الثورة – عبد الحميد غانم:
تنطلق في الجزائر غداً الثلاثاء فعاليات القمة العربية بنسختها الحادية والثلاثين، وسط ظروف معقدة تشهدها المنطقة والعالم.
وتأتي القمة بعد توقف نحو ثلاث سنوات، إذ كان مقرراً عقدها في آذار 2020، إلا أنه تم تأجيلها نظراً لجائحة كورونا، وهي الرابعة التي تستضيفها الجزائر، وكانت أول قمة استضافتها الجزائر في تشرين الثاني 1973، فيما كانت الأخيرة في العام 2005.
وعقدت آخر قمة عربية اعتيادية في تونس عام 2019 وهي القمة العربية الدورية الثلاثون.
أهمية انعقاد القمة تأتي أولاً من مكان انعقادها، بلد بمكانة الجزائر وتراثها النضالي العريق وإمكاناتها الواسعة، ما يبعث الأمل في النفوس أنه لابدّ أن يلامس اهتمام القمة ولو جزئياً بعض أوجاع الأمة.
وكذلك من اسم القمة، قمة فلسطين، إذ ستكون حاضرة في مناقشات القمة فلسطين في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية المحتلة بطولات وتضحيات ومواجهات تزلزل كيان العدو وتضعف تأثيره وهيمنته، في وقت ينشغل فيه داعموه الرئيسيون أميركا ودول الأطلسي (الناتو)، إذ يواجهون ارتباكات عدة تجعلهم أكثر انشغالاً بمواجهة مشكلاتهم الداخلية التي تزداد تعقيداً.
أزمات المنطقة وأزمات العالم ستكون دون شك حاضرة في اجتماع القمة وفي أي اجتماع تشهده المنطقة والعالم.
القيادة الجزائرية تريد أن تكون القمة العربية ناجحة بمناقشاتها وقراراتها لتفعيل العمل العربي المشترك، ما يتطلب أن تجري القمة مراجعة شجاعة وجريئة لتجاربها السابقة، لاسيما اتخاذ قرارات جائرة جرى اتخاذها سواء بالنسبة لليبيا التي تمّ استدعاء «الناتو» لتدميرها، أو اليمن الذي تمّ «شرعنة» الحرب عليه، أو لسورية إذ تمّ تعليق عضويتها، أو فلسطين التي جرى التملّص من أي التزام تجاه شعبها، بل وصل البعض إلى أن يركب مركب التطبيع مع العدو رغم الأمواج المتلاطمة التي تعيشها المنطقة والعالم.
إذن بات المطلوب من قمة الجزائر اتخاذ مواقف حاسمة تتركز أولاً وبشكل جدي على توحيد الموقف العربي إزاء كلّ ما يتعلق بقضايا الأمة العربية وخصوصاً أن التحديات الماثلة أمام العرب والعالم باتت قضايا شبه مشتركة في آن معاً، مثل قضايا الطاقة وقضايا الصحة والبيئة، في وقت تواجه فيه المنطقة العربية تحديات كبيرة تتمثل في الاحتلال بأشكاله المختلفة الإسرائيلي والأميركي والتركي فضلاً عن التدخلات الخارجية الغربية بمصالح شعوبها ودولها ونهب ثرواتها ومحاصيلها الرئيسة، إلى جانب ما تتعرض له من حصار وتجويع وعدوان وتشريد، وكل أشكال الاستهداف المدمر لمستقبلها وهويتها وحضارتها.
إن معالجة هذه القضايا والأزمات في ساحتنا العربية في قمة الجزائر وفي أيّ اجتماع عربي، رسمي أو شعبي، أمر بالغ الأهمية لمعالجة الحاضر، لكن الاهتمام بسبل تطوير العمل العربي المشترك، الذي قامت جامعة الدول العربية تحت عنوانه أساساً، أمر هام وعاجل ومطلوب حتى تتمكن هذه المؤسسة العربية من القيام بدورها المسؤول والمطلوب عربياً، شعبياً ورسمياً، كي تتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة والحاسمة والقادرة على الفعل الحقيقي لإنقاذ العمل العربي المشترك من حالة الوهن التي فرضتها القوى الخارجية على الأمة العربية لإبقائها في حالة ضعف تام وأن تكون مجزأة ومقسمة، غير قادرة على المواجهة ووعي ذاتها لإصلاح نفسها وتفعيل دورها الحضاري القادر على إعادة الاعتبار لمكانة العرب والدفاع عن حقوقهم وأرضهم المحتلة.
