الدكتور كوسا لـ”الثورة”: تشجيع الصادرات يحتاج لقرارات وإجراءات اقتصادية شجاعة

الثورة – دمشق- بيداء الباشا:

لماذا انخفضت الصادرات..؟ وحتى نجيب علينا أن نسأل أولاً، هل لدينا إنتاج كبير يمكن أن يغطي السوق المحلية، ويحقق فائضاً جاهزاً للتصدير، وأيضاً هل تكاليف الإنتاج منافسة وتتيح للمنتجين تحقيق أرباح مقبولة في حال التصدير والمنافسة في الأسواق العالمية أو حتى الإقليمية.
كما أن التساؤل الآخر حول السياسات الاقتصادية الحالية ومدى دعمها لتوجهات التصدير، وثمة ملاحظة مهمة حول المناخ العام، وما يسوده من المتغيرات المحلية والدولية السياسية والاقتصادية والعسكرية، وإن كانت تؤثر على التصدير.
الصعوبات والتحديات
بهذه العبارات كان رد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا لصحيفة الثورة حول أسئلتنا عن التصدير الزراعي والصناعي، ليبدأ بالحديث عن العقبات والصعوبات التي تواجه الزراعة والصناعة، طبعاً الزراعة تواجه موضوع مستلزمات الإنتاج بما فيها من الأسمدة، الوقود، المياه وغيرها من الأمور في مواجهة الإنتاج الزراعي، ومن الأمثلة سعر الصرف، فهو يؤثر على تأمين معدات وآلات الزراعة بأسعار مرتفعة، كذلك أسعار الطاقة وأجور اليد العاملة المرتفعة، كلها تزيد من التكاليف على المنتج وفي المقابل يبيع منتجاته بأسعار منخفضة للتجار الوسطاء، وهذا بدوره يتسبب بخلل أو عدم توازن بحالة التحفيز عند المزارعين لاستمرار الإنتاج.
ويعطي الدكتور كوسا في حديثه مثالاً عن مادة (الثوم) عندما زرع بكميات كبيرة، وتم بيعه بأسعار لم تغط تكاليف إنتاجه، وهذا يعني عدم وجود تخطيط، ولم تقم الجهات المعنية بإدارة هذا المحصول من البذار إلى التسويق، ولم تجنب المزارعين الخسائر، وتلك مسؤولية وزارة الزراعة وهي من الوزارات المعنية، سواء لجهة تحديد كميات الإنتاج، واحتياجات السوق المحلية أم أسواق التصريف الخارجية، وأيضاً لجان التسعير التابعة لعدة وزارات وهيئات من ضمنها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، كان لها دور بالتسعير مما تسبب بخسائر كبيرة بفترة من الفترات، فأحجم المزارعون في وقتها عن زراعة الثوم، وبالتالي العام الذي يليه كانت أسعار الثوم جداً عالية، حتى مسألة التصدير عن طريق وزارة الاقتصاد وفتح التصدير كان هناك عقبات.
