الثورة – معد عيسى:
تبني شركة “ماكدونالدز” الأميركية مطعماً خلال 13 ساعة من مواد مُصنعة سابقاً وتضعه في العمل، الصين بنت مستشفى في مدينة “ووهان” بستة أيام بسعة ألف سرير خلال أزمة كورونا، السعودية تعتمد اليوم بشكل كبير على المواد المُصنعة والهياكل الجاهزة في تنفيذ رؤيتها 2030، والنتائج واضحة على الأرض من حجم الإنجاز.. أما زميلنا أبو أحمد تقاعد وهو ينتظر البيت الذي سجل عليه منذ 26 عاماً لكي يتزوج به، وعلى ذمته فقد حضر أكثر من 30 اجتماعاً للجمعية، وتلقى أكثر من عشر إنذارات لتأخره بالدفع من دون أن تخجل الجمعية السكنية من نفسها على تأخرها في إنجاز المسكن المكتتب عليه.
قابلة للفك والنقل
اليوم ما بين رفع العقوبات الأميركية عن سوريا والتحضيرات الجارية لمعرض “بيلدكس” وحاجة الشباب لامتلاك مسكن، تبرز أهمية المباني المسبقة الصنع لنواحي سرعة الإنجاز وانخفاض التكاليف قياساً بالأبنية الإسمنتية ومواءمة الأبنية المسبقة الصنع لمعايير البيئة.
المباني المسبقة الصنع ليست منخفضة التكاليف فقط، فهي سهلة البناء، قابلة للفك والنقل والتركيب، “يعني الشخص يُمكن أن ينقل منزله من مدينة إلى أخرى حسب عمله أو انتهاء خدمته وعودته لبلده، كما يمكن لأي شخص، ولاسيما في الأرياف أن يوسع منزله حسب الحاجة، ويكون ذلك ملحوظاً في التصميم، وفي المباني المسبقة الصنع يمكن أيضاً اختيار مواد مناسبة للظروف الجوية لنواحي العزل والحرارة والزلازل”.
وكي نكون منصفين، وعلى مبدأ “ما حدا خالي من العيوب” فإن للمباني المسبقة الصنع عيوباً قليلة أهمها: العمر القصير مقارنة بالإسمنتية، وربما يكون هناك بعض المشكلات بالنسبة للأبنية الطابقية ومقاومتها للرياح والأمطار.
تعتمد المساكن المسبقة الصنع على “الرابيدوول” وهي لوحات بناء تستخدم في بناء المساكن الفردية أو متعددة الطوابق وللمنشآت الصناعية والتجارية من دون الحاجة إلى استخدام البلوك والجدران الداخلية بتوفير كبير للطاقة يقدر بـ 66 بالمئة للمباني السكنية، و40 بالمئة للمباني التجارية- أي هي مبان خضراء صديقة للبيئة وأقل مواد البناء وتكلفة، مقاومة للرياح والحرائق والرطوبة، عازلة للصوت، موادها 100 بالمئة قابلة لإعادة التدوير.
من المتوقع أن يكون حضور الشركات التي تعتمد الأبنية المسبقة الصنع قوياً في سوريا خلال الفترة القادمة، وهذا يحتاج إلى صياغة معايير وتشريعات وشروط لعمل هذه الشركات، كما يحتاج إلى تشريعات خاصة بتسجيل ملكية الأبنية في الدوائر العقارية كونها قابلة للفك والنقل وتغيير المكان، ولاسيما في قضايا منح القروض بضمانات عقارية.
أسعار العقارات القائمة لن تتأثر
في دردشة من أحد الخبراء العقاريين- طلب عدم ذكر الاسم، قال رداً على سؤال فيما إذا كانت الأبنية المسبقة الصنع ستؤثر على أسعار العقارات القائمة حالياً قال: العقارات القديمة ستحافظ على قيمتها لأهمية الموقع المتواجدة فيه ولقربها من مراكز المدن والخدمات على الأقل في السنوات القليلة القادمة، ولكن لاحقاً ستتأثر بالعرض والطلب، وعلى العكس حالياً قد ترتفع قيمتها بزيادة الطلب مع عودة الناس وعدم انطلاق حركة البناء، فهناك أشخاص ترتبط ذاكرتها بالمكان، وبالتالي تدفع لتبقى في منطقة معينة، فالأمر حالياً لا يعبر عما سيكون عليه في السنوات المقبلة.
وتابع: الحكومة مطالبة اليوم بتحديد مواقع وأراض لبناء العقارات والمنشآت وفق رؤية شاملة وعلى أنماط عالمية تلغي فيها الخدمات المتقدمة من نقل وتعليم ذهنية التمسك بالقرب من المركز توفيراً للوقت والأجور المرتفعة للنقل.
أخيراً.. يُمكن القول عملياً لشبابنا أنه مع الأبنية مُسبقة الصنع لم يعد هناك انتظار لفترات طويلة للحصول على منزل، ولن تكون تكلفة المنازل عالية كما سابقاً، ولن تكون أيضاً الكلفة النهائية بمئات أضعاف الكلفة التقديرية كما هو الحال حالياً، فمن سجل في سكن الشباب 2004 بكلفة تقديرية 750 ألف ليرة دفع بعد عقدين من الانتظار 100 مليون، وهناك أشخاص مازالت تنتظر وتدفع منذ العام 2004 ولم تستلم البيت لليوم كما حال المكتتبين على السكن الشبابي في طرطوس.
المدارس المدمرة بشكل كبير تحتاج إلى إعادة ترميم ويُمكن أن يكون بالمسبق الصنع وبكلفة أقل وبزمن قصير جداً ومعايير ومواصفات عالية عدا عن معايير السلامة والبيئة.