الربوة تحت رحمة مستثمرين يقضمون سكة القطار ويسورون مجرى بردى

الثورة – ثورة زينية:

ذكريات طاولة الزهر على ضفاف بردى في منطقة الربوة ما زالت تدغدغ ذاكرة رشاد تنبكجي الدمشقي العتيق- 76 عاماً، واصفاً الربوة بأنها كانت جنة غناء فيما مضى، متحسراً على ما آل إليه حالها عليه اليوم من إهمال وفقدان ملامح جمالها الأخضر وغياب نهر بردى رفيقها الأزلي.

موقع سياحي استراتيجي

لقد استفاض المؤرخون بوصف محاسنها، واعتبرها الكثيرون أجمل متنزهات دمشق، ورفيقة نهر بردى، وجارة جبل قاسيون.. تستريح بين جبلين، ومنها يتفرع نهر بردى إلى سبعة أفرع، تقع في المنطقة الغربية من دمشق، مستقبلة نسائم غوطتها الغربية ومناطق اصطيافها الشهيرة في الزبداني، وبلودان، وعين الفيجة، لذا فإنها تعتبر بوابة المغادرين من دمشق نحو مناطق الاصطياف الغربية.
تتميز الربوة بموقعها الاستراتيجي السياحي، إذ تتوضع على طريق بيروت القديم، وكان فيما مضى يعبرها القطار البخاري في رحلته نحو نبع بردى والزبداني، ولقربها من أحياء دمشق اختارها كثيرون من أثرياء العاصمة مصيفاً لهم في القرون الماضية.
كما اختارها عدد من المتخصصين بإنشاء المتنزهات والمطاعم وإدارتها منذ أواخر النصف الأول من القرن العشرين الماضي لتكون مكاناً لمطاعمهم ومقاهيهم.. وهكذا نالت شهرة واسعة بين الدمشقيين وزوار العاصمة وسياحها، ومنها مقهى “أبو شفيق” الذي كان مقصداً للكتاب والشعراء، وعلى رأسهم محمد الماغوط وجيله من الأدباء والشعراء، وهناك أيضاً مقاه أخرى تقدم البرامج الفنية والحفلات، إضافة إلى تقديمها معظم أنواع المأكولات والمقبلات الدمشقية الشرقية.
كانت ولا تزال منطقة الربوة غرب العاصمة المقصد المفضّل للعائلات والمنطقة الأفضل للاستجمام يوم الجمعة فيما يعرف بطقس السيران الذي يُعد تقليداً ثابتاً لدى العائلات الدمشقية.

التشوه البصري والبيئي

ولكن الصورة البصرية والبيئية تشوهت فعلاً خلال الأعوام الأخيرة، وارتكبت المخالفات من خلال قطع الأشجار والتعدي على الأراضي التي من المفروض أن تكون ملكاً للدولة، كما يقوم أصحاب المنشآت السياحية برمي فضلاتهم بمجرى نهر بردى، وحتى سكة القطار لم تسلم من هذه التعديات، إضافة إلى وجود محطة محروقات في مدخل الربوة تعرقل حركة السير ما يسبب ازدحاماً مرورياً على طريق بيروت القديم الذي يقطع منطقة الربوة بمسار ضيق.
“الثورة “زارت الربوة ووقفت على عدد من الآراء والإشكالات التي باح فيها عدد من سكان المنطقة ومرتادي المنتزهات وبعض أصحاب الفعاليات.
يقول ربيع الزعيم- أحد ساكني منطقة الربوة: منذ سنوات والتعديات تتفاقم على أملاك الدولة وحرمة نهر بردى ومعظم من تعدى كان مرتبطاً بمتنفذ أو مسؤول في سلطة النظام البائد، ولم يكن يعنيه قانون ولاهم يحزنون وساهمت حالة الفساد المنتشرة آنذاك إلى حد كبير في زيادة حالات التعدّي.
ماهر دوارة- أحد مرتادي متنزهات منطقة الربوة في أيام العطل، أكد أن هذا المكان فقد بريقه بعد أن تغاضى المعنيون في محافظة دمشق سابقاً عن هذه التعديات من قطع للأشجار التي باتت معدودة بعد أن كانت حقول الربوة جنة تعج بأجمل أنواع الأشجار، إضافة إلى التعدي على مجرى نهر بردى وبناء جسور بشكل عشوائي، ورمي الأوساخ ومخلفات المطاعم والمقاهي في مجرى النهر بردى والتهاون في التعامل مع التجاوزات الفاضحة وتحويل مياه الصرف الصحي لمناطق المخالفات إلى النهر.
سماح عاجي، قالت: اعتدت مع عائلتي قضاء يوم الجمعة في الربوة كونها المصيف الأقرب لدمشق، نأخذ الأغراض اللازمة للتنزه، ونجلس في أحد المنتزهات الشعبية التي تقدم لنا الخدمات، لكن الحال الذي وصلت إليه الربوة بسبب إهمال المعنيين لها دفع الكثيرين ممن كانوا يرتادونها سابقاً إلى العزوف عن المجيء إليها وتفضيل مناطق أخرى عليها.

