الثورة – ميساء السليمان :
لا تزال معاناة أهالي حي الحجر الأسود في ريف دمشق قائمة بعد سنوات من الدمار النزوح،بعد سنوات من الدمار والنزوح، وسط واقعٍ خدمي متردٍ ونقص حاد في الخدمات الأساسية يعوق حياة السكان اليومية ويؤثر على عودتهم إلى منازلهم.
ويواجه السكان صعوبات كبيرة بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة ونقص المياه، حيث أكد عدداً منهم لصحيفة ” الثورة” أن بعض الأحياء لا تصلها الكهرباء لأيام عدة، في حين شبكة المياه خارج الخدمة في أوقات عديدة نتيجة أعطالها.
معاناة بالجملة
وتعاني شوارع الأحياء من تراكم الركام والأنقاض، مع وجود فتحات صرف صحي غير مغطاة تشكل خطراً على الأطفال وكبار السن، فيما الإنارة الليلية محدودة جداً، ونقص المدارس والخدمات الصحية حيث يوجد مدرسة واحدة تقريبًا لأكثر من 20 ألف نسمة، ما يضطر الأهالي لإرسال أبنائهم إلى مناطق مجاورة فيما الخدمات الصحية محدودة، مع نقص المراكز الطبية والأدوية الأساسية.
أحمد الحمصي – أحد سكان الحجر الأسود: يقول: “عدنا إلى بيوتنا بعد التحرير على أمل أن تتحسن الأوضاع، لكننا ما زلنا نفتقد إلى أبسط الخدمات فالكهرباء ضعيفة جداً وشبه معدومة، والمياه تصلنا كل عدة أيام فقط، ونضطر لشرائها من الصهاريج بأسعار مرتفعة.”
منيرة العلي (ربة منزل): “الريغارات مفتوحة في الشوارع، وبعضها مغطى بأغطية بيتونية مكسورة، وهذا يشكل خطراً على الأطفال،نأمل من الجهات المعنية استبدالها بأغطية حديدية.
محمد الدالاتي ذكر أن خدمات الانترنت مقطوعة ، ولا توجد تغطية للهواتف المحمولة، وننتظر تركيب الأبراج التي وعدت بها شركة سيريتل.
حلا المصري ( تلميذة حلقة أولى): أثناء عودتي من المدرسة سقطت في ريغار مفتوح وبقيت نصف ساعة لم أتمكن من الخروج إلا بمساعدة الأهالي، مما سبب لي بعض الجروح والرضوض.
خالد شحادة (موظف):عملي يتطلب دائماً الاتصال بالانترنت لإدخال بيانات وأسماء، ولا أستطيع العمل بسبب عدم وجود شبكة.”
عائشة الهوشي ( ربة منزل) “لم تكتمل فرحتي بالعودة إلى منزلي، واعتقدت أن معاناتي انتهت من كابوس الإيجارات، فلا كهرباء ولا ماء ولا اتصالات، بل أصبحت همومي أكبر بتأمين المياه وإنهاء أعمالي المنزلية.”
ضعف الميزانية
رئيس مجلس بلدية الحجر الأسود براء بركات أكد لـ ” الثورة” أن ضعف الاعتماد المالي وقلة الموارد يشكلان السبب الرئيسي وراء تأخر استكمال الخدمات في المنطقة، مشيراً إلى أن البلدية تعمل ضمن الإمكانيات المتاحة وتسعى بالتعاون مع المجتمع المحلي لتحسين الواقع الخدمي تدريجياً.
وأوضح بركات أن منطقة الحجر الأسود كانت خالية من السكان قبل التحرير، وبدأت عودة الأهالي إليها بأعداد محدودة جداً، الأمر الذي انعكس سلباً على حجم الجباية المحلية، وبالتالي على الميزانية المخصصة للبلدية حيث قلة الإيرادات تحدّ من قدرتنا على تنفيذ مشاريع خدمية كبيرة.
