الثورة – رزان أحمد:
في خطوة تعكس التوجه الحثيث نحو رقمنة قطاع النقل في سوريا، تم اليوم انعقاد ورشة عمل متخصصة بعنوان: “فرص الاستفادة من تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي للارتقاء بتنظيم خدمات الشحن الطرقي للبضائع”، بتنظيم مشترك بين وزارة النقل السورية والاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات، وذلك في فندق “غولدن مزة”.
الورشة، التي جمعت ممثلين عن وزارات وهيئات حكومية وخبراء من قطاعات اللوجستيات والتكنولوجيا، شكّلت منصة حوارية مهمة لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه الشحن الطرقي في سوريا، وطرحت حلولاً تقنية متقدمة تهدف إلى تحديث البنية التنظيمية والإدارية لهذا القطاع الحيوي..
أبرز ما طُرح خلال الورشة كان ضرورة الإسراع في تبني المنصات الرقمية، باعتبارها مساراً مستداماً لتحسين جودة الخدمات. الحضور ناقشوا مجموعة من المحاور المحورية، شملت: التحديات التنظيمية والتشغيلية الراهنة ودور الذكاء الاصطناعي في تحسين مؤشرات النقل وبناء منصة وطنية موحّدة لإدارة عمليات الشحن، وأهمية الدفع الإلكتروني كوسيلة لتحقيق الشفافية والفعالية.
هذا النقاش كشف عن إجماع واضح بين المشاركين على أهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص في دعم التحول الرقمي، وخلق مظد لوجستية أكثر كفاءة وشفافية.
وفي كلمته خلال افتتاح الورشة، شدد وزير النقل الدكتور المهندس يعرب بدر على أن اعتماد التكنولوجيا في إدارة الشحن لم يعد ترفاً، بل أولوية وطنية تُحتّمها التحديات الاقتصادية والتجارية.
وأكد أن القطاع يمرّ بمرحلة مفصلية، تتطلب اعتماد حلول ذكية تساهم في رفع كفاءته التنظيمية واللوجستية.
من جانبه، اعتبر رئيس الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات، محمد فراس بكور، أن التحول الرقمي يشكّل الخيار الاستراتيجي الوحيد لتحديث القطاعات الحيوية، مؤكداً استعداد الاتحاد لتقديم الدعم الفني والخبرات اللازمة لإطلاق منصة وطنية لإدارة الشحن تعتمد على الذكاء الاصطناعي، قادرة على تخفيف الأعباء الإدارية وتحسين الخدمات ودعم الاقتصاد.
الرئيس التنفيذي لشركة MTN سوريا، محمد العيسى، أوضح أن الاتصالات تمثّل البنية التحتية الأساسية لنجاح أي عملية تحول رقمي، معلناً عن استعداد الشركة الكامل لتقديم الدعم اللوجستي والتقني، بالتنسيق مع الجهات الحكومية، من أجل بناء المنصة الرقمية الوطنية للشحن الطرقي.
في عرضٍ مفصّل، استعرض مدير تنظيم نقل البضائع في وزارة النقل، خالد كسحة، واقع القطاع خلال عامي 2024–2025، متناولاً العقبات المرتبطة بالبنية التنظيمية والتشريعية، وغياب أدوات الرقابة الرقمية، مؤكداً على ضرورة تحسين البيئة القانونية والإدارية بما يواكب التحول الرقمي.
وأشار إلى تجارب دولية ناجحة في هذا المجال، داعيًا للاستفادة منها بما يتلاءم مع خصوصية الوضع السوري، وطرح تصوراً لتطوير منظومة الشحن من خلال اعتماد أدوات رقمية تسهّل تبادل البيانات وتعزز من كفاءة المتابعة والرقابة.
مستشارة وزير النقل للتحول الرقمي المهندسة ربا عرفات قدّمت رؤية متكاملة للمنصة المقترحة، والتي تشمل:إدارة طلبات النقل عبر نظام رقمي موحد.
وتطبيق نظام GBS لتتبع الشاحنات. وربط القبابين إلكترونياً مع الجمارك. وعتماد وثيقة النقل الإلكترونية كأداة تنظيم أساسية.
وأضافت أن هذه الحلول تفتح آفاقاً جديدة لتحقيق تنمية مستدامة في القطاع، من خلال تحسين التخطيط الاستراتيجي ورفع جودة الخدمات.
وشهد ختام الورشة توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل والاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات، تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي وتطوير الشحن الطرقي عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي.
هذه الورشة لا تأتي كفعالية عابرة، بل كخطوة عملية ضمن خطة حكومية شاملة تستهدف رقمنة قطاع النقل، وتحقيق تحول فعلي في آليات العمل اللوجستي في سوريا.
لكن، وكما هو الحال في كثير من المبادرات، يبقى التحدي الأساسي في التنفيذ الفعلي وتجاوز عقبات التمويل والبنية التحتية، لتصبح الرؤية الرقمية واقعاً ملموساً ينعكس على الأداء والخدمة والمواطن..