الثورة- منهل إبراهيم:
لا يمكن تفسير الخطاب الصهيوني المتناقض والمتضارب حول “الجبهة الشمالية” سوى بعارض هستيري أصابهم من وقع صدمة دخولهم دوامة ما كانوا يتوقعونها، ومكوثهم في خانة الإدراك أنّ هذه المعركة ليست كأيّ من سابقاتها، أي هي معركة تحدّد مصير كيانهم، بل وجود كيانهم.
ويقول ما يسمى وزير الهجرة في كيان الاحتلال: “يجب التوصّل إلى حلّ سياسيّ ينهي التصعيد في الشمال”.
أما محلّل الشؤون العسكرية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” فيقول: “حزب الله يطلق النار من دون أن يرفّ له جفن على المستوطنات في المنارة والمطلّة وقدرة ردّ الجيش الإسرائيلي محدودة”.
ويقول ما يسمى وزير “الأمن القومي” إيتمار بن غفير: “نستعدّ لحرب طويلة على الجبهة الشمالية”.
وتعترف صحيفة “معاريف” : “إذا كانت “إسرائيل” قد أنشأت بعد حرب لبنان الأولى منطقة أمنية بعرض 24 كيلومتراً في جنوب لبنان، فإن هناك اليوم منطقة أمنية بالفعل، ولكنها موجودة في شمال “إسرائيل””.
توقعات الصهاينة حول الجبهة الشمالية تترجم رعبهم المتراكم ومخاوفهم المتزايدة لا سيما بعد أن خلت جميع الوحدات السكنية شمال فلسطين من المستوطنين الذين نزحوا نحو وسط فلسطين، وبعد أن توقفت المصالح الاقتصادية في كلّ الشمال.
أكثر من ذلك، في ظل رفض المستوطنين العودة حتى وإن هدأت جبهة الشمال على حدّ قولهم، في الوقت نفسه، يدّعي جيش الاحتلال الموتور أنّه يسطّر إنجازات في جنوب لبنان، تارة يبثّ فيديوهات استهداف منازل خالية من سكانها وطوراً يستعرض في كيفية اغتياله للمقاومين على اعتبار أن الاغتيال عن بعد هو “انجاز عسكري”!
يهدّد على ألسنة بعض ضباطه ويتناسى أنّ التقارير المتحدثة عن رفض الجنود المجيء إلى جبهات القتال وحالات الإنهيار النفسي والعصبي التي تصيبهم هي تقارير متداولة وليست سريّة مهما حاول ضبط ما يُنشر من أخبار الجيش والجبهة.
ولا يلتفت هؤلاء لحجم الأزمة التي يواجهها الكيان الصهيوني بعد أن ثبت له على مختلف المستويات أن “زمن أوّل تحوّل” وأن “إسرائيلهم” هذه لم تعد تخيف أحداً ولا سيّما بعد أن “ركبت أعلى ما في خيلها” قتلاً وتدميراً وانتهاكاً لكافة المحرّمات الإنسانية.
وكشفت دراسة أجراها معهد “مكابي” للأبحاث والابتكارات، قفزة غير مسبوقة في شراء الأدوية المهدئة داخل الكيان منذ اندلاع أحداث السابع من تشرين الأول من العام الماضي، حسبما نشرت مصادر إعلامية اليوم.
وعلقت المصادر الإعلامية على الدراسة، بقولها: “بناء على المقارنة التي أجريت بين العدوان على لبنان عام 2006، وبين الأحداث الأخيرة منذ 2023، فنسبة شراء الأدوية المضادة للقلق تجاوزت 204%، وتبين أن هذا الارتفاع الملحوظ لم يقتصر على مناطق خط المواجهة – كما حدث عام 2006 – بل شمل كافة أنحاء الكيان الصهيوني”.
وأكدت المصادر الإعلامية أن “تعويل الاحتلال على ترسانته العسكرية والدعم الغربي لتعزيز وجوده في الأراضي الفلسطينية المحتلة أثبت بالتجربة أن المتضرر منه ليس الفلسطينيين ولا دول الشرق الأوسط وحدهم، بل يمتد ضرره إلى من يقطنون داخل هذا الكيان الجرثومي الذي زرع عنوة في المنطقة لأهداف استعمارية نفعية خالصة.”