الحمصي لـ”الثورة”: اتباع القواعد بشكل أكاديمي والمعرفة التقنية والتسويقية

الثورة – نور جوخدار:

تتسارع وتيرة التكنولوجيا بشكل غير مسبوق، وتتبدل أدوات التصميم والبرمجة يوماً بعد يوم، بينما تتداخل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع تفاصيل الحياة اليومية، ويبرز سؤال جوهري: أين يقف المصمم والمبرمج السوري وسط هذا المشهد التقني المتغير؟.

وفي هذا الإطار، أجرت صحيفة الثورة حواراً مع المصمم والمبرمج السوري نور الحمصي، عبر تقنية الفيديو “يوتيوب” للحديث عن أبرز التحديات التي تواجه العاملين في هذا المجال، وشرح بعض المفاهيم المغلوطة حول الذكاء الاصطناعي.

وأوضح أن فكرة نهاية الصراع بين لغات البرمجة التي راجت منذ صدور كتاب “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” لفرانسيس فوكوياما عام 1992، لم تعد قائمة اليوم فمن أراد أن يتعلم الذكاء الاصطناعي يتجه إلى لغة بايثون، ومن يريد تعلم تطوير الواجهات الخلفية Backend يتعلم سواء PHP أو NodeJS ولغات الـframework، أما من يريد أن يتجه لعالم التصميم، فجميع منتجات شركة أدوبي متوافرة، وأنهت الشركة صراع التاريخ بين جميع البرامج من خلال مجموعة برامجها الاحترافية، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي أعاد المنافسة بقوة، وخلق لغات وأدوات برمجة جديدة باتت تعتمد عليه بشكل أساسي.

من “صدام الحضارات” إلى “صدام التكنولوجيا”

يرى المصمم الحمصي أن ما يحدث اليوم يعيدنا لكتاب صامويل هنتغتون في كتابه “صدام الحضارات”، ويتجه العالم نحو صراعات فكرية وثقافية وحضارية، تتجاوز حدود التكنولوجيا، ويؤكد أن العرب عموماً والسوريين خصوصاً أمام فرصة ذهبية للانخراط في عالم متجدد، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة والدول الغربية تبدو اليوم عاجزة عن مجاراة سرعة التطور الصيني، وأن تبنّي النموذج الصيني في التفكير والتخطيط قد يكون الخيار الأنسب، بدلاً من الاستمرار في تقليد الغرب الذي “لم يعد يقود المستقبل”- حسب رأيه-.

في عالم التصميم يقول: إن الجميع يعتقد أن الصراع قائم بين التصميم “الجميل” والتصميم “القبيح”، لكن الحقيقة مختلفة تماماً، فبرأيه جميع التصاميم هي تصاميم جميلة بنظر مصممها، وأحياناً حتى بنظر الزبون، مبيناً أن الخلاف اليوم هو على التصميم الجيد والتصميم السيئ، فالتصميم الجيد هو الذي يحقق الهدف المرجو منه، أما السيئ فهو الذي يفشل في توصيل الرسالة، فإذا كنت تصمم لمرشح سياسي، فيجب أن تجعل الناس تحبه من خلال الصورة والشكل البصري الذي صممته له، وإذا كان التصميم لمنتج، فلا بدّ أن يدفع الجمهور لشرائه ليزيد من المبيعات، وإذا كان لمغنٍ، فيفترض أن يشجع الناس على الاستماع لحفلاته، إذاً التصميم الجيد هو التصميم القادر على إيصال الفكرة من المنتج إلى الجمهور.

القواعد الأكاديمية التصميمية

كما شبّه القواعد الأكاديمية في التصميم بالشعر في الأدب “قد تقول جملة عادية تمرّ من دون أثر، لكنك إن قلتها بطريقة شعرية، فهي تصل إلى الناس أكثر من الإلقاء العادي، مؤكداً هنا على مهمة المصمم في أن يتبع قواعد التصميم بشكل أكاديمي والتي ليست فقط الابتعاد عن الأطراف وليست عملية تناسق وتكرارية، وإنما القواعد هي فهم الجمهور وما يريده وإيصال الرسالة من خلال التصميم بطريقة مؤثرة.