وأضاف: بعد التحرير، كانت في المنطقة ثلاث محولات كهربائية صغيرة فقط، وقد قمنا بتقديم عدة طلبات إلى الشركة العامة للكهرباء لاستبدالها بمحولات أكبر وزيادة عددها و استجابت الشركة بتبديل محولة صغيرة بأخرى أكبر، ووعدت بتبديل الباقي حسب الإمكانيات المتوفرة.
وفيما يخص الصرف الصحي، فقد بيّن رئيس البلدية أن أغطية الريغارات كانت معدومة تقريباً، ونظراً لارتفاع كلفة الأغطية الحديدية قمنا بتغطيتها بأغطية بيتونية من خلال مبادرات المجتمع المحلي، إلا أن معظمها تضرر بسبب مرور السيارات فوقها.
وأضاف: قمنا بتوجيه كتاب رسمي إلى الشركة العامة للصرف الصحي لاستبدال الأغطية البيتونية بأغطية فونط (حديد زهر)، ونحن بانتظار الاستجابة خلال الفترة القادمة.
و عن واقع النظافة قال: “البلدية تمتلك سيارة واحدة لجمع القمامة، وهي غير كافية لتغطية كامل المنطقة، لذلك نضطر أحياناً للاستعانة بجرار زراعي لجمع القمامة.
وأشار إلى أن البلدية وجهت عدة كُتب إلى الشؤون مديرية الخدمات الفنية في محافظة ريف دمشق لطلب دعمها بآليات إضافية، وبهدف تحويل المنطقة إلى بيئة نظيفة وصحية، مؤكداً أن الطلبات لا تزال قيد الدراسة من حيث الكمية والنوعية.
وفيما يتعلق بخدمات الاتصالات والانترنت، بيّن رئيس المجلس أن المنطقة محرومة من خدمات الاتصال منذ عام 2011، وقد خاطبت البلدية شركتي سيريتل وMTN عبر التسلسل الإداري في المحافظة لتخديم المنطقة، إلا أن الرد كان بعدم وجود أبراج قريبة.
وأضاف: منذ نحو عشرين يوماً، أرسلت شركة سيريتل لجنة فنية لتحديد موقع البرج، لكن حتى الآن لم يُنفذ أي عمل على أرض الواقع أملاً الإسراع في تفعيل خدمات الاتصال والانترنت، خاصة مع اقتراب العام الدراسي، لما لهذه الخدمات من أهمية كبيرة لطلاب المدارس والجامعات.
وختم بركات أن المجلس يبذل كل الجهود الممكنة وفق الإمكانيات المتاحة لتخديم المنطقة وتحسين الواقع المعيشي للأهالي، والاعتماد بشكل كبير على التعاون بين البلدية والمجتمع المحلي، متمنياً من الجهات المعنية دعمهم بالمعدات والتمويل اللازمين لاستكمال إعادة تأهيل المنطقة بالشكل الذي يليق بأهلها.
واقع المياه
مدير الوحدات الاقتصادية في مؤسسة مياه دمشق وريفها المهندس عمر درويش قال: بالنسبة لمنطقة الحجر الأسود، قمنا منذ حوالي ثلاث سنوات بتجهيز بئرين كانتا متضررتين بشكل كبير، ولم نتمكن حينها من ربطهما على الشبكة،و هناك قسم كبير من الآبار – يبلغ عددها أكثر من 35 بئراً – بحاجة إلى تجهيز.
وبيّن درويش لـ ” الثورة” أنه في الفترة الماضية، اتفقنا مع منظمة أطباء بلا حدود على تجهيز بئرين تعملان بالطاقة الشمسية في الحجر الأسود، مع تأهيل جزء من شبكة المياه، كما أن هناك منظمة أخرى قدّمت مبادرة لتجهيز خمس آبار إضافية بالطاقة الشمسية، مع تأهيل خزان عالٍ وجزء من الشبكة.
وخلال الفترة الماضية، قمنا بتوزيع نحو 20 خزان مياه في مختلف أحياء الحجر الأسود، حيث يتم تعبئتها أسبوعياً بمياه نظيفة ومعقمة مصدرها مدينة دمشق، وهي مخصصة للشرب ومع دعم المنظمات، إن شاء الله سيكون تدخلنا في الحجر الأسود أقوى خلال الفترة القادمة.