رحلته بدأت مع حصار النظام البائد.. الخبير البكر لـ”الثورة”: إدلب نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي والزراعة على مدار العام

الثورة – رولا عيسى ورسام محمد:
تشبيه واقعيٌ إذ نقول الأرض أمٌ، فهي من تأويك عندما تُغلق في وجهك كل الأبواب وتعطيك من قلبها حتى لو كانت في خريفها.
تماماً هذه هي الفكرة التي تترسخ لديك عندما تستمع لحديث المهندس الزراعي موسى البكر، فإذا ما امتزجت الدراسة الأكاديمية مع الخبرة ومحبة الأرض، مضافاً إليه تحمل المسؤولية في الوقت الصعب، فسيتحقق إنجاز فريد.
لم تنته أفكاره على مدى سنوات الحصار والقصف العشوائي لأرضنا الخضراء في الشمال وبدأت من القمح، ليكتشف تفوقت على النظام البائد وحققت الاكتفاء الذاتي.
– 1000 كيلو للدونم:
يقول المهندس البكر في لقائه الأول مع صحيفة الثورة: إن تزايد عدد السكان في إدلب وقرى من ريف حلب من 300 ألف نسمة إلى 4 ملايين خلق ضغطاً سكانياً هائلاً، ما استوجب التفكير بحلول للتخفيف من الاستيراد، وكان العمل لخطة زيادة الإنتاج الزراعي، وانتقلنا من 400 كيلو إلى طن وأكثر، إلا أنه بقي أقل من حاجة السوق، وكان علينا الاستيراد والذي وفر بدوره الكثير من فرص العمل.
– بيوت بلاستيكية:
ويروي تجربته قائلاً: التربة في إدلب لا تصلح لزراعة الخضراوات بكل أشكالها، وهنا برزت- بحسب البكر- الحاجة للبيوت البلاستيكية في المنطقة القريبة من الساحل من دركوش إلى الداما، وبالفعل نجحت التجربة وتم تأمين كمية كبيرة من حاجة الناس من الخيار والبندورة والكوسا وأنواع أخرى خفضت الحاجة للاستيراد، بالإضافة إلى تحريك دورة رأس المال.
– الزعفران تحرر أيضاً:
ويشير إلى أنه بعدما أن احتكرت إيران زراعة الزعفران، وكانت تمارس رقابة على زراعته، إلا أنه سرعان ما انطلقت هذه الزراعة في الشمال وهذه هي السنة الرابعة التي تنتجه محافظة إدلب بعد أن نالت حريتها من عام2011.
وعلى حد تعبير المهندس البكر، فإنه تم استغلال كل المساحات الصغيرة 50- 100م، وبالرغم من أن الأنواع المزروعة لم تكن من الصنف الأفضل، مع ذلك وصل سعر الغرام الواحد إلى 15$، ويوضح أن البيئة السورية صالحة لإنتاج الزعفران باستثناء المناطق الساحلية بسبب الرطوبة العالية.
ويبين أن موسم قطاف الزعفران ٢٠ يوماً تزرع في الشهر التاسع، وكل بصلة تعطي 4- ٥ بصلات.
– إدلب صديقة للبيئة:
ويقول: إنه ونتيجة الصعوبة في تأمين المازوت بسبب الحصار كان لابد من الاعتماد على السقاية بالطاقة الشمسية، وفي 2021 زار وفد من الأمم المتحدة المحافظة ولم ير أدخنة المضخات نتيجة عدم القدرة على تأمين الوقود، فكتب في تقريره (إدلب صديقة للبيئة).
– 800 فيديو زراعي:
وعن تجربته الوثائقية الزراعية، أشار إلى أن لديه 56 ألف متابع على “الفيسبوك”، ويضيف أن الدافع لإنتاج برنامج يختص بالزراعة هو افتقار المرحلة السابقة في عهد النظام البائد لبرنامج قريب من الفلاح، ويساعده على حل مشكلاته ونقل تجربته، ولذلك أنتج 85 حلقة مدة كل حلقة 12 دقيقة والبرنامج من إعداده وتقديمه وقبلها لديه 800 فيديو يخص الزراعة يقدم فيها نصائح واستشارات مجانية للمزارعين توفر عليهم دفع أثمان أدوية بعشرات الآلاف، وعلاجها بليرات قليلة.
– المورينغا للنحالين:
في حديث الخبير الزراعي البكر كان للمورينغا نصيب، ويؤكد أن زراعتها في سوريا انطلقت من الشمال ولها فوائد كثيرة، بالإضافة إلى أن فترة إزهارها تستمر لمدة 8 أشهر، وهذا هام جداً للنحالين، وعسل المورينغا ثاني أغلى عسل بعد الزعفران.
– أفكار لمشاريع صغيرة:
وفي صلب عمل المهندس البكر أفكار لمشاريع تحقق دخلاً عالياً برأس مال قليل، يبدأ من 100-200$ فقط، كالفطر المشروم الذي يُزرع في أقبية المنازل وزراعة المساكب (الشتول او الورود) التي تعتمد البذور، والتي يمكن بيعها بحسب طلب السوق.
– 130000 طن فائض زيت الزيتون:
ويفيد أنه خلال سنوات الحصار لم تكن الأولوية للتصدير بل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، فزرعنا الكركم والزنجبيل، وحققت إدلب فائضاً في زيت الزيتون وصل إلى 130ألف طن، واليوم يوجد في المحافظة 17 مليون شجرة زيتون.
ويؤكد البكر أن إنتاج إدلب في سنوات ما قبل الحرب وصل إلى 500 ألف طن، لكن ما حصل أن أشجار الزيتون كانت هدفاً للقصف والقطع مما جعل الإنتاج يتراجع إلى أكثر من النصف.
– مزروعات الجفاف:
وتطرقنا في الحديث مع البكر إلى كيفية تدارك مواسم الجفاف في ظل الظروف المناخية المتغيرة، وأوضح أن الزراعات المناسبة لموسم الجفاف هي النباتات الطبية والعطرية كاليانسون وحبة البركة والكمون والقمح والشعير.
وأضاف أن الحفاظ على المسطحات المائية هو من أهم العوامل لمحاربة الجفاف وهذا يتم من خلال الحفاظ على المياه الجوفية، وكذلك زراعة الأشجار بغية تحقيق الاستدامة، وتحسين الموارد البيئية المرتبطة بالتغيرات المناخية.

