ثورة أون لاين: بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : ينوس الضجيج المفتعل حول الأسلحة الكيميائية بأحماله السياسية التي تقدم صورة كاريكاتورية من المفارقات الصارخة، ويواجه مأزق العجز الفاضح عن محاكاة الحقيقة المرة الكامنة خلف ألسنة المتكلمين.
فحين يكون العجز السياسي أحد أخطر المفاتيح التي تقود هذه الحملة المفبركة والمفتعلة حول الخطر المزعوم، يصبح من الطبيعي، بل الضروري البحث في الذرائع التي يتم تسويقها، خصوصاً حين تتنطح للحديث فيها أصوات وشخصيات اعتادت النطق بلغة أميركا منذ زمن بعيد، وهي تنفخ في القربة المثقوبة كلما أذنت لها أميركا بذلك.
الحجة مفلسة.. ولا أحد يجادل فيها لاعتبارات كثيرة، في مقدمتها توقيتها وطريقة الافتعال المشبوهة، والذريعة فاشلة.. ولا تحتاج إلى تفنيد، وهي تحمل بذور سقوطها قبل أن تبدأ، لكنها خطيرة بما يكفي للنظر أبعد من المضمون الوضيع الذي تحمله، والتناقض الحاد في التحميل السياسي، حين يقود إلى النقطة المفصلية التي تحدد اتجاهات الحملة ومراميها وغاياتها.
المفجع أن تلك الأصوات تحاول أن تداري فشلها باختلاق ذرائع كاذبة في المنبت كما هي في المعطيات والوقائع، ولاسيما حين تكون محكومة بهذا القدر من الدونية والتي تدفع الأطلسي وبان كي مون ووزراء الحرب في أميركا وألمانيا وغيرهم إلى النفخ في القربة المثقوبة بهذا الاستسهال في قصف تمهيدي، تهيئة لخطوات لاحقة تُعدّ اليوم على قدم وساق.
فالخطوة ليست معزولة عن محيطها السياسي، ولا هي خارج سياق الاستهداف المتواصل عبر السياسة والإعلام والدبلوماسية والعسكرة مروراً بالكذب والافتراء والفبركة، وليس انتهاء باختلاق الذرائع، إلى ان حط المطاف بهم في الحملة المسعورة التي تجتاح الخطاب الغربي عموماً هذه الأيام.
فقصة الباتريوت على الحدود التركية التي تضيف مأزقاً إلى مآزق الخطاب الغربي، يريد الأميركيون أن يستثمروا فيها، بعدما بدت غير مهضومة، لا في حدود الاستجابة الخجولة للمسعى التركي الفاضح، ولا في سياق التبرير للتصعيد والاستفزاز الذي سيقود في النهاية إلى التورط الغربي الكامل في المستنقع بحيث تشغل الرأي العام الأوروبي عن مشكلات الإفلاس التي تحاصر منطقة اليورو، وتهدد مزيداً من الدول الأوروبية بالغرق فيه.
وعلى الضفة الموازية له تقف حكاية التفاهم الغربي على عجز مرتزقة الداخل وأدوات الخارج عن إحراز أي تقدم في سياق الاستهداف، وبالتالي تبرير الانخراط الغربي في العدوان على سورية بشكل مباشر بعدما فشلت حرب الوكالة التي أدارتها على مدى الأشهر الماضية.
وتتقاطع معها أيضاً مجموعة من الحسابات التي تدفع بالإدارة الأميركية إلى الشروع في فصل جديد يقضي بتحفيز الفرنسيين والبريطانيين ومعهم الألمان للمشاركة بفعالية، في وقت تأخذ التسريبات طريقها إلى العلن بقيام جهات استخباراتية أميركية وأوروبية بتزويد بعض جهات المرتزقة في الداخل السوري بأسلحة كيماوية، يتم التحضير العملي على الأرض لاستخدامها عندما تحين اللحظة واتهام سورية بذلك.
ما فاتهم يبدو أكثر بكثير مما احتاطوا له في هذه العملية الخطيرة، حيث التحضير السياسي مكشوف وواضح وفي العالم من يدرك مسبقاً أن الافتراض الغربي والتحرك بمقتضى تلك الذريعة لا يمكن أن يمر خصوصاً أن العالم الذي عانى من كذب الفبركة الغربية لا يمكن أن يؤخذ مرة أخرى.
فالبناء على افتراض غير منطقي ، لا يمكن أن يسوّق مهما كثرت الفبركات المرافقة له، ومهما علت الأبواق المستأجرة أو نفخت في القربة المثقوبة ذاتها، حتى لو تغيرت النغمة أو تعدلت مفرداتها لن تجدي، وسورية التي واجهت سيل الأكاذيب والافتراءات على مدى الأشهر الماضية قادرة على دحضها ولديها ما يكفي من الأدلة على ذلك، وهي ترى في هذه الحملة البغيضة سلوكاً مشيناً يخفي خلفه أجندات خطيرة لا يمكن التساهل معها، ولا تجاهل الانعكاسات الكارثية لها.
وفي هذا العالم قوى مؤمنة بمبادئ القانون الدولي وسبق لها أن عانت من الخديعة الغربية مراراً وتكراراً، ولا يمكن أن تلدغ من الجحر ذاته مرة أخرى، كما أن لديها اليقين بأن ما يحاك داخل الأقبية المظلمة لا يقتصر في تداعياته على الحدث السوري، بل يقود العالم بأسره إلى حافة الهاوية، وهذا غير مسموح به اليوم.
لذلك فإن الفحيح الأميركي، والنفخ الذي نسمعه من تلك الأبواق فتيل في قربة طار قعرها، يحاول أن يستلهم أمر العمليات الجديد الذي يحضّر المسرح العالمي لشرارة صراع، لكن الفتيل حين يشتعل لايعترف بأي قربة كان.. ولا إلى أي موضع يصل !!.
a.ka667@yahoo.com