الثورة – سومر الحنيش:
يعد تخصيص الأندية الرياضية، الذي يتمثل في إعادة هيكلة إدارتها، وتبني نماذج تشغيلية جديدة، من أهم الخطوات التي يسعى إليها القطاع لإخراج الأندية من حالة الركود المالي والإداري، وتمكينها من المنافسة على الصعيدين المحلي والدولي.
وبينما تُعلن أرقامٌ غير رسمية عن خسائر تقدر بمليارات الليرات سنوياً، في المقابل، تشير تجارب دول كالسعودية والإمارات والمغرب ومصر إلى أن تحويل الأندية إلى شركات خاصة سيعيد لها الحياة، لكن السؤال يبقى: هل يمكن لسوريا أن تستنسخ النموذج نفسه في ظل عقوبات دولية واقتصاد في طور التعافي؟
– دوافع التغيير:
على مدى عقود، اعتمدت الأندية السورية على نماذج إدارية تقليدية، مرتبطة بالجهات الحكومية، ما جعلها تواجه مشاكل في التمويل والإدارة وتنمية المواهب، وفي ظل التحولات السياسية والاجتماعية التي تشهدها البلاد، برزت الحاجة الملحة إلى تطبيق أسس الإدارة الاحترافية وإيجاد آليات جديدة لجذب الاستثمارات، سواء المحلية أم الأجنبية.
– بوابة التحول الرياضي والاقتصادي:
تتطلب خصخصة الأندية نقل ملكيتها أو إدارتها من القطاع العام إلى الخاص بشكل تدريجي (50% للمستثمر، 20% للحكومة، 30% اكتتاب عام) مع إقرار قوانين احتراف جديدة، وحوافز ضريبية، وهيئة رقابية لحل النزاعات، هذه الخطوة قد تجذب استثمارات محلية ودولية لبناء منشآت حديثة، واستقدام مدربين ولاعبين محترفين، وتحسين رواتب اللاعبين، ما يعزز جودة الدوري وينعكس إيجاباً على المنتخب الوطني، كما يمكن تحقيق عوائد مالية أكبر، عبر منح حقوق البث للمستثمرين بدلاً من الصفقات الرمزية الحالية، ما يخفف العبء عن الدولة، ويوجّه دعمها نحو تطوير الرياضة بشكل استراتيجي، على غرار تجارب ناجحة في الدول المجاورة.
– نماذج الخصخصة:
في السعودية مثلاً بعد خصخصة أندية مثل النصر والهلال، جذبت السعودية استثمارات بقيمة (1.5) مليار دولار عام (2023) مع تحسين البنى التحتية ورفع مستوى المنافسة في الدوري.
وفي مصر رغم التحديات، نجحت أندية كالأهلي والزمالك في تعزيز إيراداتها عبر الشراكة مع القطاع الخاص، أما في الإمارات والمغرب فقد تم اعتماد نموذج الشركات المساهمة في إدارة الأندية، مع فتح الباب للمستثمرين الأجانب، ما أدى إلى تحسين الجودة الفنية وزيادة الإيرادات من حقوق البث.
ويرى الخبير الاقتصادي”حسن العبودي” أن “الخصخصة ستحول الأندية إلى مؤسسات اقتصادية تُدار بالشفافية، وتجذب مستثمرين حقيقيين”.
كما يؤكد المحامي “أمجد الآغا” أن الإطار القانوني لخصخصة الأندية السورية (غير معقد) ويمكن تطبيقه عبر تحويلها إلى شركات مساهمة.
– عقبات في الطريق:
لكن الطريق أمام تطبيق نموذج الخصخصة ليس مفروشاً بالورود، فالوضع الاقتصادي الراهن في سوريا، مع التداعيات الناجمة عن العقوبات الدولية وتدهور قيمة الليرة، يشكل عائقاً رئيسياً أمام جذب المستثمرين الأجانب، كما أن البيئة القانونية المتأثرة بالفساد الممنهج الذي خلّفه النظام البائد، والذي أنشأ شبكات المحسوبيات داخل الاتحادات الرياضية، قد يستدعي إصلاحات جذرية قبل الانطلاق في هذا المسار الإصلاحي.
– رياضة أم تجارة؟
الخصخصة في سوريا خطوة رئيسية نحو تحقيق نقلة نوعية في واقع الرياضة، ولكنها ليست عصا سحرية، بل خطوة ضمن مسار طويل لإصلاح الرياضة السورية، حيث يمكن أن يكون هذا المشروع الرائد منصة لإحداث تحول إيجابي يشمل كل جوانب الحياة الرياضية، ومع إشراف وزارة الرياضة وتضافر جهود الهيئات المعنية، يمكن للأندية السورية أن تخطو بثقة نحو مستقبل أكثر احترافية واستدامة، ما يسهم في تعزيز مكانة سوريا على الساحة الرياضية الإقليمية والعالمية.
