوريا، ألمانيا، تركيا، بريطانيا، بما يحقق أكبر قدر من أهداف المبادرة.
في دمشق
ولفتت سحلول إلى أنه بعد تحرير سوريا بدأت مبادرة “أبجد” بتشكيل فريق تطوعي ضمن مدينة دمشق، ويضم الفريق حالياً سبعين متطوعاً، وتم الحصول على الترخيص للمبادرة في سوريا نيسان الماضي، ويتم العمل على ترميم مدارس ضمن الشمال السوري بمنطقة كفر عميم، وبجود حثيثة تمت المساهمة في تجهيز المدرسة بسراقب، وتوفير 80 مقعداً للطلاب، مما سيساعد في عودة 300 طفل للدراسة، وضمن دمشق يتم ترميم مدارس في منطقة زملكا، إضافة لإعداد دورة تأهيلية للمدرسين والمساعدة على دعم الأطفال والمنهاج السوري بالتعاون مع عدة منظمات وجهات داعمة لقطاع التعليم.
وتواصل المبادرة عبر جميع كوادرها رحلة العمل لنشر التعليم، فهي تعبر الحدود لنقل التعليم والخبرات لدعم وتمكين الأفراد والمجتمع في سوريا والعالم، وتضم شبكة خبراء هم أكاديميون ومختصون يضمنون جودة واستدامة برامج المبادرة، نحو مجتمع متصل يجمع السوريين في كل مكان للمساهمة معاً في بناء المستقبل، إضافة للمزيد من الريادة المبتكرة عبر تحويل الأفكار إلى إنجازات مؤثرة.