الثورة:
أثار تسريب صور جوازات السفر الخاصة بأعضاء الوفد السوري الذي زار لبنان مؤخراً استياءً واسعاً في الأوساط السياسية والإعلامية، واعتُبر تصرفاً غير لائق يمسّ قواعد اللياقة الدبلوماسية وحقوق الخصوصية، في وقت تشهد فيه العلاقات اللبنانية السورية بداية مرحلة جديدة من التعاون والانفتاح.
وفي أول رد رسمي لبناني، دان نائب رئيس الوزراء اللبناني طارق متري الحادثة بشدة، واصفاً إياها بأنها “تصرف غير مقبول ومخالف للأعراف الدبلوماسية”، مؤكداً أن الحكومة ستطلب من الجهات المعنية فتح تحقيق رسمي لتحديد المسؤولين عن التسريب ومحاسبتهم.
وقال متري في رده على استفسار صحفي: “لن نسمح بتكرار مثل هذه التصرفات التي تهدف إلى التشويش على الزيارة وإلحاق الضرر بمناخ الثقة بين بيروت ودمشق”، وشدد على أن العلاقات بين من يعملون على بناء الجسور بين البلدين أقوى من محاولات التخريب الإعلامي والسياسي، وأن احترام البروتوكولات الدبلوماسية هو معيار لسيادة الدولة وشفافية مؤسساتها.
وصف مراقبون الحادثة بأنها سابقة خطيرة في السلوك الإداري اللبناني، إذ تمثل انتهاكاً مباشراً لسرية الوثائق الرسمية الخاصة بوفد دبلوماسي، ما يعكس ضعفاً في ضبط الإجراءات داخل المعابر الحدودية.
وأشاروا إلى أن نشر صور جوازات السفر على وسائل التواصل الاجتماعي يمسّ بسمعة لبنان كمضيف دبلوماسي مسؤول، ويبعث برسائل سلبية حول مستوى الانضباط المؤسساتي، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تعزيز صورتها كدولة تحترم المعايير القانونية الدولية.
تداولت حسابات على منصات التواصل مقطعاً مصوراً يُظهر جوازات سفر عدد من أعضاء الوفد السوري، من بينهم مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية محمد طه الأحمد، أثناء عملية ختم الجوازات في معبر المصنع الحدودي.
وأوضحت مصادر صحفية، أن التصوير تم دون إذن رسمي، مؤكدة أن الحادثة تمثل خرقاً للخصوصية ومخالفة للبروتوكولات المعمول بها في المعابر الدولية.
وتأتي هذه الحادثة في وقت دقيق تشهد فيه العلاقات السورية – اللبنانية انفراجاً تدريجياً بعد سنوات من القطيعة، عقب زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بيروت، التي أعلن خلالها أن سوريا الجديدة تسعى إلى “طي صفحة الماضي وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
يرى محللون أن الحادثة تسلط الضوء على غياب الضوابط الأمنية والإدارية الواضحة في بعض المعابر اللبنانية، وتكشف الحاجة الملحّة إلى تعزيز ثقافة احترام البروتوكول الدبلوماسي وحماية خصوصية الزوار الرسميين، ويؤكد المراقبون أن أي إهمال في هذا الجانب قد يُعرّض العلاقات الثنائية للتوتر ويقوض جهود الانفتاح السياسي والاقتصادي التي بدأها الطرفان.