التدخين الإلكتروني.. موضة زائلة أم تهديد صحي صامت؟

الثورة – سمر حمامة:

في السنوات الأخيرة، شهد العالم ظاهرة متنامية تعرف بـ التدخين الإلكتروني أو ما يُعرف بين الشباب باسم “الفيب” (Vape). هذه الظاهرة التي ظهرت بداية كبديل “أكثر أماناً” عن السجائر التقليدية، تحولت بسرعة إلى عادة واسعة الانتشار بين المراهقين والشباب وحتى بعض البالغين.

قد يظن البعض أن استنشاق البخار المنبعث من جهاز صغير أقل خطورة من دخان التبغ، غير أنّ الواقع الصحي والعلمي يشير إلى عكس ذلك، إذ تتكشف يوماً بعد يوم آثار سلبية على الرئة، والأسنان، واللثة، والجهاز القلبي الوعائي.

فما التدخين الإلكتروني؟ ولماذا انتشر بهذه السرعة؟ وما أضراره التي بدأت تطرق أبواب العيادات الطبية؟

ما التدخين الإلكتروني؟

التدخين الإلكتروني عبارة عن استخدام جهاز صغير يعمل ببطارية لتسخين سائل خاص يسمى E-liquid أو “سائل التدخين”.

يحتوي هذا السائل عادة على مزيج من النيكوتين، والبروبيلين غلايكول، والغليسيرين النباتي، بالإضافة إلى منكهات صناعية تعطي نكهات الفاكهة أو الحلوى أو النعناع.

عند تسخين السائل يتحول إلى بخار يُستَنشق، فيعطي شعوراً مشابهاً لتدخين السجائر التقليدية. غير أنّ هذا البخار ليس بريئاً كما يبدو، إذ يحمل جزيئات ومواد كيميائية تؤثر بشكل مباشر على الجهاز التنفسي وصحة الفم والأسنان.

انتشار الظاهرة بين الشباب

يُلاحظ اليوم أنّ التدخين الإلكتروني لم يعد مقتصراً على المدخنين القدامى الذين يحاولون الإقلاع عن السجائر، بل أصبح موضة اجتماعية تجذب المراهقين والطلاب الجامعيين وحتى بعض طلاب المدارس الثانوية.

تقول سارة طالبة جامعية: “بدأت استخدام “الفيب” مع صديقاتي، في البداية بدافع الفضول فقط. أعجبتني النكهات المختلفة وشعرت أنها أقل ضرراً من السجائر. لكن بعد فترة بدأت أعاني من صداع متكرر وجفاف شديد في الفم.”

أما محمد فيروي ذكر تجربته قائلاً: “كنت ألجأ للفيب وقت الامتحانات لأبقى مستيقظاً. شعرت أنه يمنحني تركيزاً أعلى، لكنه سبب لي تهيجاً في حلقي وسعالاً متواصلاً، خصوصاً في الليل.

هذه الشهادات تعكس جزءاً من الواقع؛ إذ أنّ معظم الشباب يلجؤون للتدخين الإلكتروني تحت ضغط الأصدقاء، أو بدافع التقليد، أو بحثاً عن وسيلة لتخفيف التوتر، دون إدراك لآثاره طويلة الأمد.

الأسباب وراء اللجوء إلى التدخين الإلكتروني

الاعتقاد بخطورته الأقل مقارنة بالسجائر التقليدية. النكهات الجذابة التي تسوّقها الشركات وتستهدف بها فئة المراهقين.

الرغبة في تقليد الأصدقاء والانتماء إلى جماعة اجتماعية معينة. سهولة الشراء وتوفر الأجهزة والسوائل بنكهات وأسعار متنوعة. وكذلك الدعاية التجارية المضللة التي تربط الفيب بالحداثة والتحرر.

وبحسب الدراسات الحديثة، فإنّ التدخين الإلكتروني يسبب أضراراً ملموسة على عدة مستويات منها، الرئة إذ يؤدي استنشاق البخار المحتوي على مواد كيميائية إلى تهيج الشعب الهوائية وزيادة احتمالية الإصابة بالتهابات مزمنة، إضافة إلى حالات وُصفت طبياً بـ “إصابات الرئة المرتبطة بالفيب” والتي سجلت في عدة دول.

وعلى صعيد الفم والأسنان، يحتوي السائل على مواد مثل البروبلين غلايكول والنيكوتين، وهما عاملان يسببان جفاف الفم وانخفاض تدفق اللعاب.

