الثورة – ناديا سعود:
اعتبر الخبير المصرفي أنس الفيومي في تعليق له على إعلان المصرف الصناعي الأخير حول استئناف منح القروض الصناعية والحرفية، أن هذه الخطوة تمثل بادرة جيدة، لكنها تطرح في الوقت ذاته جملة من التساؤلات المشروعة حول آلية التنفيذ، وسرعة الإجراءات، ومستوى التمويل الفعلي للمشاريع.
وقال الفيومي في تصريح خاص لـصحيفة الثورة: فوجئت بإعلان المصرف الصناعي، وظننت في البداية أنه مجرد إشاعة، إلى أن تأكدت من صحته عبر مصدر خاص، وذلك بسبب معرفتنا العامة بشح السيولة لدى معظم المصارف العاملة في السوق المحلي.
وأوضح أن نجاح هذه المبادرة مرهون بعدة عوامل، أبرزها طريقة صرف القرض، سواء تم منحه دفعة واحدة أم على دفعات صغيرة ممتدة زمنياً، ما قد يفقده جدواه الاقتصادية، مشدداً على أهمية وضوح الإعلان فيما يتعلق بالفترة الزمنية بين تقديم الطلب والحصول على القرض، تجنباً لتحميل المقترض أعباء إضافية.
تمويل غير كافٍ
وتحدث الفيومي عن معضلة التمويل الصناعي في سوريا، مؤكداً أن المشكلة الأساسية في تعثر عدد كبير من المشاريع الصناعية تعود إلى عدم كفاية التمويل نتيجة تحديد سقوف منخفضة للإقراض، قائلاً: “من خلال متابعتي لملف القروض المتعثرة وجدت أن السبب الأهم هو عدم كفاية التمويل، إلى جانب دراسات جدوى غير دقيقة أو معدّة خصيصاً لتناسب شروط المصرف وليس احتياجات المشروع الحقيقية”.
ودعا إلى ضرورة اعتماد نهج حكومي استراتيجي في توجيه الإقراض نحو القطاعات الصناعية التي تمتلك فيها البلاد ميزة نسبية، مستشهداً بتجارب دولية مثل اليابان وفيتنام التي اختارت قطاعات صناعية محددة وأصبحت علامات عالمية، مشدداً على أهمية تبني نموذج مشابه في سوريا، بما يسهم في إعادة الاعتبار لعبارة “صُنع في سوريا”.. كما اعتبر أن القروض الموجهة لدعم هذا القطاع يجب أن تحظى بالأولوية في التمويل، سواء عبر المصرف الصناعي أو غيره، لكونها تمثل حجر الأساس في عملية الإعمار الاقتصادي.
الفرق بين القرض والكفالة المصرفية
وفي سياق متصل، بيّن الفيومي الفارق بين القرض والكفالة المصرفية، لافتاً إلى أن الكفالة تعد منتجاً مصرفياً ثلاثي الأطراف (المصرف، الزبون، والجهة المستفيدة) وتمنح بعوائد جيدة، مؤكداً أنها ليست حكراً على الصناعيين، بل تشمل جميع الجهات التي ترتبط بتعهدات مع أطراف أخرى.
وحول المشاريع الصغيرة والمتوسطة، أشار الفيومي إلى أن الإعلان لم يتضمن تحديداً واضحاً لهذه الشريحة من المشاريع، إلا أن التوجه الحكومي المعلن مؤخراً عبر هيئة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة يبشّر بإعادة هيكلة الدعم لهذه الفئة الحيوية، متوقعاً تعاوناً وثيقاً بين المصارف العامة والخاصة في هذا الإطار.
واختتم الفيومي حديثه بالتأكيد على أن منح القروض الصناعية في الظروف الحالية لا يمكن اعتباره رهاناً، بل هو قرار يعتمد على تحسن الواقع المالي العام، وتوافر السيولة، وتحرير سقوف السحب، وتنشيط حركة التحويلات، والأهم من كل ذلك عودة الثقة بعمل القطاع المصرفي، مشيراً إلى أن هذه الخطوة يجب أن تترافق مع تغيير جذري في آليات عمل المصارف لتتجاوز دورها التقليدي كمكان للإيداع والسحب فقط، وتستعيد دورها كأداة تمويل تنموية فعالة.