وتابع: لا نريد أن نستفيض مع أن الكثير تحدث عن العقبات التي تواجه الإنتاج الزراعي، وما هي الحلول التي طرحت فيها جانب صحيح ومصيب نوعاً ما، لكن كحلول حقيقية لم نحصل على شيء من هذا النوع.
تخطيط حقيقي
ويرى الدكتور كوسا أن الحل الأفضل والأنسب حالياً أن نعمل على وضع خطط حقيقية زراعية، ونفس الأمر إذا أردنا أن ننتقل إلى الصناعة، فالصناعة مسألة أخرى لها شجونها عند الصناعيين والتجار، أو لدى الجانب الرسمي، فالجميع يقول إن منصة المواد المستوردة تسببت بإعاقة ما، وبعض منهم أشار إلى أن مستلزمات الإنتاج غير مؤمنة نتيجة الحصار وأسعار الصرف والكثير من القضايا الجانبية، بالإضافة إلى الإجراءات أو إنجاز بعض الأعمال الرسمية والإدارية، لكن المهم جداً للصناعة هو حالة الإنتاج الصناعي، ونحن لا نفكر بمشكلة أن هناك يداً ماهرة غادرت الصناعة، وهي لاعب أساسي في الإنتاجية وزيادة الإنتاج وجودته، وبالتالي لها تأثير على الصادرات، أو يوجد بعض الصناعات كانت تمتلك تنافسية أو لتكون لها ميزة نسبية عن مثيلاتها في الخارج، وهنا يجب التركيز على الصناعة كحلول، ومن المهم التركيز على الموضوع الحرفي أو الإنتاج الحرفي عن طريق الورشات الحرفية بشكل أكبر، فمصانعنا اليوم ولبعد سنة أو سنتين من الصعب أن تقلع، سواء القطاع العام أم القطاع الخاص لن يستطيعوا الإقلاع في المستقبل على وتيرة جيدة وتحقيق إنتاج صناعي مجهز للتصدير، أي المهم اليوم المضي وفق حالة تخطيط متوسطة المدى وبعيدة المدى ممكن السير فيها بهدوء.
ويضيف: أما حالياً إذا أردنا زيادة الإنتاج الصناعي بغرض التصدير يجب الاعتماد على موضوع الإنتاج الحرفي أي الصناعات الحرفية، فالأسواق العالمية منافسة بدرجة كبيرة لمنتجاتنا الصناعية، خاصة أن سعر الصرف لا يساعد في تأمين مستلزمات الإنتاج بتكاليف منافسة، فكثير من المستلزمات يتم تأمينها بعملة أجنبية من السوق السوداء، ومن ضمنها الطاقة ومنتجات الطاقة وما شابه من تكاليف النقل بمعنى زيادة التكاليف، وفي الإنتاج الصناعي مثلاً على مستوى المعامل الكبيرة تميز بلدنا بالصناعات (نسيجية تحويلية وغيرها من صناعات كانت قائمة سابقاً)، وكان يساهم بها القطاع العام بشكل واسع، لكن حالياً هو خارج المساهمة، حيث يعاد النظر فيها أي بمعنى آخر لا يوجد فائض هذا إن وجد الإنتاج فيها.

