الثورة – لينا شلهوب:
مع انطلاق موسم قطاف الزيتون للعام الحالي، أصدرت وزارة الزراعة مؤخرا التعميم رقم /54/ الذي يحدد مواعيد بدء القطاف في مختلف المحافظات، استناداً إلى الدراسات الميدانية، والظروف المناخية السائدة، ويأتي هذا القرار في إطار الجهود الرامية إلى تنظيم العملية الإنتاجية، وتحسين جودة الزيت السوري، بما يضمن تحقيق توازن بين الجدوى الاقتصادية، وجودة المنتج، والحفاظ على استدامة الشجرة المباركة في مواجهة التحديات المناخية والبيئية المتزايدة.
المواعيد وفقاً للظروف
الخبير الزراعي المهندس مصطفى مفيد الحمود بين لصحيفة الثورة أنه وفقاً للظروف المناخية السائدة والإنتاج لهذا الموسم، وبناءً على الجولات التي تمت بالتنسيق مع مديريات الزراعة والإصلاح الزراعي، تم تحديد موعد القطاف عند نضج الثمار وتلاؤمها مع الظروف المناخية حسب مناطق الإنتاج والأصناف في المحافظات، مبيناً أن وزارة الزراعة تؤكد عبر تعميمها على ضرورة التزام المزارعين بالتعليمات الخاصة بعملية القطاف من حيث التوقيت والطريقة، وذلك لضمان الحصول على مردود جيد من الزيت يتمتع بمواصفات جودة عالية. وأضاف أنه نظراً لانخفاض الحمل لهذا الموسم وحدوث نضج قصري للثمار بسبب التغيرات المناخية، وبناء على طلب المزارعين في أغلب مناطق ريف حلب، فقد تمّ تحديد موعد مبكر للقطاف في هذه المناطق، وبالتالي سيكون هناك احتمال انخفاض في مردود الزيت خلال بداية موسم القطاف، كما تقرر فتح المعاصر في الريف الغربي لمحافظتي حماة وحمص بموعد يسبق المناطق الساحلية، نظراً لأن الظروف المناخية السائدة والأصناف المزروعة هناك تظهر نضجاً مبكراً مقارنة مع بقية المناطق، ويُطلب من أصحاب المعاصر التقيد بموعد افتتاحها قبل أسبوع واحد من موعد القطاف لإتمام عمليات الصيانة والتجريب بشكل جيد.
المهندس الحمود يؤكد أن التعميم الصادر يأتي في إطار جهود وزارة الزراعة لتنظيم موسم قطاف الزيتون، ويتضح أن الوزارة اعتمدت منهجاً مرناً يوازن بين الحاجة إلى تحديد مواعيد واضحة للقطاف، ومتطلبات كل منطقة بحسب طبيعتها المناخية ومؤشر نضج الثمار فيها، إذ يبدأ الموسم هذا العام في المحافظات الساحلية، حيث تنضج الثمار مبكراً نتيجة الرطوبة العالية، ودرجات الحرارة المعتدلة، بينما يتأخر في المحافظات الداخلية والجبلية وتبرز محافظة إدلب وريف دمشق والسويداء كأواخر المناطق في مواعيد القطاف نظراً للبرودة النسبية وتأخر اكتمال النضج. ويضيف:هذه الإجراءات تظهر إدراك الوزارة للتغيرات المناخية وآثارها على الإنتاج الزراعي، وتعكس سياسة إدارة مرنة تراعي اختلاف الظروف من منطقة إلى أخرى، وهي خطوة تهدف للحفاظ على جودة الزيت السوري، وتحسين الكفاءة الإنتاجية رغم التحديات البيئية والاقتصادية.
رصد النضج الفعلي
الخبير في المحاصيل الزيتية المهندس فواز أسعد أوضح أن التعميم واقعي ومتوازن يدمج بين الجانب الإداري والتنفيذي والميداني، إلا أنه يؤكد ضرورة المتابعة الحقلية اليومية لرصد النضج الفعلي للثمار، وعدم الاعتماد فقط على المواعيد المحددة سلفاً، كما يقترح تعزيز التواصل بين مديريات الزراعة والمعاصر عبر منصات رقمية التحديث المواعيد وتبادل المعلومات، وهذه الخطوات كفيلة برفع مستوى التنظيم وضمان إنتاج زيت عالي الجودة، يرسخ مكانة الزيت السوري كمصدر متميز على المستويين المحلي والدولي.
المواعيد وفقاً للظروف
ترى المهندسة الزراعية رنيم الصفدي أنه يشكل خطوة تنظيمية مهمة تهدف إلى إدارة موسم قطاف الزيتون، إضافة إلى أنه يجمع بين الجانبين الفني والإداري في إدارة قطاع الزيتون، أحد أهم المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، فمن الناحية الزراعية، يسهم تحديد مواعيد القطاف بدقة في ضمان جني الثمار عند درجة النضج المثلى، ما ينعكس إيجاباً على جودة الزيت ونسبة استخلاصه، ويقلل من الخسائر الناتجة عن القطاف المبكر أو المتأخر، كذلك إن التمييز بين المحافظات وفق ظروفها المناخية، يكرّس نهج الزراعة الدقيقة والاستجابة الواقعية للتغيرات البيئية.
أما اقتصادياً، فلفتت المهندسة الصفدي إلى أن تنظيم المواعيد يسهم في تحسين جودة الزيت السوري، وتعزيز قدرته التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية، إلى جانب ضبط عمل المعاصر وتوزيع الجهد الإنتاجي بشكل متوازن بين المناطق، فهذا التنظيم يسهم أيضاُ في رفع مردود المزارعين، والحد من الفاقد الناتج عن سوء التوقيت أو ضعف التنسيق، منوهة بأن التعميم لم يغفل الجانب البيئي، إذ أشار إلى تأثيرات التغيرات المناخية التي أدت إلى نضج قصري للثمار، وتراجع الحمل في بعض المناطق، ما يعكس وعي الوزارة بأهمية التكيّف مع الواقع المناخي الجديد، واتخاذ إجراءات مرنة تضمن استمرارية الإنتاج دون الإضرار بجودته، مشيرة إلى أن تضمين التعليمات الخاصة بعمل المعاصر وتحديد موعد افتتاحها قبل أسبوع من بدء الموسم، يعكس حرص الوزارة
إدارة الموسم وجودة المنتج
يرى خبراء المحاصيل الزيتية أن هذا التعميم لا يعد مجرد قرار تنظيمي، بل هو وثيقة استراتيجية تعكس إدراكاً حكومياً متقدماً لتحديات القطاع الزراعي في ظل التغيرات المناخية والاقتصادية، فهو خطوة في اتجاه بناء إدارة زراعية مرنة ومستدامة، تضع المزارع في قلب القرار وتعمل على حماية أحد أهم رموز الزراعة السورية ” الزيتون”، بما يحفظ جودته وسمعته التاريخية في الداخل والخارج.