ثورة أون لاين:
يرى الباحث الدكتور سهيل عروسي أن التعامل مع موضوع التصوف كنزعة دينية ذات طابع فلسفي هو تعامل محفوف بالمخاطر ما يقتضي العمل على إزالة الشوائب والعوالق التي لحقت به عبر التاريخ التي أبعدته عن المعنى والمضمون لمصلحة المبنى والشكل .. وذلك في مقدمة كتابه التصوف بين الفقه والايديولوجيا الصادر عن الهيئة السورية للكتاب.
ويتسم الخطاب الصوفي حسب عروسي بسمتين رئيسيتين أولهما “الفرادة والخصوصية” سواء على مستوى الأداة حيث تصعب دراسة النص الصوفي دون امتلاك مخزون لغوي قادر على التعامل مع المفردات الصوفية برموزها ومقاصدها.. أو على مستوى القصد اذ هو في جوهره رحلة ذوقية وتجربة روحية ذات بعد تخيلي غامض وادهاشي دفع المتصوفة ثمنها غاليا..والسمة الثانية هي الاشكاليات التي رافقت الخطاب الصوفي في الدين والسياسة والمجتمع والتي جعلت منه موضوع ريبة وشك واستهجان لدى البعض واستحسان مشوب بالحذر لدى البعض الآخر.
وبين الكاتب الأسباب التي تجعل من التعامل مع التصوف أمرا مسوغا ولازما وهي عمومية الخطاب الصوفي الذي لا يقتصر على دين دون آخر فلكل دين متصوفته وانطلاق الخطاب الصوفي في التعامل مع الآخر من وحدانية الخالق ووحدة الدين وسيطرة النزعات الاستمتاعية وبذخ العيش حيث كان التحدي الصوفي لتلك النزعات زهدا في العيش وكون الصوفية فكرا ونهجا يعارض الطغيان والظلم والاستبداد من خلال الفكر والممارسة..كما ان التصوف يتحرك ضمن الاطار العام للاسلام وداخل ثقافته العربية .
وأوضح أن هناك من يرى أن نزعة التصوف هي أحد تياري الحداثة التي بدأت سياسيا بتأسيس الدولة الأموية وفكريا بحركة التأويل كما ان الصوفية هي انعكاس لحركة المجتمع ولا يمكن فهمها بمعزل عن ظواهر المجتمع الأخرى وادى انغراسها في قاع المجتمع وهمومه لأن تكون في حالة ود وتفاهم مع العامة ومحققة مكانة راقية في الأدب والفن خلال ثروة لغوية فريدة في نوعها لا في كمها.
وحاول الكاتب من خلال كل ذلك التعرض لهذه النزعة الفلسفية وما تعرض لها أصحابها من عنف واضطهاد وصولا الى القتل بأشكاله المختلفة دون أن يعني ذلك وقوفه مع ما حملته تلك النزعة من شعوذات وخرافات في بعض محطاتها وفي هذا الاطار جاء اعتماده على مصادر ومراجع متنوعة تعكس مختلف ألوان الطيف الفكري والسياسي دون تحفظ على أي مرجع أو مصدر سوى ما يخالف الحقيقة.
ويتوزع الكتاب الواقع في 232 صفحة والذي صمم غلافه عبد العزيز محمد على خمسة فصول أولها التصوف النشأة والتعريف والثاني التصوف المراحل والمصادر والثالث مرتكزات الخطاب الصوفي والرابع المذاهب الكبرى للصوفية والفصل الخامس والأخير اضطهاد الصوفية ..وفي ختام الكتاب ثبت المراجع والمصادر التي اعتمد عليها عروسي في تأليف كتابه.
دمشق-سانا