ويشير الحمصي إلى وجود ثلاثة تحديات رئيسة لا يمكن الهروب منها، وستبقى قائمة مدى التاريخ سواء في سوريا أم بأي مكان في هذا العالم، هي: سرعة التطور، شدة المنافسة، وثورة الذكاء الاصطناعي، فمن حيث سرعة التطور كل يوم تظهر تقنيات جديدة ولغات برمجة حديثة، فهذا التقدم السريع يضع المصممين والمبرمجين تحت ضغط هائل، لكن الحل برأيه هو أن يكون المصمم أو المبرمج قادراً على فهم جميع هذه الاختصاصات وجميع هذه اللغات والبرامج ومتخصصاً في شيء واحد.

أما عن المنافسة، فهي لم تعد في كيفية تعلم البرمجة أو التصميم، بل في التميز وسط الزحام، وأن الحل يكمن في الجمع بين المعرفة التقنية والمهارات التسويقية.. أما بالنسبة للتحدي الثالث هو أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل مكان الإنسان بل سيسرع من إنجاز الأعمال، لذلك يجب تعلم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

منصة موثوقة

يرى الحمصي أن ضعف البنية التحتية في سوريا- من انقطاع الكهرباء إلى بطء الإنترنت يجعل مهمة المصمم أو المبرمج السوري أكثر صعوبة، إلا أن “الجميل في التكنولوجيا أنها لا تحتاج أكثر من جهاز وعمل حقيقي”، ويشير إلى أن كثيراً من المصممين في الداخل السوري يقدّمون خدمات لمؤسسات أوروبية وخليجية، نظراً لانخفاض التكلفة وارتفاع الجودة، واقترح فكرة إنشاء منصة موثوقة لربط أصحاب العمل العالميين بالمواهب السورية، لخلق فرصاً حقيقية وحفظ الحقوق بين الطرفين.

وعن أهم المهارات التي يحتاجها هذا القطاع، أجاب الحمصي أن أهم المهارات ليست تقنية، بل تسويقية قبل أي شيء، مؤكداً أن بيع الفن أو البرمجيات ليس أمراً سهلاً، بل يتطلب ثقافة وتدريب وقراءة واطلاع.

أما فيما يخص الخطط أو المشاريع أوضح أن قناته على “اليوتيوب” مستمرة وتدرس جميع الطلاب سواء عبر دروس مجانية أو دورات مدفوعة، وإنه يقوم بتأمين مشاريع كثيرة للسوريين في الداخل، بالإضافة لقراءة ونقل الواقع العالمي الأكاديمي من البرمجيات أو التصاميم الجديدة للداخل السوري.

شراكات

واعتبر الحمصي أن الخطوة الأولى لأي نهضة تقنية في سوريا يجب أن تبدأ من عقد شراكات جادة مع شركات التكنولوجيا العالمية، وبأسرع وقت، فالبلد بحاجة ماسة إلى لإدخال نماذج جاهزة وناجحة يمكن استنساخها وتوطينها سريعاً.

ويضرب مثالاً بشركة “أدوبي”، والتي لا تزال غير قادرة لدخول السوق السوري بسبب العقوبات، كاشفاً أن أحد مسؤولي الشركة أبدى خلال حديث أجراه معه في كانون الثاني الماضي استعداد أدوبي لدخول السوق السوري، لكن الخطة غير واضحة حتى الآن، ما يستدعي تحركاً جاداً من الجهات الرسمية.

وعلى صعيد البرمجة، يرى الحمصي أن الحلول ليست فقط في التعليم والتدريب، بل في البنية التحتية للإنترنت ويقترح فتح الباب أمام شركات الاستضافة العالمية الكبرى لإقامة مراكز وسيرفرات داخل سوريا، مستفيدين من المساحات الجغرافية الشاسعة ما يجعلها نقطة تخديم للمنطقة كاملة.

