الثورة – حلب – جهاد اصطيف:
تعاني مدينة حلب عموماً، من مشكلة النظافة لأسباب مختلفة، منها قلة وعي الفرد البيئي، وغياب الرقابة الرادعة، وقلة اليد العاملة والآليات وسواها.
وفي جولة قصيرة على عدد من الأحياء فيها، تدرك وببساطة أنها تعاني من هذه المشكلة بوضوح، خاصة في الأحياء الشعبية منها والمكتظة سكانياً، ما يسبب بعض المشاكل في الصرف الصحي، أو رمي النفايات فيها، وإلى جانب ضعف الرقابة وغياب المساءلة وعدم تفعيل القوانين، تبدو قلة وعي المواطنين حيال أهمية الحفاظ على النظافة في الأماكن العامة العائق الأكبر أمام الوصول إلى بيئة نظيفة وآمنة، تعززها عادات خاطئة وتنشئة لا مبالية بالنظافة العامة.
نقص اليد العاملة..
لا يحظى مستوى النظافة في حلب برضا المواطنين كثيراً، ويعاني مجلس المدينة نقصًا كبيرًا في العمالة لجهة النظافة، إضافة لنقص المعدات والمحروقات المخصصة وغيرها، فضلاً عن عدم توفر حاويات قمامة كافية، وتعرض كثير منها للتلف، ليبقى المواطن بانتظار عقود جديدة تغطي من خلالها ” البلدية ” ما أمكن من حواريها وشوارعها.
النباشون يزيدون الطين بلة..
وفي المقابل يرصد مواطنون تراجع مستوى النظافة، ويتحدث عدد ممن التقيناهم عن سلوكيات تسهم في تكريس هذا الانطباع ومن بينها إلقاء النفايات قرب الحاويات وحرقها عدا عن نبشها من قبل بعض ” النباشين ” وما أكثرهم هذه الأيام لتتحول إلى آفة صحية.
وأمام عدم انتشار ثقافة المحافظة على النظافة في الأماكن العامة يتضاءل حجم الإقبال على ثقافة التدوير وفرز النفايات، إذ إنها لا تحظى بإقبال كبير حتى اللحظة على ما يبدو.
وفي مقابل الشكوى المريرة من تدني مستوى النظافة تبرز ظاهرة إعادة التدوير بشكل عشوائي، فما إن تبدأ ساعات الفجر الأولى وتعانق خيوط الشمس أحياءها وحواريها حتى ينتشر الكثير من الذين يعتاشون على مهنة ” نبش حاويات القمامة “، وبينهم نساء ورجال وحتى أطفال من مختلف الأعمار، يلتقطون كل ما تطاله أيديهم ويمكن بيعه أو الاستفادة منه على نحو يؤمن لقمة العيش لمئات الأشخاص الذين ينخرطون يومياً في هذه المهنة، وهذه المهنة بالطبع أفرزتها الظروف الاقتصادية الصعبة وأجبرت كثيرين على التحول راغمين إلى أدوات لإعادة التدوير، إذ يجمع هؤلاء بشكل فوضوي كل ما يمكن التقاطه من نفايات بينما لا تزال ثقافة إعادة التدوير بشكل منظم وعلمي غائبة.
التربية البيئية هي الحل..
وهنا يرى مهتمون بالأمر أن الوعي هو أساس تعديل السلوك بأن يعلم المواطن أن الاهتمام بالبيئة أمر له أولوية، وليس رفاهية، فالتغييرات المناخية التي تحدث بسبب ملوثات الهواء والمياه تؤثر في صميم قوت يوم المواطن، ويشير هؤلاء إلى أن السلوك العام الذي يمكنه أن يجعل من شوارع مدينة أو منطقة ما نظيفة وتخضع لمعايير حماية البيئة، يتعلق بأمرين، الأول تحدده القوانين والتشريعات الموجودة بالفعل، فمن يخطئ سيعاقب، والثاني ينبع من الإنسان نفسه، مستبعدين أن يكون القانون وحده ضمانة لتغيير السلوك البيئي للأفضل، لافتين إلى أنه من المستحيل أن يراقب المعني بهذا الأمر الجميع في كل وقت، لذلك تأثيره سيكون محدوداً.
ويوضح هؤلاء أن التربية والوعي والشعور بالمسؤولية، أشياء داخلية نابعة من الشخصية، وينبغي تنميتها في هذا الاتجاه وهذا هو الشق الثاني والأهم في رأيهم.