الثورة- منهل إبراهيم:
في وقت أكد فيه الإعلام العبري عبر القناة 12 أن الأمريكيين يمارسون ضغطاً هائلاً على الاحتلال وحماس، من أجل إنجاز صفقة، في ظل التعنت الكبير لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومحاولته إفشال جهود الوساطة، سلط الإعلام البريطاني الضوء على تكذيب الاحتلال للمجاعة في قطاع غزة.
وجاء في تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية ديفيد مينسر شدد على أنه يتحدث باسم رئيس الوزراء، وقدم موقفاً غير متساهل مدافعاً عن الرواية الإسرائيلية، بتكذيب المجاعة في غزة، واتهام حركة حماس، باستخدام المدنيين كدروع بشرية.
وأوضحت “الغارديان” أن جوهر المواجهة بين ديفيد مينسر، ونيك روبنسون، مقدم برنامج “توداي” الرئيسي على إذاعة “بي بي سي”، كان حول الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة، وهنا، ربما شعر بعض المستمعين بأن مينسر يحاول عمداً التعتيم على الواقع الموثق جيداً على الأرض، لأغراض سياسية وأيديولوجية واستراتيجية.
وذكرت الصحيفة البريطانية أنه “بالتأكيد، من الصعب الدفاع عن الحجة الإسرائيلية الأساسية بأن لا وجود للجوع والمجاعة في غزة، وينطبق الأمر ذاته على مزاعم مينسر بأن هناك طعاماً في غزة وأن الأسواق مفتوحة”.
وأوضحت “الغارديان”: “صحيح أن بعض الأساسيات مازالت متاحة في القطاع، حتى بعد 11 أسبوعاً من الحصار الكامل الذي تفرضه إسرائيل، وأن بعض الأكشاك والمتاجر لا تزال تعرض سلعاً محدودة، لكن الغالبية العظمى من سكان غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لا يستطيعون تحمل تكلفة شراء ما يحتاجونه للبقاء، وحتى إن استطاعوا، فإن الكميات المتوفرة تكفي فقط لعدد ضئيل جداً”.
وذكرت “الغارديان” أن “هناك كميات محدودة من الطحين الفاسد في الغالب، وتكلفة كيس الطحين الواحد (25 كغ) تصل إلى مئات الدولارات، في حين يصل سعر الكيلو الواحد من البطاطا أو الطماطم إلى ما بين 10 و15 دولاراً، ولا تتوفر مشتقات الألبان، واللحوم شبه معدومة، المخابز المجانية أُغلقت منذ أسابيع بسبب نفاد الوقود والطحين، والمطابخ المجتمعية التي كانت تقدم مليون وجبة يومياً تغلق أبوابها بسرعة. أما المستودعات الرئيسية التي تديرها منظمات الإغاثة الدولية الكبرى مثل برنامج الأغذية العالمي والأونروا، فقد أصبحت شبه فارغة”.
وأوضحت الصحيفة أن “الكثير من الناس يعيشون الآن على البازلاء المعلبة أو الفاصوليا المجففة، التي لها مخزون محدود، ومع ذلك، هناك آلاف الأطنان من المواد الغذائية، والأدوية، والمأوى، والوقود، وكل ما هو ضروري للبقاء، جاهزة للإرسال إلى غزة، لكن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا عندما تفتح إسرائيل المعابر التي تسيطر عليها على حدود القطاع”.
وأكدت “الغارديان” أنه “صحيح، كما قال مينسر، إن كمية كبيرة من المساعدات أُدخلت وخزنت خلال فترة الهدنة التي استمرت 10 أسابيع وبدأت منتصف كانون الثاني/ يناير، لكنها نفدت كلها ولم تكن كافية لتعويض آثار الحرب التي دمّرت الزراعة، وإمدادات المياه، وأنظمة الصرف الصحي، والخدمات الصحية، مما جعل السكان في حالة ضعف شديد وعرضة للأمراض”.
الإمدادات الطبية توشك على النفاد
وأشارت الصحيفة إلى ما يقوله عمال الإغاثة بأن الأدوية الأساسية المستخدمة لعلاج سوء التغذية تخضع الآن للتقنين، والإمدادات الطبية توشك على النفاد، ثم هناك الأدلة الواضحة في صور لأشخاص يعانون من سوء تغذية وهم غالباً أطفال، وقد لمح مينسر إلى أن هذه الحالات قد لا تكون دليلاً على أن الآلاف أو عشرات الآلاف في الحالة نفسها، لكن تقريراً صدر عن “تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل” (IPC) وهو ائتلاف من الخبراء الذين يقدمون المشورة للأمم المتحدة والحكومات منذ عقود أفاد بأن الفلسطينيين هناك يواجهون خطراً حرجاً من المجاعة”.
وقد وجد التصنيف، الذي يعتمد نظاماً من خمس درجات للتحذير من المجاعة، أن ما بين 1 نيسان/ أبريل و10 أيار/ مايو من هذا العام، هناك 244 ألف شخص في غزة في أسوأ وضع من حيث الأمن الغذائي: المرحلة الخامسة، “كارثة أو مجاعة”، وأشار التقرير الأممي إلى “تدهور كبير” في الوضع منذ تقييمه الأخير في أكتوبر 2024.
وبحسب “الغارديان” أنكر مينسر أن “إسرائيل” تستخدم التجويع كاستراتيجية متعمدة، في وقت أكد فيه التقرير والتحليل الأممي أن “المساعدات التي سمح بإدخالها إلى غزة خلال معظم فترة الحرب الممتدة على 19 شهراً، كانت غير كافية، وغير منتظمة، وخاضعة لإجراءات بيروقراطية كثيرة منعت دخول العديد من الشحنات وأبطأت وصول أخرى، كما كان توزيعها صعباً بسبب الدمار الواسع والعنف المستمر”.