أضاف: إن أكبر خطأ يقع فيه صانعو المحتوى والمصممون والمبرمجون هو انشغالهم الكامل بشكل المحتوى وجودته التقنية، مع إغفال العنصر الأهم: الجمهور المستهدف، وأوضح أن “تجربة المستخدم تبدأ من فهم طبيعة الجمهور: عمره، ثقافته، لغته، قيمه الاجتماعية والدينية، ومدى تقبله للأفكار المطروحة.

من هنا، يصبح نجاح أي عمل مرهوناً بقدرته على محاكاة هذا الجمهور وإيصال الرسالة إليه بطريقة صحيحة ومؤثرة.

الذكاء الاصطناعي أسلوب حياة

وقال: إن سوريا لا تزال تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في غياب “الهاردوير” والأجهزة المتطورة، وافتقارها لبنية تحتية تقنية قادرة على تقديم البرمجيات، ولكن ثمة خلط شائع بين المفهوم الحقيقي للذكاء الاصطناعي وما يتم ترويجه عبر المنصات الاجتماعية مثل “تيك توك” و”يوتيوب”، مؤكداً على أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أدوات لتوليد صور أو فيديوهات بل هو أسلوب حياة ومنهجية عمل متكاملة، ويشدد على ضرورة عدم إقحام أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل بشكل اعتباطي، وإنما توظيفها حين تدعو الحاجة الحقيقية لذلك.

وفي ختام حديثه، وجّه الحمصي نصيحة للمصممين والمبرمجين السوريين قائلاً: “لا تعتقد أنك مختلف عن أي مصمم أوروبي أو ياباني أو صيني.. الأدوات واحدة، القواعد واحدة، لغات البرمجة مشتركة، وكذلك برامج التصميم والمونتاج، الجميع اليوم يمتلك نفس الأدوات لكن ما يصنع الفرق الحقيقي هو طريقة التفكير.

آخر الأخبار
الشرع يؤكد أهمية الدور السعودي وبن سلمان يجدد دعم المملكة لسوريا  تشغيل 20 بئراً  لضخ المياه لمدينة حماة ومشاريع توسعة    "الدفاع" تستلم مستودعات السلاح من تشكيلات اللجنة المركزية في درعا   اجتماع ثلاثي في أنقرة غداً لدعم الحكومة السورية مدير" تربية "درعا: جلسة حوارية للنهوض بالواقع التعليمي المواطنة والهوية... نقاشات غنية بأبعاد وطنية  مفكرون وباحثون: يجب إعادة صياغتها بما يتلاءم مع متطلبا... تحقيق لـ"بي بي سي": شبكات خارجية تغذّي الطائفية وخطاب الكراهية في سوريا القصة التعليمية".. أسلوب تربوي لتعليم الأطفال باحثة تربوية لـ"الثورة": تكسبهم ثروة لغوية كبيرة لإيجاد فرص عمل أوسع ..تشبيك بين الرواد الشباب وشركات التكنولوجيا   خطة لتأهيل محطة ضخ دمر بدمشق ومحطات تحلية جديدة  تشغيل 85 بئراً لتأمين مياه شرب صالحة للمواطنين وزير التربية والتعليم : تأهيل 100 مدرسة والعمل جارٍ لتأهيل 400مدرسة أخرى   حملة توعية  لتحسين واقع سوق كشكول تأهيل جسر محجة في درعا   تحصين أبقار حمص ضد مرض الجلد الكتيل جامعة حمص تدرب طلابها  على "نظام إدارة الجودة في المعامل الدوائية تأمين المياه لناحية البهلولية باللاذقية محافظ اللاذقية : السيطرة على الجزء الأكبر من حرائق الريف  الشمالي جولات تفتيشية لمنع أي  زيادات في أسعار " أمبيرات " حلب  "العمق العربي أولاً ".. البحرين على سمت بوصلة السياسة السورية جامعة دمشق.. معرض لإبداعات الحرفي السوري وإحياء المهن التراثية