الثورة – إخلاص علي:
تكلّل الجهد السياسي السوري لرفع العقوبات عن سوريا بنجاحات كبيرة خلال فترة تعتبر أمام حجم الصعوبات والتحديات والتعقيدات قياسية..
ما تحقق في السياسة على الجبهة الخارجية بحاجة اليوم إلى ترجمة في الداخل الذي لا تقل تحدياته عن تحديات الخارج بظل دمار المؤسسات وسرقة مقدرات الدولة وشح الموارد.
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا يرى أن رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية – الأوروبية هي الخطوة الأولى نحو دمج سوريا في المجتمع الدولي والاقتصاد العالمي وهو بمثابة إزالة لحواجز رئيسة كانت تعيق تدفق رأس المال والتكنولوجيا إلى سوريا، إلا أن التحوّل الداخلي هو العامل الحاسم لإكمال المسار وتثبيت أي تقدم مستقبلي.
وأضاف الخبير كوسا في حديث لـ”الثورة”: إن أهم الآثار الاقتصادية المباشرة لرفع العقوبات هو تحسين الوصول إلى الأسواق العالمية، ويمكن للمنتجات السورية الزراعية والصناعية الوصول إلى الأسواق الأوروبية والأميركية بشكل أسهل، مما يزيد من الصادرات ويوفر العملة الصعبة.
رفع العقوبات عن سوريا يسهم في تسهيل استيراد السلع الأساسية والمواد الخام والآلات الصناعية، مما يقلّل من تكاليف الإنتاج ويزيد من توافر السلع الاستهلاكية، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) فرفع العقوبات يزيل مخاطر العقوبات الثانوية عن الشركات الغربية، ويشجعها على النظر إلى فرص الاستثمار في سوريا، خاصة في قطاعات إعادة الإعمار، الطاقة، والزراعة، عدا عن توفير رأس المال اللازم لإعادة البنية التحتية المدمرة وخلق فرص عمل.
وأما الخطوة الثانية– بحسب كوسا- فهي من خلال إعادة ربط المصارف السورية بالنظام المالي العالمي (SWIFT)، مما يسهل التحويلات المالية الدولية، ويقلل من تكلفة المعاملات، ويشجع على الاستثمار ويؤدي إلى تدفق الودائع والمساعدات المالية.
النقطة الثالثة فيراها من خلال الوصول إلى التمويل الدولي، ويمكن لسوريا الآن التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، للحصول على قروض ومساعدات لإعادة الإعمار والتنمية، وهو أمر كان مستحيلاً تحت العقوبات.
وأشار إلى أن رفع العقوبات سيؤدي لانخفاض تكلفة المعيشة والتضخم مع زيادة تدفق السلع وتوفر العملة الصعبة وبالتالي تتحسن القوة الشرائية للمواطنين.
تحدّيات هيكلية
وحول التحديات الداخلية التي تواجه الحكومة قال: على الرغم من رفع العقوبات، فإن التعافي الاقتصادي المستدام يتطلب معالجة تحديات هيكلية عميقة، يأتي في مقدمتها البنية التحتية المدمرة، فالدمار الهائل في البنية التحتية لحق بالطرق، الجسور، المستشفيات، المدارس، وشبكات الكهرباء والمياه، وهو يتطلّب استثمارات ضخمة ووقتاً طويلاً لإعادة بنائه ومن دون إصلاحات جذرية في الحوكمة، ومكافحة الفساد، وضمان الشفافية، قد لا تصل المساعدات والاستثمارات إلى أهدافها كما يحتاج المستثمرون إلى بيئة قانونية وتشريعية مستقرة تحمي استثماراتهم وتضمن حقوق الملكية وتسهل فض النزاعات.
أما فيما يخص الدور الغربي مستقبلاَ قال: يمكن أن يستمر الدور الغربي في جوانب أخرى متعددة، كالدعم الإنساني والتنموي، فتظل هناك حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية والتنموية في سوريا، والدول الغربية ستبقى لاعباً رئيسياً في هذا المجال.
كذلك تلقي الدعم لإعادة الإعمار، فإن حجم الدمار في سوريا هائل، وسيحتاج البلد إلى استثمارات ضخمة يمكن للدول الغربية أن تلعب دوراً في تشجيع الاستثمار وتوفير الخبرات.
إصلاحات اقتصادية
وأضاف الخبير كوسا: لابد من تنفيذ إصلاحات اقتصادية عميقة لخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي ووضع آليات شفافة لإدارة التمويل الدولي وضمان مكافحة الفساد وتوفير بيئة آمنة للمستثمرين والقطاع الخاص، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية وتوفير الضمانات القانونية وتطوير البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء.