سوريا تدخل “التحالف الدولي” باتفاق سياسي.. كيف سيكون شكل العلاقة؟

الثورة – نيفين أحمد :

في خطوة وُصفت بأنها تحول نوعي في مسار السياسة الخارجية السورية أعلنت الحكومة في دمشق توقيع “إعلان تعاون سياسي” مع التحالف الدولي لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أكده وزير الإعلام حمزة المصطفى، في تصريح لوكالة “رويترز”.

وأوضح المصطفى، أن الاتفاق “سياسي بحت” في هذه المرحلة ولا يتضمن أي مكونات عسكرية، مشيراً إلى أنه يهدف إلى تعزيز التنسيق الدبلوماسي وتبادل الرؤى مع شركاء التحالف في ملفات مكافحة الإرهاب في إطار رؤية سورية جديدة تنطلق من مبدأ الانفتاح والتعاون المتوازن من دون المساس بالسيادة الوطنية.

تحول في النهج السوري

يأتي توقيع الإعلان في وقت تشهد فيه سوريا إعادة صياغة شاملة لسياساتها الداخلية والخارجية منذ مطلع العام الجاري، تزامناً مع تحولات سياسية يقودها الرئيس أحمد الشرع شملت إعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتعزيز التواصل مع القوى الإقليمية والدولية.

ويرى مراقبون، أن هذا الإعلان يمثل ترجمة عملية للتوجه الجديد الذي تبنّته دمشق بعد زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في “البيت الأبيض” وهي الزيارة التي مهدت لانفتاح دبلوماسي غير مسبوق بعد سنوات من القطيعة.

ويؤكد محللون، أن توقيع “إعلان التعاون السياسي” لا يعني تحالفاً عسكرياً جديداً، بل يشير إلى مرحلة من التنسيق السياسي المشترك بين سوريا والتحالف، خصوصاً في القضايا الأمنية والإنسانية ومكافحة تمويل التنظيمات المتطرفة، بما ينسجم مع رغبة دمشق في كسر عزلتها والانخراط مجدداً في المنظومة الدولية.

من جهته، أوضح وزير العدل ، مظهر الويس، في بيان أن “الاتفاق يمثل التزاماً سياسياً بالتعاون في محاربة الإرهاب ضمن الإطار القانوني الدولي دون المساس باستقلال القرار السوري”.

وأضاف الويس، نحن أمام مرحلة جديدة من العمل المشترك تقوم على أساس القانون الدولي، وتحترم حق الدول في حماية أراضيها وتنبذ استخدام مكافحة الإرهاب كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية.

وأكد الوزير، أن “المجاهدين في الشام كانوا الأسبق في قتال داعش والتبرؤ منه وذلك قبل نشوء التحالف بزمن طويل”، وأوضح: “لقد ثبت بالوقائع والتجارب أن داعش كانت بلاء على بلاد المسلمين وسبباً في تدخل القوى الكبرى”.

وأشار الويس، إلى أن السيادة اليوم للدولة السورية الجديدة وهي صاحبة السلطة والمسؤولة شرعاً وقانوناً عن حفظ الأمن وحماية المواطنين ومن واجبها حمايتهم أيضاً من خطر “داعش”.

ويشير مراقبون، إلى أن تصريحات الويس تعكس انفتاحاً محسوباً ومشروطاً يسعى للحفاظ على توازن العلاقات السورية، بين الشرق والغرب من دون التنازل عن ثوابت السيادة الوطنية.

الجدير ذكره، أن “التحالف الدولي” لهزيمة تنظيم “داعش” عام 2014 بمشاركة أكثر من 89 دولة بقيادة الولايات المتحدة، بهدف تنسيق الجهود العسكرية والسياسية والإنسانية لمواجهة التنظيم في سوريا والعراق.

تحركات ميدانية متزامنة

أطلقت وزارة الداخلية السورية حملة أمنية واسعة ضد خلايا تنظيم “داعش” في عدد من المحافظات بالتعاون مع إدارة مكافحة الإرهاب.

شملت المداهمات مناطق في ريف حلب ومدينة حمص وريفها، وأسفرت عن اعتقال 11 شخصاً وضبط ألغام ولوحات سيارات وأجهزة لاسلكية.

ونفّذت بالتعاون مع وحدات الجيش مداهمات في ريف حمص الشرقي ودير الزور أسفرت عن تفكيك خلايا كانت تخطط لاستهداف طرق الإمداد والمنشآت النفطية.

وامتدت الحملة، إلى ريفي دمشق وإدلب عقب إعلان انخراط سورية في التحالف الدولي ضد “داعش” خلال زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن.

كما أعلنت وزارة الداخلية، يوم الأحد الفائت، تنفيذ حملة أمنية استهدفت مواقع تنظيم “داعش” الإرهابي، بمحافظة دير الزور شرقي البلاد.