تعدٍ سافر

واتهم صاحب أحد المتنزهات العتيقة في الربوة قيام عدد من المستثمرين بالاعتداء على الأراضي المملوكة لمحافظة دمشق، والتي تعد من ضمن أملاك الدولة والتعدي على مئات الدونمات من الأراضي المنتشرة على طرفي الطريق من خلال علاقاتهم مع المتنفذين في سلطة النظام البائد، ووصل الأمر إلى إقامة عدد منهم مشاريعهم الخاصة على تلك الأراضي والأبنية الموجودة فيها، ووصل بهم الأمر إلى تنفيذ استثمارات على سكة القطار والتعدي بشكل سافر عليها.
ويضيف: إن الرقابة ما زالت شبه معدومة، وكل صاحب مطعم يحاول أن يتوسّع بمنتزهه على حساب أملاك الدولة، إذ يقوم بقطع الأشجار التي تعطي جمالية للمنطقة أمام أعين المحافظة، مبيناً أن أكثر أصحاب المنتزهات يقومون بمخالفات لكسب المال ورفع سعر الإيجار على المستثمرين.

واجهة سياحية

الدكتور نبيه عمران خبير في تخطيط المدن بين لـ”الثورة” أن منطقة الربوة تتبع إدارياً للمنظومة البيئية لمدينة دمشق لكونها جزءاً حيوياً لنهر بردى ووقوعها بين جبلين يعطيها طبيعة جمالية، كما تعد استراحة لأهالي دمشق، وأي اعتداء على هذه المنطقة يكون له أثر سلبي على طبيعتها ما يؤثر في الثلاثية النهر والجبل والطبيعة، ولذلك يجب إعداد دراسات تأخذ بعين الاعتبار هذه الوقائع، فهي المنطقة السياحية الأقرب للعاصمة ومن الواجب أن تكون بوابة دمشق الواجهة السياحية الغربية، إذ تنطلق إلى أجمل مناطق الاصطياف في الريف القريب كـ “بلودان والزبداني ووادي بردى”.
الموضوع لا يمكن أن يترك هكذا بلا اهتمام ومتابعة من الجهات المعنية، ولا يمكن للتعديات المستمرة على الأشجار بقطعها بشكل منهجي بذريعة ترخيص منتزهات، وتجاوز حرمة ما تبقى من مجرى نهر بردى عن طريق بناء جدار استنادي للمنتزه وردمه بالمخلّفات التي تنتج عن عملية التسوية والتجريف و بناء جسور فوق مجرى النهر أن تمر مرور الكرام، علماً أن تعليمات وقوانين استئجار المنتزهات في منطقة الربوة تمنع قطع الأشجار والاعتداء على مجرى النهر.
سكان ومرتادو الربوة يتساءلون لم يحرك ساكناً حتى اليوم بعد الانتهاء من سلطة النظام البائد.. وأين هي الرقابة والدوريات التي يجب أن يسيّرها المعنيون لحماية الربوة وحدائقها؟!

صخرة الحب الشهيرة

غير أن شهرة الربوة لا تنحصر فقط في مطاعمها ومنتزهاتها وطبيعتها الجميلة.. بل توجد فيها معالم طبيعية لافتة، منها الصخرة الرابضة في أحد جبليها وهو ذلك المطل على المقاهي، أطلق عليها لقب “صخرة الحب” بعدما كتب عليها أحد العشاق الدمشقيين في خمسينيات القرن الماضي عبارة “اذكريني دائماً” ورمى نفسه من فوقها منتحراً، بسبب رفض أهل حبيبته تزويجه إياها.
وتقول الحكاية، التي يرويها كثيرون من أبناء الربوة ويؤكدون أنها حقيقية وحصلت فعلاً، إنه عندما علمت الحبيبة بقصة الانتحار بادرت إلى كتابة عبارة “لن أنساك” على الصخرة نفسها وانتحرت مثل فتى أحلامها.

آخر الأخبار
حرائق اللاذقية الأكبر على مستوى سوريا... والرياح تزيد من صعوبة المواجهة تحذير من خطر الحيوانات البرية الهاربة من النيران في ريف اللاذقية مدير المنطقة الشمالية باللاذقية: الحرائق أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار عودة جهاز الطبقي المحوري إلى الخدمة بمستشفى حمص الوطني الشيباني يبحث مع وفد أوروبي تداعيات الحرائق في سوريا وقضايا أخرى تعزيز دور  الإشراف الهندسي في المدينة الصناعية بحسياء وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق