الثورة – مها دياب:
يأتي يوم توزيع الجلاء، في نهاية كل عام دراسي، ليكون أكثر من مجرد ورقة تحمل درجات، بل إنه لحظة فارقة تختزل جهد الأيام، وضحكات الصفوف، وذكريات لا تنسى بين المعلمين والطلاب.
إنه اليوم الذي يودع فيه المعلمون طلابهم بكلمات يملؤها الفخر، فيما يخطو الطلاب نحو مرحلة جديدة بأحلامهم وطموحاتهم.
يوم الفرح والإنجاز
تقول المعلمة جمانة كساب: في هذا اليوم، تختلط مشاعرنا فيه، بين الفرح بالإنجاز، والحنين إلى اللحظات التي صنعت من الصف بيتا ثانياً، ومن الكلمات دعماً، ومن التحديات فرصاً للنمو.
وأضافت: رغم أنه يوم يحمل في طياته الوداع، إلا أنه أيضاً يحمل الأمل ببدايات جديدة ستظل مزينة بما تعلمه الطلاب، وبما زرعه المعلمون من حب وإيمان أن كل طالب قادر على أن يكون نجمه الخاص في سماء المستقبل.
اجتمع الطلاب والمعلمون يوم توزيع الجلاء في مدارس ريف دمشق، ضمن أجواء مفعمة بالمشاعر، وعبرت المعلمة رؤى الدوس عن إحساسها قائلة: كل يوم كنت أراكم فيه، كنت أشعر أنني أعيش لهدف، كنتم كالشمس التي تضيء عيوني، والكلمة الطيبة التي تختم يومي، والحضن الصغير الذي ينسيني كل هم.
أما المعلمة غادة الصباغ، فقد أكدت أن هذا اليوم يمثل تتويجاً لجهود عام كامل، مضيفة: “ليس سهلاً أن نودع طلابنا، لكننا نثق بأنهم يحملون معهم ما تعلموه ليضيئوا طريقهم.
يوم فارق
من جهتها، تحدثت المرشدة الاجتماعية نور حامد عن أهمية هذا اليوم في تعزيز الروابط بين الطلاب والمعلمين، قائلة: الصف ليس مجرد مكان للتعلم، بل هو مساحة للأمان والفرح، ويجد الطلاب الدعم والتشجيع ليواجهوا العالم الخارجي بثقة.
وأضافت: خلال العام الدراسي، سعينا إلى خلق بيئة يشعر فيها كل طالب بأنه مسموع ومقدر، وكان هدفنا أن يكون الصف مكاناً يجد فيه الطلاب الراحة، بعيداً عن أي ضغوط خارجية.
كما أكدت حامد على أهمية الدعم النفسي للطلاب في هذه المرحلة، مشيرة إلى أن الانتقال من عام دراسي إلى آخر قد يكون مربكاً للبعض، لذا نحرص على تقديم الإرشاد والتوجيه ليشعروا بالثقة في خطواتهم القادمة.
ذكريات لا تنسى
ميرا، وإلينا، وسارة، وثناء، وزينة، وغيرهم عبروا عن مشاعرهم تجاه السنة الدراسية التي حملت لحظات التعلم والمرح والتحدي.
تقول ميرا: كانت سنة مليئة باللحظات الجميلة، تعلمنا فيها الكثير، وضحكنا، وبكينا، لكن الأهم أننا كنا معاً.
وأضافت إلينا: سأفتقد أجواء الصف، وأحاديث المعلمين التي كانت تمنحنا الحماس والقوة.
وعلي بدوره عبر عن امتنانه قائلاً: شكراً لكل من علمنا، وساندنا، وجعل هذه السنة ممتعة ومميزة لنا.
فيما يحيى، وعبد الرحمن أكدا أن يوم توزيع الجلاء يحمل طابعاً خاصاً: عندما نتذكر هذه السنة، سأبتسم وأقول: كانت جميلة، كانت تشبه القلب، وأضاف عبد الرحمن: هذه اللحظات ستبقى معنا، وسنحملها كذكرى جميلة في رحلتنا القادمة.
امتنان الأهالي
في يوم الجلاء، عبر العديد من الأهالي عن امتنانهم العميق للمدرسة والمعلمين الذين كانوا جزءاً أساسياً من رحلة أبنائهم التعليمية.
قالت هنا أحمد، وهي إحدى الأمهات: لقد شعرنا طوال العام أن المدرسة ليست مجرد مكان للتعليم، بل هي بيت ثانٍ لأبنائنا، ويجدون الدعم والتشجيع، ونشكر كل معلم ومعلمة بذلوا جهدهم ليكون هذا العام مليئاً بالعلم والمحبة.
وأضاف أسامة محمد، أحد الآباء: نقدر جهود المعلمين الذين لم يبخلوا بوقتهم وجهدهم، وكانوا دائماً إلى جانب أبنائنا، يوجهونهم ويحفزونهم.
هذه المدرسة كانت أكثر من مجرد مؤسسة تعليمية، كانت مكاناً للأمان والتطور.
بداية تحمل الأمل
في الختام تؤكد المديرة بشرى عبد الخالق أن “الجلاءات المدرسية” في أيدي الطلاب ليست مجرد أوراق تحمل درجات، بل هي شهادة على الجهد، والنمو، والتحدي الذي خاضوه طوال العام، وبينما يغادرون الصفوف، يحملون معهم معرفة أعمق، وصداقات أقوى، وخبرة سترافقهم في كل خطوة قادمة.
وتضيف: لا يكون الفراق دائماً سهلاً، ولكنه يفتح أبواباً جديدة من الأمل والطموح، فليس سهلاً أن نودع طلابنا، ولكننا نثق بأنهم يحملون معهم ما تعلموه ليضيئوا طريقهم.
وستبقى هذه السنوات المدرسية محفورة في قلوبهم، كذكرى جميلة تشبه الحلم، وكخطوة أولى نحو مستقبل واعد.