النور مكلف والشتاء قادم… فهل تكون الشمس هي الخلاص؟

الثورة – ناديا سعود:

لم تعد الكهرباء مجرد خدمة أساسية، بل تحوّلت إلى عبءٍ ثقيل يحسب له المواطن ألف حساب، فبعد أن طال زمن انقطاعها في السنوات الماضية، جاء زمن “الوفرة المكلفة”، حيث أصبحت ساعات التغذية الطويلة تعني فواتير مضاعفة تفوق قدرة أغلب الأسر على التحمل.

ورغم أن كثيرين يرون في استقرار الكهرباء مؤشراً إيجابياً، إلا أن كلفتها المرتفعة جعلت المواطنين يتساءلون عن بدائل واقعية، فهل يمكن للطاقة الشمسية أن تكون الحلّ؟
في هذا السياق، يؤكد عضو مجلس فرع نقابة المهندسين بريف دمشق، المهندس سمير مقدسي في تصريح خاص لصحيفة الثورة، أن سوريا تمتلك إمكانيات كبيرة للاستثمار في مجال الطاقات المتجددة بفضل وفرة الإشعاع الشمسي على مدار العام، والمساحات الواسعة القابلة لإنشاء محطّات كهروضوئية وكهروريحية.

ويشير إلى أن تنوع مصادر الطاقة في البلاد يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني ويعزز الاستقرار الطاقي.

دعم حكومي وتحفيز استثماري

يرى مقدسي أن تحسين وضع الكهرباء يتطلب تكامل الجهود بين القطاعين العام والخاص، وهو ما عملت الحكومة على تحقيقه من خلال سلسلة من الإجراءات التحفيزية للمستثمرين، شملت: إعفاء مشاريع الطاقات المتجددة من ضرائب الأرباح، إعفاء معدّات الطاقة من الرسوم الجمركية.

تقديم قروض مصرفية ميسرة لتمويل المشاريع، تأمين ضمانات للمستثمرين لتشجيع دخولهم إلى هذا القطاع الحيوي.

كما أصدرت وزارة الكهرباء قرارات تنظيمية جديدة تتعلق ببيع الفائض من الطاقة المنتجة، سواء للمشتركين الذين ينشئون مشاريع للتغذية الذاتية مع بيع الفائض، أو للمستثمرين الراغبين في إقامة محطّات لبيع كامل الإنتاج، ما يفتح الباب أمام سوق طاقة متجددة منظمة ومجدية اقتصادياً.

خطوة نحو التوفير الذاتي

أما بالنسبة للمواطنين، فيوضح مقدسي أن المنظومات الكهروضوئية المنزلية تمثّل حلاً عملياً لتخفيف الأعباء المعيشية، إذ تتيح لمن يمتلك القدرة المالية والمساحة المناسبة توليد جزء من احتياجاته الكهربائية، وبالتالي خفض قيمة الفواتير وتقليل الاستجرار من الشبكة العامة.

ويؤكد مقدسي أن الاستثمار في الطاقة المتجددة مشروع رابح بكلّ المقاييس، لا يقتصر مردوده على المستثمرين فحسب، بل يمتد ليشمل المهندسين والفنيين والعمال وجميع فئات المجتمع، لما له من دور في تحريك سوق العمل ودعم التغذية الكهربائية العامة.
ولكي تصبح الطاقة البديلة خياراً استراتيجياً وطنياً كما في كثير من دول العالم، يشدد مقدسي على ضرورة تطوير البنى التحتية لشبكات الكهرباء وتأمين نقاط ربط مناسبة للمشاريع الكبرى، إضافة إلى دعم المواطنين بقروض ميسّرة لتركيب منظومات منزلية، والعمل على تعديل نظام ضابطة البناء بما يضمن تخصيص أماكن مناسبة على أسطح الأبنية لتركيب الألواح الشمسية بشكل منظم وعادل بين السكان.
يبدو أننا أمام فرصة حقيقية للتحول نحو اقتصاد طاقي أكثر استدامة، حيث يمكن للطاقة المتجددة أن تشكّل محوراً رئيسياً في التنمية، وتمنح البلاد استقلالاً تدريجياً عن تقلبات أسعار الوقود، وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار والعمل والإنتاج.

