الثورة – سامر البوظة:
بدعوة كريمة من المملكة العربية السعودية يتوجه السيد الرئيس أحمد الشرع على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزراء وكبار المسؤولين والخبراء الوطنيين للمشاركة في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (Fll)، إحدى أبرز المنصات العالمية للابتكار والاستثمار والتعاون الدولي، التي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض في الفترة ما بين 27 – 30 من الشهر الجاري، في خطوة تحمل الكثير من الدلالات السياسية والاقتصادية وتعكس عمق العلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تربط البلدين، وتؤسس لشراكات جديدة ومشروعات حقيقية وتعلن بشكل رسمي دخول سوريا إلى النهضة الاقتصادية الإقليمية، وأنها شريك فاعل في مسيرة التقدم وفي صنع القرار.
الكاتب والباحث السياسي عبد الله الحمد أكد أن هذه الزيارة تشكل من الناحية السياسية خطوة هامة جداً تؤكد على العلاقات الاستراتيجية ما بين دمشق والرياض، وتعطي إشارة هامة بأن سوريا اليوم مهتمة بالاقتصاد والاستثمار، خاصة في ظل مشاركة نخبة من القادة والمستثمرين وصانعي السياسات والرؤساء التنفيذيين والمبتكرين الأكثر تأثيراً في العالم في هذا الملتقى لمناقشة ومعالجة التناقضات ووضع استراتيجيات كبيرة لتحقيق عملية التنمية والازدهار الاقتصادي في المنطقة.
وأوضح الحمد في حديث لصحيفة الثورة أن هذه الزيارة تؤكد عمق العلاقات وتعكس التقارب السعودي السوري ليس فقط على المستوى السياسي، إنما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي أيضاً، فسوريا والمملكة العربية السعودية تربطهما علاقات قديمة وتاريخية، واليوم تجسد هذه الزيارة بوابة لدعم هذه التشاركية الكبيرة وفق الخط السياسي والخط الاقتصادي والاجتماعي وتعمق أيضاً الموقف الداعم من قبل المملكة لدمشق، كما تعطي إشارات لبعض الدول “المتأنية” في الانفتاح الاقتصادي على سوريا بضرورة المبادرة وفتح علاقات اقتصادية هامة، خصوصاً وأن سوريا اليوم تشكل بيئة هامة وخصبة وجاذبة للاستثمار، كون البلد خرجت حديثاً من حرب مدمرة امتدت لـ 14 عاماً، استنزفت البشر والحجر، ما يفتح المجال أمام جميع القطاعات والشركات بالاستثمار وعودة الحياة، خاصة مع وجود رغبة حقيقية وجادة لدى القيادة والحكومة السورية في إعادة إعمار وبناء سوريا الجديدة والتوجه نحو الازدهار الاقتصادي بدعم كبير من الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال
وأشار الحمد إلى أن سوريا مهتمة اليوم بالاطلاع على هذه المشاريع والندوات التي تشكل بيئة خصبة لمشاريع تهم إعادة بناء سوريا سواء على مستوى إعادة الإعمار أو الطاقة أو النفط أو المواصلات أو كل ما يهم البنى التحتية، لذلك سوريا مهتمة بهذه الشراكات الاستراتيجية عبر المملكة العربية السعودية التي تمثل بوابة آمنة وحليفاً قوياً ومتيناً في وجه جميع التحديات التي قد تتعرض لها سوريا.
وشدد على أهمية الاستفادة من مخرجات هذا المؤتمر ونتائجه التي ستنعكس بشكل مباشر على العملية الاقتصادية في سوريا وفي إعادة الإعمار وتحريك عجلة التنمية التي ستطول مختلف القطاعات، وذلك من خلال اللقاءات والاتفاقات التي من المتوقع أن تتم، بالإضافة إلى أنها فرصة لجذب الاستثمارات والتمويل اللازم للمشاريع التنموية والاستراتيجية، لاسيما وأنه سيتم التباحث مع هذه المؤسسات الكبيرة حول آلية وضع تشريعات وقوانين وأطر ناظمة لعمليات الاستثمار العصري الحديث، خصوصاً أن سوريا كانت مبعدة بشكل كبير ولمدة عقود عن أجواء الاستثمار العالمي وتخضع للعقوبات.
انفتاح عربي ودولي وإقليمي
وأضاف الباحث السياسي أن هذا الملتقى يأتي بالتزامن مع أنباء عن قرب التوصل إلى رفع تام لعقوبات “قيصر” عن سوريا، مشيراً إلى الجهود الأميركية من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب لإلغاء هذا القانون المجحف، فصعوبة قانون قيصر تكمن في أنه لا يعاقب سوريا فقط، إنما يعاقب أيضاً كل من يتعامل معها اقتصادياً.
وهنا لابد من الإشارة إلى موضوع مهم وهو أن هذه الزيارة تأتي في إطار الانفتاح العربي والإقليمي والدولي لاسيما من الولايات المتحدة الأميركية وحتى من روسيا والصين على سوريا وعلى الإدارة السورية الجديدة، حيث باتت سوريا قبلة للسفراء والدبلوماسيين واستقطبت جميع هذه الشخصيات والوفود والبعثات منذ سقوط النظام البائد في الـ 8 من كانون الأول – ديسمبر 2024، لذلك سوريا تبحث اليوم عن تعزيز علاقاتها الدبلوماسية، لكن في نفس الوقت لا تريد أن تخرج من إطارها العربي لأنها تعرف أن هذا الإطار هو الضمانة وهو الإطار الحامي لها وهو الجدار الأمني الأول لها.
وهنا نتحدث بشكل خاص عن المملكة العربية السعودية قلب العالم العربي، التي تشكل الثقل سواء على الصعيد العربي أو الإسلامي أو الدولي، لذلك تحاول دمشق أن توازن في علاقاتها وألا تخرج من إطارها العربي ضمن الاتفاقيات الاقتصادية وتبحث عن حصص كبيرة للأشقاء العرب ضمن الاستثمارات، لأن ذلك سينعكس إيجابياً على موقعها ضمن الخريطة الجديدة وسيؤدي إلى دعم عربي وإقليمي ودولي كبير ما يعزز مكانتها وموقعها السياسي.
الجدير ذكره أن مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار بنسخته التاسعة سينعقد في العاصمة السعودية الرياض في الفترة من 27 إلى 30 تشرين الأول – أكتوبر الحالي بمشاركة عربية ودولية واسعة، ويترأس السيد الرئيس أحمد الشرع الوفد السوري وسيعقد اجتماعاً رفيع المستوى مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، كما سيجتمع والوفد المرافق مع كبرى الشركات الاستثمارية والمؤسسات الاقتصادية العالمية في إطار جهود الحكومة السورية لجذب رؤوس الأموال والمشروعات النوعية إلى الداخل السوري بما يصب في مسار إعادة الإعمار وتحريك عجلة التنمية.