الثورة – مها دياب:
في عالم يموج بالأخبار العاجلة والمواعيد الصارمة، يلتقي الحبر بالورق على إيقاع النقرات السريعة، تعيش خمس صحفيات قصة مختلفة.. قصص تتداخل فيها ألوان الصحافة مع تفاصيل الأمومة اليومية، بين ضحكات الأطفال التي تتسلل عبر مكالمات العمل، ورائحة الطعام التي تتنافس مع رائحة الأوراق المكتوبة.
روتين لا يشبه أي روتين
بعد يوم طويل من الغوص في الأحداث، تحليل الوقائع، وإجراء المقابلات، تعود كل منهن إلى منزلها لتبدأ فصلاً جديداً من يومها، تلقي “رنا” حقيبتها على الكرسي بسرعة المحررة المستعجلة، لتستلم موقع “الشيف الماهرة” في مطبخها الصغير!
“رولا” تودع أجواء الأخبار الاقتصادية والأرقام لتخوض معركة دبلوماسية من نوع آخر.. مفاوضات مع طفل يرفض النوم بلا قصة مسلية.
“مها” تتنقل بين أدوارها بسلاسة، تخلع عباءة الصحفية لترتدي رداء “سوبر ماما”، وكأنها تتقن فن التحول الفوري.
“هبة” ترفع شعار “العمل بهدوء وروية”، فتذهب للمطبخ وتعد وجبة الطعام، تماماً كما تفعل مع عناوينها الصحفية، من دون أن تفقد تركيزها سواء في ترجمة الخبر أو تحضير العشاء.
“همسة” عملها وفق شعار “نعم للتأني” الراحة أولاً، ومن ثم الذهاب للمطبخ لتعد وجبة الطعام، تماماً كما تفعل مع عناوينها الصحفية.
مهمة صعبة.. الرضا في العمل، ومع الأطفال، في خضم التقارير العاجلة والاجتماعات المهمة، تضحك إحداهن قائلة: “أحياناً أكتب المقال بينما يغفو طفلي على ذراعي، فأخشى أن يتسلل إلى النص تعليق خاص به، أما الأخرى فتروي: “في المكتب، ألاحق آخر الأخبار.. وفي المنزل، أبحث عن آخر الوجبات في أنواع الطعام المفيد للأطفال.
العمل يجتاح الشخصية
الاختصاصية الاجتماعية نور حامد قالت في هذا السياق: عندما تكون حياتك العملية وحياتك الشخصية غير متوازنتين، فمن المرجح أن يرتفع مستوى الضغط النفسي عندك، لذا من الضروري استخدام استراتيجيات عملية لاستعادة التناغم.
وأضافت: كانت الحدود بين العمل والمنزل واضحة تماماً، أما اليوم، فإن العمل يبدو أنه يجتاح حياتك الشخصية بطريقة مختلفة، ولهذا صارت المحافظة على التوازن بين العمل والحياة مهمة غير سهلة.
بالرغم من التحديات، إلا أنهن يجدن السعادة في لحظات بسيطة.. عندما يبتسم الأطفال ويلعبون بينما تنهي مقالها، أو عندما ينام أحدهم بينما ترتب أفكار تقريرها.
ختاماً.. هؤلاء الإعلاميات لم يكتفين بكسر الصورة النمطية في العمل، بل صنعن معادلة خاصة تجمع بين سرعة الصحافة وصبر الأمومة، وبين قوة الخبر ودفء البيت.. ويمكن أن نطلق عليهن لقب “مراسلات منزلية” ربما.. لكن المؤكد أنهن الأكثر براعة في تغطية أحداث الحياة بكل ما فيها.