الثورة- منذر عيد:
دفعت ديناميكية سياسة الإدارة الجديدة لسوريا بعد ثمانية أشهر، بمياه الدبلوماسية البريطانية الراكدة إلى الجريان في القنوات نحو دمشق، معلنة عن عودة العلاقات بين الطرفين بعد قطيعة 14 عاماً زمن النظام السابق، في خطوة تراكمية تضاف إلى جملة المواقف الأوروبية الإيجابية إزاء دمشق، وبما يسهم في دعم عملية التعافي في سوريا، ويسهم بفتح الأبواب أمام استثمارات ومساعدات دولية حيوية، بما ينعكس إيجاباً في الداخل “الاتحاد” خاصة لجهة التقليل من مخاطر الهجرة غير الشرعية.
الزيارة المفاجئة لوزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي إلى دمشق أمس السبت، ليست عبثية ولا من باب المجاملة، فالدولة الأكثر ثقلاً وتأثيراً في أوروبا ( وإن خرجت من الاتحاد الأوروبي كمنظمة) تعي جيداً أهمية أن تتمتع سوريا باستقرار أمني وسياسي واقتصادي، وتدرك أي خطر قد يلحق بها في حال عدم تحقيق ذلك، خاصة أن الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع سارعت منذ اللحظات الأولى في إدارة مهامها إلى إعادة ترتيب علاقاتها الدولية، على قاعدة حسن الجوار مع الدول الإقليمية، والاحترام المتبادل والندية مع الدول العالمية، وهو ما كان من خلال لقاء الرئيس الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض، ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بباريس في شهر شباط الماضي، لتثمر اللقاءات عن رفع واشنطن والاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن دمشق.
تشكل زيارة وزير خارجية بريطانيا إلى دمشق، وإعادة لندن علاقاتها الدبلوماسية معها، حجراً إضافية في رصف الطريق الدبلوماسي بين سوريا وأوروبا، وتحولاً جوهرياً من سياسة الضغط والاحتواء إلى تقديم الدعم الفعلي لعملية الاستقرار في سوريا، ليؤكد لامي عبر منصة “X” بقوله: “بعد أكثر من عقد من الحرب والقمع، عاد الأمل إلى الشعب السوري(…) سوريا مهمة للمملكة المتحدة، واستقرارها يقلل خطر الهجرة غير الشرعية والتهديدات الإرهابية لأمننا القومي”، لتصف ممثلة المملكة المتحدة لدى سوريا آن سنو عبر منصة” X ” أيضاً زيارة لامي بالخطوة المهمة في مواصلة تعزيز العلاقات بين المملكة المتحدة وسوريا.
يرسم توصيف الحكومة البريطانية زيارة لامي إلى دمشق، بأنها تمثّل بداية مسار دبلوماسي جديد في العلاقات بين المملكة المتحدة وسوريا، الصورة الجديدة بين البلدين، خاصة أن بريطانيا اتفقت مع دولة قطر في نيسان الماضي على العمل المشترك في سوريا لتقديم المساعدات الإنسانية ودعم التعافي الاقتصادي، وهو ما تأكد بالأمس من خلال كشف الحكومة البريطانية، عن تخصيص حزمة إضافية من المساعدات بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني، ستُوجَّه لتقديم دعم إنساني عاجل للسوريين داخل البلاد وخارجها، في خطوة قالت عنها وكالة “رويترز”: إنها تعكس التزام لندن بمسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوري.