الثورة – ثورة زينية:
توشك أعمال تأهيل الطريق المستقيم في دمشق القديمة على الاكتمال، مع دخول المشروع مراحله النهائية، حيث أنهت الفرق الفنية تركيب القواعد المعدنية (ريكارات) في منطقة القشلة – باب شرقي كواحدة من اللمسات الأخيرة التي تسبق إعادة فتح الشارع التاريخي الذي يمتد كخيط زمني بين باب شرقي وباب الجابية، في إطار خطة شاملة لتحسين البنية التحتية والمشهد الجمالي ضمن النسيج التاريخي للمدينة.
وعلى الرغم من محاولات الصحيفة المتكررة للتواصل مع مدير مدينة دمشق القديمة للحصول على توضيحات رسمية حول آلية التنفيذ في مراحله الأخيرة، إلا أن هذه المحاولات لم تلق أي استجابة حتى لحظة إعداد التقرير.
ترميم مدروس
مصدر من داخل المديرية فضل عدم ذكر اسمه بين لـ”الثورة” أن هذه المرحلة من المشروع تحمل طابعاً حاسماً، فمع تركيب آخر القواعد المعدنية في القشلة ينتهي فعلياً العمل في البنية التحتية لتبدأ التحضيرات لإعادة افتتاح الطريق، بعد أن أنجزت أعماله خلال مدة لم تتجاوز 45 يوماً، موضحاً: التزمنا بتأهيل هذا الشريان الحيوي من دون المساس بالهوية التاريخية للمنطقة، وما قمنا به هو ترميم مدروس يراعي العمق الحضاري لدمشق ويخدم سكانها وزوارها، فالمشروع نفذ وفق رؤية دقيقة تراعي الطابع العمراني للحي حيث أعيدت الأحجار التاريخية إلى مواقعها بعد استبدال الشبكات المتآكلة للمياه والصرف الصحي والكهرباء وتركيب البنى التحتية لتصريف مياه الأمطار، فضلاً عن رصف الأرصفة بحجر اللبون التقليدي وتنظيم الحركة داخل الحي، علماً أن أعمال التأهيل تمت حسب المصدر بالتنسيق مع خبراء الآثار وبإشراف مباشر من الجهات المختصة بما يحفظ القيمة الأثرية والمعمارية للمكان مع مراعاة أدق التفاصيل المعمارية.
ارتياح شعبي مع اكتمال الرؤية البصرية
وأضاف المصدر: على الرغم من بساطة ما يبدو للعين أرصفة مرصوفة وأقنية مخفية وأحجار مصقولة إلا أن ما جرى فعلياً هو استعادة جزء من الذاكرة المدفونة في عمق المكان، وعلى الرغم من التحديات التي واجهت عملية التأهيل بما فيها ردود أفعال متفاوتة من بعض سكان الحي في المراحل الأولى ينوه بأن المشهد بدا مختلفاً في الأسابيع الأخيرة، حيث بدأ ارتياح شعبي بالظهور مع اكتمال الرؤية البصرية لشارع بدا وكأنه يستيقظ على مهل من سبات طويل، حيث تتقاطع خطوات الأهالي اليوم مع آمال بأن يعود الشارع إلى مكانته لا فقط كمعبر، بل كحي نابض بالسياحة والحياة والثقافة.
ويمتد الطريق المستقيم بطول يقارب 1500 متر من باب شرقي في الجهة الشرقية لدمشق القديمة وصولاً إلى باب الجابية غرباً بعرض يتراوح بين 6 إلى 8 أمتار في بعض المقاطع، ويعود تاريخه إلى الحقبة الرومانية في القرن الأول الميلادي.
ويتميز الشارع اليوم برصفه الحجري التقليدي ومحاذاته لعدد من الكنائس والمساجد والأسواق والبيوت الدمشقية القديمة، ما يجعله شاهداً حياً على تسلسل الحضارات التي مرت على دمشق، وركيزة من هويتها المعمارية والتاريخية.