الثورة- مريم إبراهيم:
لم يعد طب الطوارئ مجرد اختصاص طبي كبقية الاختصاصات الطبية الأخرى، بل بات رسالة إنسانية هادفة تقوم على سرعة الاستجابة لإنقاذ الأرواح وحياة الأشخاص في الظروف الصعبة والكوارث والحوادث، كما أنه خط الدفاع الأول وضمان استجابة سريعة، كونه الطب الذي يعنى بالنفس الأخير للمريض.
فجوة كبيرة
ومع إن طب الطوارئ والعناية المشددة يحظى بالمزيد من الاهتمام والتركيز في مختلف الدول، لأهميته الكبيرة ومهامه الصعبة والدقيقة، إلا أنه في سوريا لم يصل بعد للمكانة التي تتناسب مع أهميته ودوره الهام، فطبيب هذا الاختصاص لم يحظ بالفرصة المناسبة والحق الكامل، ما دفع كثير من أطباء الطوارى للسفر خارج البلاد للبحث عن الفرصة المواتية، ما أحدث نقصاً في عدد هؤلاء الأطباء و فجوة كبيرة بين الحاجة والعدد الموجود من الأطباء في المستشفيات والمراكز الطبية .
رفع السوية العلمية
رئيس الرابطة السورية لأطباء الطوارئ والعنايه المشددة الدكتور محمد هيثم فرحات بين في لقاء لصحيفة الثورة أن الرابطة هي أحد الروابط العلمية الطبية التابعة لنقابة الأطباء في سوريا، وتعمل تحت جناح النقابة، فمهمة الروابط الطبية رفع السويه العلمية للأطباء الأختصاصيين، وكل رابطة حسب اختصاصها، كرابطة سوريا لأطباء الطوارئ والعنايه المشددة تهتم بالعمل على رفع السوية العلمية لأطباء الطوارئ عن طريق المؤتمرات والمحاضرات والندوات ومحاولة التواصل مع وزارة الصحة والجهات الأخرى وإصدار قرارات تعمل على تحسين واقع أطباء الطوارئ والعناية المشددة.
مراعاة الاختصاصات
وأضاف الدكتور فرحات أنه من المؤسف أن هذا الطب لم يأخذ حقه وفرصته المناسبة في سوريا، ويمكن أن يتم لحظ الاهتمام والحصول على هذه الفرصة وتحقيق المكانة المناسبة لهذا الطب عبر قرارات تهتم بطب الطوارئ من جميع جوانبه، أي أن كل واحد يعمل بمجال عمله واختصاصه، ويأخذ حقه، وذلك مسؤولية الوزارة، فمثلاً في حال ترخيص مخبر هل من الممكن إعطاء الترخيص لإحداث مخبر دون طبيب اختصاص مخبر؟، وبالتالي عندما أخصص قسم إسعاف لأي مستشفى فالمفروض أن يكون فيه اختصاصي طبيب طب طوارائ، لكن للأسف هذا الاختصاص أول ما تخصص كان هناك اهتمام بطب الأسرة والطوارئ ، لكنه فقد هذا الاهتمام بالقدر المطلوب، وأول دفعة أطباء طوارئ تخرجت عام 1997، ولكن من العام 1997 حتى الأن يوجد حوالي 3000 طبيب طوارئ، إلا أن العدد الفعلي الموجود لا يتجاوز 150 خريج طبيب طوارئ، إذ الباقي من العدد من أطباء هذا الاختصاص سافروا وهاجروا خارج سوريا للبحث عن فرص العمل في مجال طب الطوارئ، مضيفاً مهنة طبيب الطوارئ مهنة لها أهمية كبيرة ودور فاعل جداً بكل بلدان العالم، وهو اختصاص مرغوب جداً في الخارج ودول العالم، لكن في سوريا لا يوجد فرص عمل، ففي سوريا يمكن لكل الاختصاصات الطبية الأخرى أن تعمل في طب الطوارئ، وهذا هو توجه وثقافة المواطن، والمفروض أن يكون هناك اختصاصي مختص في هذا المجال، فعندما تكون القرارات ملزمة بشكل او بآخر للمشافي وللمراكز و العيادات باتجاه كل اختصاص باختصاصه، ففي هذه الحالة يمكن أن يجد طبيب الطوارى فرصته في بلده، ويؤدي دوره الطبي والمهني ولايفكر بالسفر للخارج كطبيب طوارئ ، لكن في حال عدم تأمين فرص عمل سيفكر الطبيب في الهجرة والسفر ، ومنذ سنتين يلحظ عودة التفكير اتجاه الأطباء في طب الطوارئ، فعلى مدى سبع سنين بلغ عدد الأطباء المقيمين بطب الطوارئ كل عام اثنين أو ثلاثة، بينما حالياً عدد المقيمين بحدود 40 الى 45 طبيباً مقيماً كل عام.
إجراءات جاذبة
ولفت الدكتور فرحات إلى أنه في حال الأخذ بعين الاعتبار أهمية اختصاص طب الطوارئ و وجود قوانين مشجعة وإجراءات فاعلة ممكن أن تحبب بطب الطوارئ، ويمكن أن يحدث ذلك تطويراً في هذا المجال، وبالتالي يمكن سد الاحتياج والنقص من هذا الاختصاص، وبعد أخذ الحاجة وتأمين العدد المطلوب الذي يلبي الاحتياج يمكن السماح بالسفر، ومؤخراً كان هناك مؤتمر طب الطوارئ وهذا المؤتمر كان مهم للغاية بهدف رفع السوية العلمية لأطباء الطوارئ في سوريا الموجودين في المستشفيات ومعرفة آخر التطورات العلمية والعملية، ومعروف أنه في زمن “الميديا” لم نعد متأخرين علمياً، والتميز والمعرفة موجودة لدى الأطباء السوريين، والدليل أنهم أثبتوا جدارتهم في الخارج وينطلقون بشكل كبير عندما يمتلكون الأدوات التي تساعدهم، إضافة إلى التعرف على الأمور العلمية والخبرة المعرفية وتبادل المعارف بين الأطباء في الخارج والداخل، وبالتالي إيصال الصوت لأطباء الطوارئ للجهات المعنية، فهذا الطب بحاجه لرعاية وعناية لنخرج به للأفضل، ويأخذ دوراً ليس في سوريا فقط بل بمختلف الدول الأخرى.
يذكر أنه لاتوجد رابطة واحدة فقط في سوريا، بل هناك عدة جهات تعمل في مجال طب الطوارئ، أبرزها المبادرة السورية لطب الطوارئ (SEMI) وهي مبادرة تطوعية أسسها أطباء سوريون حول العالم تهدف إلى تطوير طب الطوارئ والمساهمة في إعادة بناء الرعاية الصحية في سوريا، والرابطة السورية لأطباء الطوارئ والعناية المشددة، وهناك المبادرات الأخرى، مثل الجهود التطوعية التي تقوم بها منظمات مثل الخوذ البيضاء أو وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث التي تأسست في 29 مارس 2025، لمواجهة الأزمات في سوريا.