بدائل المستوردات

واعتبر الدكتور كوسا أن موضوع التصدير للخارج سواء منتجات زراعية أم منتجات صناعية يواجه إنتاجاً منخفضاً لا يكفي السوق المحلية، والحكومة تعمل حالياً على موضوع بدائل المستوردات، لكن تبدو وتيرة العمل فيها منخفضة، ويتم العمل وفق وتيرة بطيئة طويلة الأمد في سياسة إحلال الواردات في مجال الصناعة أو غيرها.
تغيرات وميزة نسبية
وبحسب كوسا – لا نستطيع القول إن الصادرات متراجعة لسبب واحد أو سببين، بل هي مجموعة من العقبات والصعوبات والأهم أن نتوجه على موضوع جديد للحل إذا أردنا التحدث عن الحل، وهنا يجب أن نخلق أنشطة اقتصادية جديدة لأن الحياة تغيرت، والأسواق تغيرت أيضاً، والميزة النسبية لبعض الصناعات التي كنا نمتلكها أو نتميز بها سواء بالصناعة أو الزراعة تغيرت جزئياً.
تغيير النشاط الاقتصادي
ويقول الخبير الاقتصادي: دعونا ندرس أوضاع الأسواق العالمية بالدرجة الأولى والأسواق المجاورة، ماذا تحتاج ونحن ما الذي نستطيع أن نقدمه؟، أي نتكلم بطريقة أخرى، طالما أننا نسعى نحو اقتصاد جديد، يجب أن نغير قليلاً من أوجه الأنشطة الاقتصادية الممارسة في المستقبل لنخلق أخرى جديدة، منوهاً إلى وجود القدرة والإمكانيات، وعقول وفرص وأراض وخيرات وموارد كثيرة تحتاج إلى تنظيم، وإعادة النظر فيها.
الزراعة التعاقدية
وحول الزراعة التعاقدية وأهميتها لتنشيط الإنتاج الزراعي.. اعتبر الدكتور كوسا أنها تنظم الكثير من الأمور سواء بالنسبة للفلاح أم الحكومة، أم حتى لتأمين مستلزمات الإنتاج والموارد المادية للقطاع الزراعي، وثانياً هي التي تؤمن موضوع التسويق حتى أنها تتيح الفرصة لتثبت الأسعار وهي زراعة جدا مغرية لعدة نواح، أهمها أنها تخلق علاقات إنتاج جديدة، وتعتمد مبدأ تشاركي يعني بين رأسمال موجود غير المستخدم، أو يتم استخدامه بموضوع المضاربات أو الاكتناز، فهنا الزراعة التعاقدية تأخذ أو تمتص قسما كبيرا من هذا الرأسمال الممكن استخدامه في الزراعة أو التصنيع الزراعي، وخلق فائض إنتاج زراعي في حال وضعنا خطة حقيقية تتمحور حول ما نريده في المستقبل بالأنشطة الزراعية أو المنتجات الزراعية، أي بمعنى المحاصيل الضرورية، ولها فعالية بالسوق المحلية وعلى الأسواق المجاورة ويكون لدينا مساحة في الأسواق الخارجية لهذه المنتجات (سابقاً كانت الحمضيات وزيت الزيتون والخضروات تصدر إلى العراق وإيران وروسيا والكثير من دول الخليج ولا تزال مستمرة حالياً لكن بكميات أقل حتى المنتجات الحيوانية مستمرة)، ونستطيع أن نضع أحد الأسباب الرئيسية أن خطة الحكومة كانت غائبة بدءاً من وزارة الزراعة والاقتصاد والمالية والصناعة وكل الجهات المرتبطة بموضوع الإنتاج، وخصوصاً إذا كان زراعياً.
اتجاهات للحلول
وعند حديثنا عن الحلول رأى الدكتور كوسا أن هناك اتجاهين، الأول: نعمل على موضوع تقسيم الاقتصاد إلى جزر اقتصادية أو مناطق اقتصادية نعتني فيها ونرعاها بكل الإمكانات، وتكون بمثابة أقطاب تنمية، ونختار بعض المحاصيل الزراعية الإستراتيجية أو محاصيل أساسية القمح القطن الشوندر السكري زيت الزيتون، وغيرها، ومنتجات أساسية مثل زراعة البطاطا الثوم البصل الخضراوات.
تشجيع الصناعات الحرفية
أما بالنسبة للصناعة أيد الخبير الاقتصادي الاهتمام بالمشاريع الصغيرة وخاصة الحرفية بمراكز الإنتاج الصغيرة، ونبدأ ببعض الصناعات ونحدد إمكاناتنا من ناحية القدرات أو الموارد المادية أو من ناحية مراكز التسويق الخارجي لهذه الصناعات، ومن ثم ندخل إلى الإنتاج عن طريق المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
واختتم الدكتور كوسا حديثه متسائلاً.. إن كان الوضع المعيشي ومقدرة الدخول الشرائية تتيح إمكانية التوسع في الطلب، وبالتالي زيادة الإنتاج وتحقيق فائض، وهناك السؤال الأهم هل يجب أن تكون اليوم الصادرات أولوية اقتصادية وحلا أول لمشكلات الاقتصاد والمجتمع، أم أن هناك أولويات أخرى يجب التفكير فيها وحلول أفضل لمشكلات الاقتصاد، ومنها البطالة وتدهور الإنتاجية وسوء الأداء الاقتصادي، والتضخم بسعر الصرف هذا من جانب، ومن جانب آخر هناك الصحة والتعليم وإعادة الإعمار والبنى التحتية لها أولوية وحلولها مختلفة، والتعاطي معها يجب أن يخلق مفردات جديدة للحل بعيداً على تخفيض الإنفاق الحكومي، وتثبيت سعر الصرف وتثبيت الأجور والرواتب.

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق