الثورة :
أظهر “تقرير المخدرات العالمي” الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن سوريا لا تزال تشكّل محوراً رئيسياً في إنتاج وتصدير المخدرات، وتحديداً حبوب “الكبتاغون”، على الرغم من التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد، والجهود الأمنية التي تبذلها الحكومة السورية لتعطيل شبكات التهريب.
وبينما أشاد التقرير بخطوات الحكومة السورية، التي شملت الإعلان عن ضبط وإتلاف كميات كبيرة من الكبتاغون خلال الأشهر الماضية، اعتبر في الوقت ذاته أن تلك الإجراءات لم تُنهِ بعد الدور المحوري لسوريا في سلاسل الإنتاج والتهريب الإقليمي.
وقالت أنجيلا مي، رئيسة قسم الشؤون الاجتماعية في المكتب الأممي، إن حجم وتعقيد عمليات إنتاج المخدرات داخل سوريا لا يزال محاطاً بكثير من الغموض، مشيرة إلى استمرار تدفّق شحنات كبيرة من الكبتاغون من داخل الأراضي السورية إلى الخارج، مروراً بالأردن.
وأوضحت مي أن بعض هذه الشحنات قد تعود لمخزونات قديمة لم يتم تصفيتها بعد، إلا أن التوجّه الحالي يرصد تحوّلات في خارطة التهريب، وظهور مختبرات إنتاج جديدة في دول مثل ليبيا، في مؤشر على توسّع النشاط خارج سوريا.
وفي معرض حديثها عن الجهات المتورطة، أكدت المسؤولة الأممية وجود جماعات منظمة تواصل نشاطها في إنتاج الكبتاغون داخل سوريا وفي محيطها الإقليمي، مشددة على أن هذه المجموعات التي راكمت نفوذاً وخبرة واسعة في هذا المجال، “لن تتراجع بسهولة عن تجارتها، ولن تختفي خلال فترة وجيزة”.
ولفتت إلى أن الأمم المتحدة تتبع مقاربة شاملة لمكافحة هذه الظاهرة، تركز على تحليل هيكل الجماعات الإجرامية وآليات عملها، بهدف تصميم استجابات تتلاءم مع السياق المحلي لكل بلد، لأن “لا توجد وصفة واحدة لتفكيك هذه الشبكات”.
كما شددت مي على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي والدولي، موضحة أن المكتب الأممي يعمل على دعم أجهزة إنفاذ القانون في دول المنطقة لتطوير التنسيق فيما بينها، خصوصاً وأن عمليات التهريب تجاوزت حدود الشرق الأوسط، ووصلت إلى القارة الأوروبية.
وأشارت أيضاً إلى أن دعم الأمم المتحدة يتجاوز الشق الأمني، ليشمل أيضاً جوانب العلاج والرعاية الصحية، عبر دعم برامج مبنية على الأدلة لمساعدة المدمنين على التعافي ودمجهم مجدداً في المجتمع.
ويأتي هذا التقرير في وقت يتزايد فيه القلق الدولي من استمرار نشاط شبكات المخدرات في سوريا، رغم الجهود الرسمية لاحتوائها، وسط دعوات متواصلة لتعزيز التعاون العابر للحدود من أجل مواجهة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.