الثورة – مريم إبراهيم ولينا شلهوب:
انطلاقاً من جذب وتحفيز الاستثمار المحلي، واستقطاب الرأسمال عبر مجموعة أساليب لمشروعات مشتركة وشراكات، تستحضر وتتعدد الآراء حول موضوع الرسوم الجمركية الأميركية، وما هي آثارها وانعكاساتها في سوريا؟، ماذا نصدّر لتُفرض علينا الجمارك؟.
في هذا السياق، التقت “الثورة” عدداً من ذوي الاختصاص للحديث عن التعرفة الجمركية، وبيّن رئيس مجلس النهضة السوري الخبير الاقتصادي عامر ديب، أنه لا شكّ بأننا نعيش حرباً جديدة من أنواع الحروب الاقتصادية، والمفاجئ أن بدايتها كانت السيارات الكهربائية بشكل خاص، والثورة في قطاع النقل الأخضر، والتي انتصرت به الصين انتصاراً اقتصادياً وتجارياً.
ديب تناول مؤخراً الحديث عن حرب التعرفة الجمركية، وعن الاقتصاد الدولي، إلا أنه يتحدث الآن عن أمر فاجأ السوريين، وهو لماذا فرض ترامب أعلى رسوم جمركية في الوطن العربي وتحديداً ما يتعلق بالرسوم الجمركية العالية المتعلقة بسوريا، وعالمياً على الصين؟، معتبراً أنه يكون واهماً وغير مدرك لأي تحليل اقتصادي من يعتقد أن القرار بخصوص سوريا هو قرار عادي، ولا يؤثر.
وأشار ديب إلى أنه إذا نظرنا من عدة زوايا إلى الأمر، نجد أن الصين تعيش حرباً اقتصادية حقيقية مع أمريكا، ويمكن أن نوصف الحالة الاقتصادية (حرب عالمية اقتصادية)، ستكون تبعاتها أكبر من الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب في الشرق الأوسط.
ثرواتنا وجهت الأنظار
فيما أوضح ديب أنه بالعودة إلى الجمارك المفروضة، فالبعض يتساءل: ماذا نصّدر لكي تفرض علينا الجمارك من أمريكا والتي تعتبر أعلى نسبة في الوطن العربي؟، ليكون الجواب هو أننا نملك ثروات طبيعية ومعدنية ونفطية، ويتركز منها ٧٠ بالمئة في شرق الفرات، أي عند “قسد”، وقبل التعرفة قدّمت أميركا عدة شروط للإدارة المؤقتة الحالية في سوريا، ومن تلك المؤشرات أن الإدارة الأميركية تنظر إلى سوريا على أنها منطقة صراع ومنطقة معادية، وتأتي التعرفة للضغط على الإدارة الجديدة لتنفيذ شروطها.
وأضاف ديب: حتى اللقاء الذي أشيع عنه بين الرئيس أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب، نفي على عدة مواقع إعلامية، وهو تعميق لسياسة العقوبات على سوريا، لذلك هي أداة من أدوات ترامب العقابية الاقتصادية بحقّ سوريا، وستفرض عليها ٤١ بالمئة من أمريكا والعالم، وكلنا نعلم ثقل أمريكا السياسي والاقتصادي.
إعاقة حرية التجارة وانسياب السلع
بدوره الخبير الاقتصادي الدكتور إيهاب اسمندر، لفت إلى أنه بعد أن أعلن الرئيس الأميركي ترامب فرضه رسوم جمركية متباينة النسب على معظم دول العالم لغاية المعاملة بالمثل، وإعادة التوازن للميزان التجاري الأميركي وتحقيق المصلحة الأميركية (حسب إعلانه)؛ نرى بأن القرار سيكون له تبعات سلبية على الأغلب، تتلخص بمجموعة من النقاط، منها رفع أسعار المنتجات الداخلة إلى السوق الأمريكية، وهذا سيؤدي إلى ازدياد مؤشر التضخم على المواطنين الأمريكيين، إضافة إلى أنه في حال اتخاذ إجراءات مضادة من بقية الدول سيؤدي إلى إعاقة حرية التجارة وانسياب السلع بين البلدان.
كذلك يلغي القرار بشكل كبير، مبدأ حرية التجارة الذي كانت الولايات المتحدة أبرز المطالبين به لسنوات كثيرة، وقد يشعل القرار حرب تجارية واقتصادية بين مختلف الدول؛ وربما يقلل ذلك من ربحية الشركات، ما سيتسبب بتراجع الاستثمارات وتراجع فرص العمل، مع إمكانية ازدياد معدلات البطالة، وارتفاع الأسعار على المستهلكين بنفس الوقت؛ وهذا من المحتمل أن يحمل أخطاراً اقتصادية واجتماعية على مختلف دول العالم.
أسواق تاريخية
وتطرق اسمندر إلى أنه سينجم عن القرار، العمل على تكتلات اقتصادية جزئية ضمن مناطق جغرافية محددة في العالم؛ وهذا يعني انتهاء فكرة إقامة منطقة تجارة حرة عالمية حسب ما كانت تعمل عليه منظمة التجارة العالمية WTO.
ونوه بأنه فيما يتعلق بالآثار على سوريا، لا يوجد تبادل تجاري ذو أهمية بين الجانبين، فمنذ سنوات طويلة كانت الحكومة السورية، تفرض رسوماً عالية جداً 81 بالمئة على المنتجات الأمريكية، والولايات المتحدة وتطبق عقوبات على التعامل مع سوريا، بالتالي لن يكون لقرار الرئيس ترامب تأثير كبير على دخول المنتجات السورية إلى الولايات المتحدة، والمنتجين السوريين يهتمون بالأسواق العربية والأوروبية بشكل أكبر، لأنها بنظرهم أسواق تاريخية وأكثر جدوى من السوق الأمريكية.