الثورة – ترجمة غادة سلامة:
يتسم الموقف الأوروبي من قضية فلسطين، بطبيعة معقدة ومتناقضة في كثير من الأحيان بين مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، بما في ذلك المفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي.
لكن التطورات الأخيرة أبرزت أن الموقف الأوروبي ثابت بانحيازه لـ”إسرائيل”. فلم يتضمن نهج الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الحرب الوحشية الإسرائيلية على غزة دعوات لوقف إطلاق النار الفوري أو إنهاء معاناة الفلسطينيين. بالعكس هناك توافق أوروبي مع دعم الإدارة الأميركية الواضح لـ”إسرائيل”.
هذا وأظهرت المواقف الفردية للدول الأعضاء تبايناً كبيراً. فقد اتخذت بعض دول الاتحاد الأوروبي خطوات جريئة، مثل الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين أو إدانة الهجمات الإسرائيلية الوحشية على غزة. على سبيل المثال، اعترفت أيرلندا وإسبانيا والنرويج وسلوفينيا بدولة فلسطين على مدى الأشهر القليلة الماضية، ما يمثل تحولاً كبيراً في الدبلوماسية الأوروبية لبعض الدول.
وتشير هذه التحركات إلى انقسام متزايد في موقف الاتحاد الأوروبي المؤيد لإسرائيل تقليدياً، وتمثل انحرافاً عن دعمه التاريخي للاحتلال الإسرائيلي، ما يعكس تحولاً أوسع نطاقاً نحو موقف أكثر توازناً.
ويتجلى هذا التحول أيضاً في الاحتجاجات واسعة النطاق في مختلف البلدان الأوروبية التي تدين السياسات الإسرائيلية وتعرب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني.
ومن المرجح أن يستمر الاتجاه نحو الاعتراف بفلسطين؛ وقد أشارت مالطا بالفعل إلى نيتها في اتباع نفس النهج. وإذا استمر هذا الاتجاه، فمن المتوقع أن تعترف 13 دولة من الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي رسمياً بفلسطين في المستقبل القريب.
وهذا من شأنه أن يمثل مكسباً كبيراً لفلسطين وقضيتها على الساحة الدولية، نظراً لأن العدد الإجمالي للدول التي تعترف بفلسطين يبلغ الآن 146 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
إن هذا التحول في السياسة الأوروبية لبعض الدول يمثل رغبة دولية أوسع نطاقاً في محاسبة “إسرائيل” على انتهاكاتها لحقوق الإنسان وجرائم الحرب.
وفي هذا السياق، تعكس تصريحات رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بأن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس لديه خطة سلام لفلسطين” إحباطاً أوروبياً متزايداً من سياسات “إسرائيل” العنصرية، ورغبة في اتباع نهج أكثر جوهرية وفعالية في التعامل مع وحشية العدوان الإسرائيلي على غزة.
ورغم هذه التطورات الإيجابية، فإن الموقف الأوروبي يظل متعدد الأوجه ويواجه تحديات كبيرة.
إن الانقسامات الداخلية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والديناميكيات السياسية المعقدة داخل أوروبا تساهم في تبني نهج مجزأ تجاه “إسرائيل”. ففي حين تسعى بعض الدول إلى تعزيز الدعم لحقوق الفلسطينيين، تظل دول أخرى داعمة لـ”إسرائيل”، وهو ما يعكس الاعتبارات الجيوسياسية والإستراتيجية الأوسع التي تؤثر على السياسة الخارجية الأوروبية.
إن احتمالات اندلاع أزمات متتالية في العلاقات بين “إسرائيل” والاتحاد الأوروبي مرتفعة، خاصة وأن الحكومة الإسرائيلية تستعد لاتخاذ إجراءات دبلوماسية عقابية ضد الدول التي تعترف بفلسطين.
ومن شأن هذا الرد من جانب “إسرائيل” أن يزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي، ما يؤدي إلى استمرار التوترات بين “إسرائيل” والدول الأوروبية التي اعترفت بحقوق الشعب الفلسطيني.
المصدر – ميدل ايست منتيور