هذا يفتح الباب أمام تراكم البكتيريا، ما يؤدي إلى تسوس الأسنان السريع والتهابات اللثة المزمنة. فيما القلب والتوعية فإن النيكوتين، حتى في البخار يبقى مادة منبهة ترفع ضغط الدم وتزيد خطر الأمراض القلبية.

وبناء على ما تقدم يقول الدكتور مروان الخطيب، اختصاصي أمراض الأسنان واللثة، أي أن “التدخين الإلكتروني ليس بديلاً آمناً كما يُشاع. حيث نرى في العيادة شباباً يعانون من انحسار اللثة والتهابات حادة لم يكن من المعتاد رؤيتها في أعمار صغيرة. فتغدو المشكلة أنّ جفاف الفم الناتج عن الفيب يقلل من الدفاع الطبيعي للفم، فيتحول إلى بيئة خصبة للبكتيريا.”أما من ناحية الرئة، يوضح الدكتور وسيم الصالح بأن “البخار الذي يدخل الرئتين ليس ماءً نقياً، بل خليط من مواد كيميائية بعضها قد يكون مسرطناً على المدى البعيد. نحن أمام جيل كامل قد يدفع ثمن هذه العادة بعد سنوات.”

بين الوهم والحقيقة

رغم أنّ بعض الشركات تسوّق منتجاتها كوسيلة “للإقلاع عن التدخين”، إلا أن الواقع يشير أن نسبة كبيرة من مستخدمي الفيب لم يقلعوا عن التدخين التقليدي، بل أضافوا عادة جديدة إلى حياتهم. وقد يكون الفيب باباً مزدوجاً للإدمان لا مخرجاً منه. ويؤكد الصالح أن حماية الشباب مسؤولية مشتركة، والتدخين الإلكتروني باتت ظاهرة معقدة تجمع بين التسويق التجاري وضعف الوعي الصحي وفضول الشباب.

ورغم المظهر العصري الجذاب للأجهزة الصغيرة والملونة، إلا أنّ أضرارها الصحية أوضح من أن تُخفى. إنّ المسؤولية تقع على عاتق الأسرة والمدرسة والإعلام لتوعية الأجيال الجديدة بأن “الفيب” ليس مجرد لعبة أو موضة عابرة، بل خطر صامت قد يهدد صحة الفم والرئة والقلب.

آخر الأخبار
تأهيل مدارس وشوارع "الغارية الغربية" في درعا على نفقة متبرع  قراءة في العلاقات السورية – الروسية بعد  سقوط النظام المخلوع  هل أنهى ترامب الحرب بغزة حقاً؟  بعد سنوات من الظلام.. أحياء حلب الشرقية تتفاءل بقرب التغذية الكهربائية  حادثة "التسريب".. خرق للأعراف أم محاولة للتشويش على التقارب السوري- اللبناني؟ ارتقاء أربعة من حراس المنشآت النفطية في استهداف إرهابي بدير الزور ترامب يوافق على عمليات استخبارية ضد كراكاس وفنزويلا تستهجن حرب أوكرانيا..هل سببت بتراجع نفوذ روسيا في الشرق الأوسط؟  قطر الخيرية تطلق مشروعاً لترميم وبناء مساجد بريف دمشق الشرع يحدد العلاقات السورية - الروسية وفقاً للسيادة الوطنية "الأونروا": "إسرائيل" لم تسمح حتى الآن بإدخال المساعدات إلى غزة الأمم المتحدة: من المهم لسوريا ترسيخ علاقاتها مع جميع الدول زيارة الشرع الى موسكو.. تكريس جديد للعلاقة السورية - الروسية هل تكون جثث الرهائن الإسرائيليين حجة للاحتلال لمواصلة الحرب؟ "رواد الباشان" بين الدافع الأيديولوجي والتواطؤ الحكومي... مشروع استيطاني يتمدد في الجولان الشرع يبلغ بوتين أنه سيحترم كل الاتفاقات السابقة مع موسكو  العفو الدولية تطالب بالإفراج الفوري عن حمزة العمارين الانتهاكات الإسرائيلية ترهق المدنيين السوريين في حياتهم اليومية "الصليب الأحمر": تضافر الجهود الدولية لتأمين بيئة آمنة للسوريين  زيارة الشرع.. خطوة استراتيجية لضبط العلاقة مع موسكو