الثورة– منذر عيد:
نكران القيام بالفعل ليس دليل براءة منه، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب حاول وعدد من المسؤولين الأميركيين النأي بأميركا عن الهجوم العسكري الذي شنته إسرائيل ضد إيران فجر أمس، إلا أن سلسلة التصريحات اللاحقة لترامب، إضافة إلى عدد من التقارير الإعلامية، تؤكد ضلوع الولايات المتحدة الأميركية ودورها الفاعل في الهجوم، وإن كان بشكل غير مباشر، دون مشاركة العنصر البشري الأميركي أو قطع سلاح تابعة للجيش الأميركي.
إضافة إلى ذلك فإن الأهداف المشتركة الإسرائيلية– الأميركية، كفيلة لأن تكون وحدها دليل إدانة لواشنطن في التورط بالهجوم، ففي قراءة لما بين تصريحات ترامب عقب الهجوم الإسرائيلي، تؤكد الموافقة الأميركية الكاملة عن الفعل الإسرائيلي، حيث إنه من المعروف عدم إمكانية قيام إسرائيل بأي فعل عسكري (بحجم الذي حدث ضد إيران)، بشكل منفرد دون موافقة أو مساعدة أميركية لوجستياً واستخباراتياً، وهذا الأمر لم ينكره الرئيس ترامب، حيث قال مساء أمس الجمعة :” “كنا على علم بكل شيء، وحاولت جاهداً إنقاذ إيران من الإذلال والموت، حاولت جاهداً إنقاذهم لأنني كنت أود أن ننجح في التوصل إلى اتفاق(…) كنا نعرف كل شيء تقريباً… كنا على دراية بما فيه الكفاية لأن نمهل إيران 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق، واليوم هو الحادي والستون، صحيح؟ لذا، كما تعلمون، كنا نعرف كل شيء”، حسب ما ذكرت وكالة “رويترز”.
اعتراف ترامب بمعرفته بكل شيء، ليس الدليل الوحيد على تورط واشنطن بشكل مباشر في الهجوم الإسرائيلي على إيران، بل إن موقع “ميدل إيست آي” البريطاني كشف أن الولايات المتحدة سلمت مئات من صواريخ “هيلفاير” إلى إسرائيل بهدوء قبل هجومها على إيران، وقالت في تقرير خاص نشرته على موقعها الرسمي يوم أمس:” أرسلت الولايات المتحدة نحو 300 صاروخ من طراز هيلفاير إلى إسرائيل يوم الثلاثاء في مخزون واسع النطاق من الإمدادات قبل هجومها”، لينقل أيضاً عن مسؤولين أميركيين اثنين قولهم: إن نقل مثل هذه الكمية الكبيرة من صواريخ هيلفاير يشير إلى أن إدارة ترامب كانت على علم جيد بخطط إسرائيل لمهاجمة إيران.
من الواضح أن ضرب إيران يشكل مصلحة إسرائيلية– أميركية واحدة، فالأولى قامت بما قامت به “لصد التهديد الإيراني لبقاء إسرائيل”، بحسب ما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال: إنها ستواصل عملياتها طالما كان ذلك ضرورياً “لإزالة هذه التهديدات”، وأن “بإمكان إيران إنتاج سلاح نووي في وقت قصير جداً، قد يستغرق الأمر عاماً، أو بضعة أشهر، هذا خطر واضح ومباشر على بقاء إسرائيل”، بحسب ما نقل موقع (CNN)، ليؤكد ترامب ذات الشيء بقوله أمس: إنه أمهل الإيرانيين 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق، “واليوم (أمس) مضى 61 يوماً” محذراً طهران من وقوع هجمات “أكثر وحشية”، وهددها “بإبرام صفقة… قبل أن لا يتبقى شيء”.
وسط جملة الهجمات والهجمات المضادة، بين إيران وإسرائيل، واتهام طهران لواشنطن بالمشاركة في الهجوم، ثمة سؤال يطرح ذاته هل ستعقد الجولة السادسة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية، المقررة غداً الأحد، في مسقط، وهل ستنجح واشنطن في تحويل الهجوم الإسرائيلي إلى عصا في وجه إيران، وتدفع بها للقبول بشروطها، بعد الهجوم الإسرائيلي؟.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي قال: “إن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة “لا معنى لها”، بعد الهجمات الإسرائيلية(…) “تصرف الطرف الآخر (الولايات المتحدة) بطريقة تجعل الحوار بلا معنى(…) لا يمكنك ادعاء التفاوض وفي الوقت نفسه تقسم العمل بالسماح للنظام الصهيوني باستهداف الأراضي الإيرانية”، حسب ما ذكرت وكالة “تسنيم” الإيرانية.
وذات الأمر أكده ديفيد شينكر، المسؤول الكبير السابق في إدارة ترامب الأولى والخبير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بقوله: “من المرجح أن يكون حديث ترامب عن العودة إلى الاتفاق النووي غير مقبول الآن”، بحسب ما ذكر موقع “ميدل إيست آي”.