الثورة- منهل إبراهيم:
فشلت جهود سابقة في تحقيق السلام على الأراضي الفلسطينية، وتبخرت بعد بدايات واعدة، وربما تكون خطة ترامب للسلام في غزة فجراً كاذباً آخر، وفشلاً يضاف إلى سجل الصلف الإسرائيلي، وربما تكون فرصة ولو ضئيلة لإحياء حل الدولتين.
وفي هذا الصدد كتبت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية عنواناً لافتاً وهو “جولة انتصار لترامب لكن بداية النهاية لنتنياهو”، وقالت: إن “الحدث الأهم هو إطلاق سراح الرهائن، وليس خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) أو “الأداء المتملق” لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأضافت الصحيفة: إن ذكر هذه الحقيقة” لا يقلل من جهود ترامب الدبلوماسية، التي كانت عاملاً حاسماً في تحقيق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن وتبادل السجناء والمعتقلين الفلسطينيين والآمال بتحقيق سلام أوسع”، مشيرة إلى أنه “يحق للرئيس الأميركي أن يحظى بما وُصف على نطاق واسع بأنه جولة النصر، لكن الأمر يتطلب أيضاً نظرة متوازنة بشأن ما يمكن اعتباره، في أحسن الأحوال، اليوم الأول من بداية نهاية صراع دام عقوداً”.
وبالنسبة لنتنياهو، رأت صحيفة الإندبندنت أنها “لم تكن رغبته وبعيدة عن حساباته، أن ينتهي به المطاف مع حليفه المفترض ترامب إلى إطلاق خطة تهدف ضمنياً إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة”.
وقالت الصحيفة: “لا ينبغي لأحد أن يكون ممتناً” لنتنياهو، لافتة إلى أنه “لأغراضه السياسية الشخصية، وتفادياً للعودة إلى قاعة محكمة إسرائيلية لمواجهة تهم الفساد، كان من المناسب لنتنياهو أن تستمر الحرب ضد حماس إلى أجل غير مسمى، رغم أنها في الواقع شملت قصف وتجويع المدنيين الفلسطينيين”.
وقالت الصحيفة البريطانية: إن “خطة السلام التي يفرضها ترامب على إسرائيل هي نتيجة أفعال نتنياهو الكارثية إلى حد كبير”، مضيفة إن ” إسرائيل أصبحت معزولة دبلوماسياً، وأصبح سلوكها في الحرب لا يطاق بالنسبة لدول الخليج، حتى أن الرئيس الأميركي لم يكن أمامه بديل سوى مطالبة الزعيم الإسرائيلي بالتوقف”.
وأشارت الصحيفة إلى أن جهوداً سابقة لتحقيق السلام في “الشرق الأوسط تبخرت بعد بداية واعدة”، وقالت: إن خطة ترامب قد تكون “فجراً كاذباً آخر”، إذ “لا يزال هناك الكثير مما يجب الاتفاق عليه، ومسألة نزع سلاح حماس إحدى القضايا الرئيسية التي لا تزال بحاجة إلى حل”.
بموازاة ذلك، أكدت صحيفة التلغراف البريطانية أنه “حتى لو لم يتمكن ترامب من تحقيق السلام، فإن الإفراج عن الرهائن يُعد انتصاراً”، ووصفت يوم إطلاق سراح الرهائن بأنه استثنائي لترامب و”إسرائيل”.
ولفتت “التلغراف” النظر إلى أنها “لحظة رائعة” لترامب الذي “هتفت الحشود في تل أبيب باسمه وكان الكنسيت يستعد لاستقباله كبطل لا مثيل له، لكن بالأخص لعائلات الرهائن الذين بقوا على قيد الحياة رغم مرور 738 يوماً وهم في السجن”.
وفي السياق، قالت الصحيفة البريطانية: “إن زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، هاجم المتظاهرين ضد إسرائيل أسبوعياً في مدن مثل لندن، زاعماً إنهم خُدعوا للاعتقاد بأن هناك إبادة جماعية وتجويع متعمد للفلسطينيين”.
ونوهت “التلغراف” إلى أنه في شرم الشيخ في مصر، “أراد ترامب إحياء الاتفاقيات الإبراهيمية، أي السلام الدائم بين الدول العربية وإسرائيل، لكن ما يعنيه كل ذلك بالنسبة للفلسطينيين غير واضح”.
وفي هذا الإطار طرحت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، سؤالاً: “لماذا لن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى سلام دائم؟”، “هل فجر تاريخي لشرق أوسط جديد أم أنه مجرد وقف إطلاق نار آخر في الصراع العربي الإسرائيلي الممتد منذ أكثر من 100 عام؟”.
ورأت الصحيفة الأميركية أن “كل المؤشرات تلفت إلى أنه لا يوجد شيء نهائي بشأن السلام في غزة”، ويتطلب تحويل وقف إطلاق النار إلى سلام دائم “تضحيات” لا يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ولا القيادي في حماس، خليل الحية، “أي استعداد لتقديمها”، من وجهة نظر الصحيفة، التي أشارت إلى أن “نهاية الحرب تمثل فرصة لإحياء حل الدولتين”.
وتؤكد “واشنطن بوست” أن خطة ترامب للسلام تفتح “الباب قليلاً أمام قيام دولة فلسطينية، فهي تتحدث عن تهيئة الظروف لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة”، لكن “يبدو أن إسرائيل وحماس عازمتان على إغلاق هذا الباب”.
وبعدما قامت مصر وقطر وتركيا بعمل “مثير للإعجاب” في الضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، تساءلت الصحيفة “هل تنجح هذه الدول في إقناع الحركة بالتخلي عن سلاحها؟”.
ورأت “واشنطن بوست” أنه إذا لم تنجح هذه الدول فإن “غزة من المرجح أن تظل بمثابة مقديشو على البحر المتوسط، ولن تتحقق فيها رؤية ترامب العظيمة” لإعادة إعمارها، مشيرة إلى أن “الفلسطينيين سيفوّتون إمكانيه تحقيق الازدهار، ونيل السيادة”، وفي المقابل، فإن “نتنياهو عازم على عرقلة حل الدولتين”.
