الثورة – هراير جوانيان:
تنطلق منافسات الدوري الإيطالي لكرة القدم لموسم (2024-2025) وهي ترنو إلى ماضيها، حيث كانت تشكل قبلة لاعبي العالم، حتى وصفها البعض بأنها (جنة كرة القدم) ومع تراجع اقتصادياتها، على وقع الفضائح والتعثرات المالية التي ألمّت بأنديتها الكبرى، سمح ذلك بخروج قوى جديدة طامحة وصاعدة، وبذلك يعود الكالتشيو إلى صدارة المشهد الأوروبي، بتركيبة من التنافس العنيف، والتجديد الإستراتيجي في الفرق الكلاسيكية، إلى جانب بروز آمال جديدة تسعى لاقتحام المراكز المتقدمة.
يمكن قراءة قوة الكالتشيو، من خلال نشاطه المكثف في سوق الانتقالات وأرباحها المالية، فحتى قبل نحو ثلاثة أسابيع من إغلاق فترة الانتقالات، أنفقت أندية الكالتشيو نحو (800) مليون يورو، مقابل بيع لاعبين بقيمة تجاوزت الـ(850) مليون يورو، وهو فائض طفيف يدل على عقلانية بعض الأندية في سوق انتقالات مضطربة.
اقتصادياً، يشهد الدوري حركة غير مسبوقة، مع استثمارات ضخمة في الانتقالات والبنية التحتية، إضافة إلى محاولات متزايدة لزيادة الإيرادات عبر حقوق البث، مما يجعل الدوري لا يعكس فقط لعبة كرة قدم، بل صناعة ضخمة تعكس الطموح الإيطالي في هذا المجال.
يرى المراقبون أنّ اللقب مرّة أخرى لن يخرج من بين أحد الأربعة الكبار، فنابولي، حامل اللقب، بقيادة المدرب أنتونيو كونتي، سيكون أمام مهمة صعبة في الحفاظ على لقبه، على الرغم أنّ الفريق احتفظ بأبرز العناصر، في مقدمها الهداف البلجيكي روميلو لوكاكو، والإسكتلندي سكوت ماكتوميناي، والمدافع الدولي أليساندرو بونجورنو، وأضيف إليهم كيفن دي بروين القادم من مانشستر سيتي، وكذلك الهداف الهولندي نوا لانغ، والحارس الدولي الصربي ميلينكوفيتش سافيتش.
أما إنتر ميلانو الذي سيقوده المدرب الروماني كريستيان تشيفو، بدلاً من سيموني إنزاغي المنتقل إلى الهلال السعودي، احتفظ بأبرز عناصر الفريق، الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز، والحارس السويسري يان سومر، والفرنسي ماركوس تورام، ولاعب الوسط هاكان شالهانوغلو.
أما جوفنتوس فيتطلع للعودة إلى منصة التتويج، إثر سيطرته في العقد الزمني الماضي بتسعة ألقاب متتالية، ولا تبدو التشكيلة الحالية التي يقودها المدرب الكرواتي إيغور تيودور قادرة على فعل ذلك، رغم كل اجتهادات إدارة الفريق التي تعيش سوقاً هادئة، حيث أبقت على أغلب الأسماء التي تواجدت في مونديال الأندية، ومنهم التركي كنان يلديز، والهداف الصربي دوسان فلاهوفيتش، وقائد الفريق مانويل لوكاتيللي، وتم ضم المهاجم الكندي جوناثان دافيد من ليل الفرنسي.
والكبير الرابع إ.سي ميلان استعان بالمدرب المخضرم ماسيمليانو أليغري، المتوّج بلقب السكوديتو عام (2011) بألوان الروزونيري، قبل أن يتوّج لخمس مرات متتالية مع السيدة العجوز، ولا يبدو واقع ميلان الحالي أنه يشير إلى قدرته على المنافسة، برغم تاريخه الكبير، وضمّ الأسطورة الكرواتية لوكا مودريتش، واحتفاظه بالجناح البرتغالي رافايل لياو، والأميركي كريستيان بوليسيتش.
وبعيداً من الأربعة الأقوياء، فإنّ توقعات كبيرة تصب لدى فريقي العاصمة روما ولاتسيو للعب دور الحصان الأسود، وتالياً إحداث تغييرات على سلم البطولة، من دون أن تبلغ درجة المنافسة الفعلية حتى النهاية، لكن الجديد بالنسبة إلى روما هو تعاقده مع المدرب جان بييرو غاسبريني، الذي صنع أمجاد أتلانتا في السنوات العشر الأخيرة، وتسلم سلفه المعتزل كلاوديو رانييري مسؤولية التطوير في النادي.
ومن الأقوياء أيضاً الذين يحاولون لكن بلا نجاح، الفريق البنفسجي فيورنتينا، الذي سيقوده هذا الموسم ستيفانو بيولي، العائد من الكرة السعودية، بعد موسم غير ناجح قضاه مع النصر، فريق الأسطورة كريستيانو رونالدو.
وأثبتت فرق مثل أتلانتا وبولونيا، وكذلك كومو، الذي يقوده الإسباني سيسك فابريغاس، أنّ المنافسة المفتوحة ليست حكراً على الكبار فقط.