وقالت الوزارة في بيان صحفي، إن الحملة تأتي ضمن سلسلة عمليات تهدف لإحباط مخططات تخريبية تمس أمن المواطنين. وكان المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، أعلن السبت الفائت، أن الحملة الأمنية التي تقوم بها وزارة الداخلية بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة تأتي في سياق العمليات الوقائية وتهدف إلى إلغاء أي خطر لتنظيم “داعش” قبل بدايته.

وأوضح البابا، أن العمليات شملت 61 مداهمة و71 اعتقالاً في مختلف المحافظات السورية، واستهدفت مخازن ذخيرة وسلاحاً وأوكاراً تحتوي على متفجرات تابعة للتنظيم. وأشار الناطق باسم وزارة الداخلية، إلى أن التنسيق بين الاستخبارات العامة ووزارة الداخلية يعتمد على تهيئة وتحضير المعلومات الصحيحة، مؤكداً أن العملية استباقية وجرى خلالها ضرب خلايا “داعش” في أكثر من منطقة ومحافظة.. ويؤكد مسؤولون في الوزارة، أن التعاون الجديد مع “التحالف الدولي” سيسهم في تطوير القدرات الفنية والاستخباراتية، إلى جانب تعزيز العمل القانوني لتجفيف منابع التطرف.

أبعاد سياسية واستراتيجية

يأتي توقيع الإعلان في لحظة حساسة تتقاطع فيها مصالح القوى الإقليمية والدولية في الشرق الأوسط. ويرى محللون أن هذا التقارب قد يفتح الباب أمام مفاوضات جديدة حول ملفات اقتصادية وأمنية، بما في ذلك رفع العقوبات المفروضة بموجب قانون “قيصر” وتسهيل دخول الاستثمارات الأجنبية في مشاريع إعادة الإعمار. في المقابل تواجه الحكومة السورية تحديات داخلية كبيرة، أبرزها إعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز الثقة بين المكونات الوطنية بعد أكثر من عقد من الحرب. منذ تحرير سوريا، شاركت دمشق في عدد من الاجتماعات التقنية التي عقدها التحالف في عدة دول بصفة مراقب، قبل أن يتمّ الاتفاق مؤخراً على صيغة تعاون سياسي رسمي. هذا التحوّل وفق تحليل المراقبين يعكس رغبة سوريا في الانتقال من موقع المواجهة إلى موقع الشراكة مستفيدة من خبرتها الميدانية في مكافحة الإرهاب؛ لتأكيد حضورها كطرف فاعل في الجهود الدولية لإحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.علاوة على ذلك، إعلان التعاون السياسي بين سوريا والتحالف الدولي ضد “داعش” يمثل مؤشراً على تحوّل استراتيجي في توجهات دمشق يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الانفتاح المتوازن بعد سنوات من العزلة.

آخر الأخبار
النور مكلف والشتاء قادم... فهل تكون الشمس هي الخلاص؟ اللحوم حلم على موائد المواطنين .. سعر جنوني يثقل فاتورة الشراء تحذيرات  من "الجفاف المتضافر"  على الموسم الزراعي مرحلة جديدة.. سوريا والعراق يوقعان على "إطار أمني" استعداداً لمرحلة ما بعد الأسد المخلوع ما الذي يعنيه فتح السفارة السورية في واشنطن؟ سوريا تتحول إلى "ممر اقتصادي".. مشاريع الطاقة والنقل تعيد تعريف دورها الجيواستراتيجي الكتاب الورقي.. عودة الروح إلى الصفحات شركة الصرف الصحّيّ بحمص تطالب بتعديل التشريعات واستبدال آلياتها المتهالكة ترامب طلب تمديد اللقاء مع الشرع في "البيت الأبيض" الوزير الشيباني: بحثنا في واشنطن الملف السوري بجميع جوانبه وإعادة الإعمار ضمن سياق جديد سوريا تدخل "التحالف الدولي" باتفاق سياسي.. كيف سيكون شكل العلاقة؟ نحاسيات سوق مدحت باشا.. تفاصيل صغيرة تخبىء فلسفة الحياة ترامب بعد لقائه الرئيس الشرع: سأبذل كل ما في وسعي لإنجاح سوريا مازوت التدفئة للمدارس الجبلية بطرطوس ينتظر التمويل العمل عبر الإنترنت.. هل بات حلاً بديلاً للهجرة الاقتصادية؟ الرياح.. قوّة الطبيعة لإعادة التوازن لشبكات الكهرباء ترامب يتعهد بدعم القيادة السورية بعد لقائه الرئيس الشرع في "البيت الأبيض" المنشآت السياحية بحلب تنضم لحملة "حلب ست الكل" "سويفت".. يعزّز ثقة المستثمرين بقدرة النظام المصرفي من الورق إلى الشاشة.. هل التعليم الإلكتروني خيار أم ضرورة؟