وعن تقديم الإرشادات العلمية يرى أن التعامل المباشر مع المزارع له فائدة للجانبين، ومن خلال الجولات والتعامل مع المزارعين، وثمة مفاجآت لعدة مشاريع كانت ثمرة للقاءات المتكررة مع المزارعين وكذلك المنظمات الدولية المهتمة.
– أقل تكلفة:
أما أنجح المشاريع الزراعية وأقلها تكلفة يقول: إن زراعة الفطر يمكن أن تبدأ بعشرة دولار وتصل لآلاف الدولارات، مضيفاً: مشروع الفطر بسيط يحقق دخلاً واكتفاء ذاتياً، وولد هذا المشروع من رحم المعاناة في فترة الحصار، حيث تم تحويل التبن إلى مادة قابلة للأكل في مرحلة الحصار بالغوطة عبر عدة تجارب ناجحة، ويمكن لهذا المشروع تشغيل عشرة عمال إذا كان كبيراً.
– على مدار العام:
وتطرق أيضاً إلى تجربة الزراعة عبر الأنفاق في مناطق تكون جبلية لمحاصيل، مثل الكوسا والخيار وتحصل منتجاً في غير وقته وتحتاج إلى بئر، والغاية منها مقاومة الصقيع وهي تشبه البيت البلاستيكي يمكن أن تكون في المنطقة وعرة مدرَّجة قريبة من المنازل والنفق بعمق ٣٠- ٦٠سم، والتكاليف بين ١٥٠- ٢٠٠ دولار، فالمزارع بذلك يستمر بالزراعة ليكون على مدار العام، مؤكداً أنه يجب مواكبة المزارع في كل المراحل ليستمر بالعطاء.
– صانع محتوى اختصاصي:
المهندس البكر، وعلى الرغم من وصول عدد متابعيه إلى 56 ألفاً، فلا يصنف نفسه إعلامياً كما يفعل الكثير من الفيسبوكيين ونجوم السوشال ميديا، بل يقول أنا لست إعلامياً ولاصحافياً، أنا صانع محتوى اختصاصي، وكانت محاولة لتغيير الفكرة التي سادت عن السوري بأنه فارغ وبلا عمل بسبب صناع “المحتوى غير الهادف”.
عين على الزراعة.. هو الهدف بالنسبة للخبير الزراعي، لأن التواصل مقسوم على ثلاث شرائح الداخل، والمغتربين، وشريحة العرب.
وأما عن المشاريع القادمة يقول: إنها ستكون في درعا والشام (الغوطة والربوة وعربين)، فالتجربة الفعلية بدأت منذ ثلاث سنوات وكان وقتها يعطي نصائحه من إدلب لمزارعين في درعا وحمص والساحل أيضاً.

آخر الأخبار
دعماً لمستشفى درعا الوطني.. رجل الأعمال موفق قداح وأبناؤه يقدمون 200 ألف دولار تعاون مع  "أطباء من أجل حقوق الإنسان" لتعزيز الطب الشرعي انطلاق الجلسة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في السويداء تجمع أبناء الجولان المحتل بدرعا:  النظام البائد باع الجولان وهمش أهله ونقف مع إدارة سوريا الجديدة هل تستعيد حلب دورها الاقتصادي؟ الاحتلال الإسرائيلي يضع بوابة على مدخل المحمية الطبيعية في بلدة جباتا الخشب في الجولان غراندي: تعزيز جهود التعافي المبكرة في سوريا ضرورة لعودة اللاجئين سوريات يخلقن فرص عمل.. مشاريع منزلية بعضها يعود إلى 45 عاماً استجابة لما نشرته "الثورة".. نقل درعا تعيد دائرتها للصنمين مدرسو كلية الفنون الجميلة تجمعهم كلمة "سوريا" محمد المحاميد.. الشهيد الذي وُضع في ثلاجة الموتى حياً وكتب وصيته على جدرانها بدمه "الولاية القضائية العالمية وتوثيق وأرشفة الأدلة" بورشة متخصصة بدرعا صباح الوطن الجميل من بصرى التاريخ المعهد العالي للغات يرفع رسوم الاشتراك.. الطلبة: ليس لدينا القدرة على التسجيل تعزيز المهارات والخبرات لكوادر الموارد المائية احذروا المساعدات الوهمية على مواقع التواصل "بصمات صوتية".. معلّقة بذاكرة قلوبنا.. نحن على موعد مع منخفض ثلجي.. وانخفاض في درجات الحرارة حتى لا يطغى من التحديات إلى الفرص.. استراتيجية شاملة في ورشة تحضيرية لوضع أسس الخطة الزراعية