الثورة- منذر عيد:
بين اللقاء المقرر الذي يجمع الرئيس أحمد الشرع والمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك، وقائد “قسد” مظلوم عبدي، ضمن مساع أميركية لمقاربة وجهات النظر، وبين تخصيص وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” 130 مليون دولار من ميزانية 2026، لدعم “قسد”، و”جيش سوريا الحرة”، تتعدد الآراء حول ثنائية واشنطن يراها المراقبون متناقضة شكلاً، وتكثر مقاربات (ملف قسد) خاصة مع سعي دمشق لتوحيد الجغرافيا السورية، وضم جميع القوى وحصر السلاح بيد الدولة، ليبرز سؤال: هل ثمة مسافة كبيرة بين البيت الأبيض و”البنتاغون” في فهم كل منهما لضرورات العمل في سوريا، أم هو تبادل للأدوار وتكامل فيما بينها، بما يضمن عدم انقطاع خيط سوريا من اليد الأميركية؟.
تعكس سلسلة الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه سوريا، من رفع العقوبات إلى دعمها اقتصادياً، إلى إزالة تصنيف “هيئة تحرير الشام” من قوائم الإرهاب، رهان واشنطن على الإدارة السورية الجديدة في قيادة البلاد إلى مستقبل آمن مزدهر، والتعويل عليها في محاربة التنظيمات الإرهابية، ما يقلل من الاعتماد على “قسد” في مواجهة “داعش”، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة (وفق هذه المعطيات) إلى دفع “قسد” إلى الذهاب نحو دمشق للاتفاق معها على موضوع الاندماج تحت راية الدولة، وينهي هواجس أنقرة التي تطالب بأن تكون الدولة السورية هي الجهة الوحيدة المسؤولة في قضايا الدفاع ومكافحة الإرهاب.
وفق فرضية جنوح واشنطن إلى الاعتماد على الإدارة الجديدة كشريك رئيسي ووحيد تأتي خطوة المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك لعقد اجتماع يجمعه إلى جانب الرئيس أحمد الشرع، وقائد “قسد” مظلوم عبدي، في إطار الدفع باتجاه تطبيق اتفاق العاشر من آذار بين الرئيس الشرع وعبدي، والذي نصّ على اندماج “قسد” ومؤسساتها ضمن إدارة الدولة، إضافة إلى مناقشة ملفات التعاون بين “التحالف الدولي” ودمشق و”قسد” في إطار مكافحة تنظيم “داعش” في سوريا.
ما تم ذكره سابقاً، كان ليشكل تغيراً دراماتيكياً في سياسة واشنطن في سوريا، ويفتح الكثير من التحليلات والتأويلات حول علاقة الولايات المتحدة الأميركية مع “قسد”، والدفع بفرضية التخلي عنها، وبأن اجتماع باراك والرئيس الشرع وعبدي، هو إعلان الطلاق بين واشنطن و”قسد”، لولا تخصيص “البنتاغون” 130 مليون دولار من ميزانية 2026، لدعم “قسد”، و”جيش سوريا الحرة”، وذلك لمحاربتهما تنظيم “”داعش”، الأمر الذي قد يعرقل بشكل غير مباشر أي حلول سورية لإغلاق ملف السلاح غير الشرعي، لتبرر واشنطن تخصيص الـ” 130″ بأنه ضروري لضمان “الهزيمة الدائمة” للتنظيم الإرهابي ومنع عودته.
وبحسب بعض المراقبين وفق ما نقله موقع “المونيتور” الأميركي: تقف السياسة الأميركية في سوريا، أمام مستقبل يشوبه شيء من الضبابية، أو عدم تنسيق بين مراكز صنع القرار السياسية والعسكرية في واشنطن ( اتفاق غير معلن)، وهو ما يتجلى من خلال دفع الإدارة الأميركية نحو تفاهم بين دمشق و”قسد” من جهة، ومن جهة أخرى دعمها “قسد” بملايين الدولارات، الأمر الذي يمكن أن تقرأه الأخيرة على أنه تثبيت للوضع الراهن شمال شرقي سوريا، وتعزيز لموقفها التفاوضي مع الحكومة، وبما يقلل من احتمالية قبولها بتفكيك بنيتها العسكرية أو القبول بإدماجها الكامل في مؤسسات الدولة، خاصة في ظل سيطرتها على الموارد النفطية السورية المهمة، ومناطق نفوذ شاسعة تمتد بين ثلاث محافظات بدعم مباشر من القوات الأميركية.