الثورة – جاك وهبه:
لعقود، ظل النظام الضريبي السوري عاجزاً عن مواكبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، ما جعل إصلاحه مطلباً ملحاً ليس فقط من الجهات الرسمية، بل من المواطنين والفعاليات الاقتصادية على حد سواء.. إذ تُعد الضرائب في سوريا من أكثر الملفات المالية تعقيداً وإثارة للجدل، إذ طالما ارتبطت بنظام قانوني قديم، وإجراءات بيروقراطية، وشكاوى واسعة من عدم العدالة وغياب الشفافية.
واليوم، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تفتح وزارة المالية ملف الضرائب من جديد، ساعية إلى إعادة هيكلته على أسس أكثر عدالة وكفاءة، إذ كشف وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية عن ملامح وتواريخ مهمة ضمن خطة الإصلاح الضريبي الجديدة التي تعمل عليها الحكومة ، مشيراً إلى أن البلاد تستعد للدخول في مرحلة جديدة من السياسات الضريبية أكثر عدالة وشفافية.
جاء ذلك في منشور له عبر منصة “لينكد إن”، إذ أشار إلى أن لجنة الإصلاح الضريبي عقدت اجتماعها الأسبوعي الرابع، وشهد الاجتماع استعراضاً لأبرز جوانب التقدم التي أُحرزت حتى الآن.
وأوضح برنية أن الوزارة ستقوم خلال الأسبوعين المقبلين بتوزيع ورقة مفاهيمية أولية حول مشروع “الضريبة الموحدة على الدخل”، تمهيداً لإطلاق حوار عام حولها مع مختلف الجهات المعنية والجمهور، ما يُعد خطوة أساسية في طريق إعداد القانون الجديد الذي من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ مع بداية عام 2026، وشدد على أن هذه الورقة تهدف إلى فتح باب التشاور وتعزيز المشاركة المجتمعية في صياغة النظام الضريبي المرتقب.
كما أكد وزير المالية أن مراجعة رسوم البيوع العقارية قد أُنجزت بالكامل، ومن المتوقع أن يبدأ العمل بالتعديلات الجديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مما ينعكس على واقع المعاملات العقارية في البلاد.
وضمن إطار التعديلات المنتظرة، أشار إلى أن ضريبة رسم الإنفاق الاستهلاكي سيتم إلغاؤها قريباً، وسيتم استبدالها بضريبة المبيعات، التي صيغت بطريقة تراعي التبسيط والتخفيف وزيادة الإعفاءات، وهي خطوة تمهّد بدورها للانتقال مستقبلاً إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
وفي سياق متصل، لفت الدكتور برنية إلى أن الوزارة أنجزت مراجعة شاملة لرسم الطابع، متوقعاً الإعلان عن تفاصيلها خلال الأسبوعين القادمين، كما أشار إلى تقدم ملحوظ في مناقشة التعديلات المتعلقة برسوم جميع الوزارات والهيئات العامة، من خلال التنسيق المباشر معها في سبيل الوصول إلى نظام مالي أكثر توازناً وفعالية.
ولم يغفل الوزير الإشارة إلى التحديات الكبيرة التي تواجه النظام الضريبي السوري، مبيناً وجود قصور وإرث ثقيل يتطلب العمل الجاد لمعالجته، خاصة فيما يتعلق بتحقيق العدالة الضريبية والاستجابة لشكاوى المواطنين، ورغم أن هذه الجوانب قد تخرج عن صلاحيات لجنة الإصلاح الضريبي نفسها، إلا أن الوزير أكد التزامه بعدم إغفالها.
كما أكد برنية على أهمية التحول الرقمي في مجال الضرائب والرسوم، مشيراً إلى أن العمل جارٍ لتطوير آليات الدفع والتواصل الرقمية بما يعزز من كفاءة النظام ويقلل من التعقيدات الإدارية.