حلم الطبقة الوسطى

بينما يرى المهندس علاء المشرقي المتخصص في تركيب أنظمة الطاقة البديلة، أن الطلب على الألواح الشمسية ارتفع بشكل ملحوظ مع ارتفاع أسعار الكهرباء، لكنه ما زال محصوراً في شريحة محدودة من الناس، من يملك دخلاً جيداً يتجه لتركيب منظومة طاقة شمسية لتغطية احتياجاته الأساسية من الإضاءة وتشغيل الأجهزة.

أما أصحاب الدخل المحدود فيكتفون بشراء بطاريات صغيرة أو أجهزة ترشيد استهلاك.
ويضيف المشرقي أن تكلفة تركيب منظومة شمسية متوسطة في المنزل تتراوح بين 10 إلى 15 مليون ليرة سورية، وهي كلفة تفوق قدرة معظم العائلات، رغم أنها توفّر استقراراً في التغذية وتقلل من الاعتماد على الشبكة العامة أو المولدات.

الخيار الأنسب

في ظل هذا الواقع، عاد المواطن السوري إلى التفكير بوسائل تقليدية للتدفئة والإنارة. بعضهم لجأ إلى المازوت والغاز رغم أسعارها المرتفعة، وآخرون اعتمدوا على البطاريات الصغيرة أو أجهزة “الإنفرتر” لتخفيف العبء.
ويرى المشرقي أن الطاقة الشمسية هي الخيار الأنسب على المدى الطويل، لكنّها تحتاج إلى دعم حكومي جدي لتكون متاحة للجميع، لو تمّ دعم المكونات الأساسية أو تخفيض الرسوم الجمركية، ممكن أن نرى تحولاً حقيقياً نحو الطاقة النظيفة وليس فقط عند القادرين.

اليوم، يعيش المواطن بين وفرة التيار وغلاء الفاتورة، بين نور متواصل وثمن لا يُحتمل. المواطنون يتمنون أن تبقى الكهرباء متاحة، لكن أن تبقى أيضاً في حدود المعقول.

حتى ذلك الحين، تبقى المعادلة صعبة: كيف نحصل على النور دون أن نحترق بفاتورته؟.

آخر الأخبار
تعليق "قيصر".. بوابة لإنعاش "التربية والتعليم" المنشآت العلفية والمراكز البيطرية بحلب تحت مجهر الرقابة لقاء الرئيس الشرع مع "النقد الدولي" تحول حاسم نحو الاقتصاد العالمي تفاهم بين جامعة حلب و"إنماء" لتعزيز التعاون في التنمية الزراعية الرئيس الشرع من واشنطن: الساحل في قلب الخطط التنموية والاستثمارية المقبلة صفوف مسبقة الصنع لمدرسة النجيح بدرعا الزراعة.. شراكات تنموية واستراتيجيات نحو أمن غذائي "مهرجان تسوّق حلب".. عودة الألق لسوق الإنتاج الصناعي والزراعي الهلوسة الرقمية.. شبح "الذكاء الاصطناعي الواثق" يهدد موثوقية التعليم تعزيز التعاون السوري الباكستاني في التعليم الطبي والتمريضي 133 إصابة لايشمانيا بدرعا في تسعة أشهر صناعيو الشيخ نجار يطالبون بالتوسع في تركيب كاميرات المراقبة قمع التعديات على خطّ الصرف الصحي في "معربة".. ولا تلوث يهدّد البيئة في ظل التحولات الكبرى.. هل فقدت "قسد" أي خيار إلا التفاوض مع دمشق؟ هاكان فيدان: شاركت في جزء من اجتماع الشرع وترامب وطرحت الرؤية التركية العامة بشأن سوريا رئة المواطن تئن .. عوادم السيارات ومخلفات الحرق تغتال الأوكسجين تجييش كبير بعد شجار طلابي.. وجامعة حلب توضح ما جرى النور مكلف والشتاء قادم... فهل تكون الشمس هي الخلاص؟ اللحوم حلم على موائد المواطنين .. سعر جنوني يثقل فاتورة الشراء تحذيرات  من "الجفاف المتضافر"  على الموسم الزراعي