الثورة- راغب العطيه:
تأتي زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى روسيا اليوم، ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في فترة ذات حساسية كبيرة في تاريخ سوريا الجديدة والمنطقة برمتها، لجهة أن موسكو ذات مركز دولي وازن إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وسيتم خلال هذه الزيارة إعادة رسم العلاقات الثنائية بين البلدين وفق رؤية تتناسب مع التطورات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، وكذلك بحث العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها تسليم الفار بشار الأسد.
الأستاذ في الإعلام السياسي بكلية العلوم السياسية بجامعة دمشق والباحث في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجامعة الدكتور أيمن عبد العزيز أكد أنه منذ سقوط النظام البائد حرصت روسيا على فتح قناة للاتصال مع الحكومة السورية الجديدة، فكانت زيارة وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني إلى موسكو في تموز 2025، والتي أكد خلالها أهمية التعاون المشترك بين البلدين، بالمقابل أكدت موسكو وبشكل دائم ضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقات السورية الروسية وعلى كل المستويات.
وأشار عبد العزيز إلى زيارة الوفد الروسي إلى دمشق في كانون الثاني برئاسة ميخائيل بوغدانوف الذي أكد رغبة روسيا الحقيقية في فتح صفحة جديدة مع الدولة السورية.
وبين عبد العزيز أنه يرافق الرئيس الشرع في هذه الزيارة مسؤولين عسكريين واقتصاديين، إلى جانب وزير الخارجية والمغتربين، لافتاً إلى ان الزيارة كانت مقررة من خلال مشاركة سوريا في القمة العربية الروسية التي تم تأجيلها بسبب انشغال القادة العرب بموضوع التوقيع على اتفاق غزة.
وكانت روسيا الداعم الأبرز للمخلوع بشار الأسد، إذ قدمت دعماً كبيراً له بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 في مجلس الأمن الدولي، واستخدمت حق النقض الفيتو مرات عديدة دفاعاً عن النظام، وتدخلت عسكرياً إلى جانبه عام 2015.
وأشار عبد العزيز إلى تأكيد الرئيس الشرع الاتصال مع الروس خلال معركة ردع العدوان، والذي أفضى إلى خروج روسيا تماماً من المعركة بالتنسيق مع إدارة العمليات العسكرية، وذلك بعد دخول قوات الثورة إلى مدينة حمص، لافتاً الى الاتصال الذي أجراه الرئيس الروسي مع الرئيس الشرع في شباط الماضي وتأكيده خلال الاتصال على رغبة موسكو تحسين العلاقات مع دمشق.
وأوضح أستاذ الإعلام السياسي أن هناك أهدافاً لهذه الزيارة للجانبين، ومن أهمها بالنسبة للروسي: هو ضمان استمرارية وجود القواعد العسكرية الروسية في حميميم وطرطوس، وكذلك إعادة تنظيم العلاقات السورية الروسية على كل المستويات.
أما المطالب السورية بحسب عبد العزيز، فهي: اتفاقيات استثمار في المجال الاقتصادي، وإعادة تسليح الجيش السوري في المجال العسكري، إلى جانب موضوع تسليم المجرم الفار بشار الأسد، مع ضرورة أن يقدم الروس اعتذاراً عن ما قاموا به من عمليات عسكرية استهدفت المواطن السوري بشكل أساسي.
وقال الباحث في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية: إن النتائج المتوقعة من هذه الزيارة، ممكن أن يصدر عن الرئيس الروسي أن روسيا أرادت محاربة الإرهاب في سوريا، لكن كان هناك خطأ في تقدير الموقف، هذا الخطأ ادى إلى فهم غير حقيقي لمجريات الأوضاع على الساحة السورية مع التأكيد الروسي ضرورة فتح صفحة جديدة في العلاقات وعلى مختلف المستويات، وكذلك التأكيد على دعم روسيا لوحدة الأراضي السورية ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وأيضا في هذا الخصوص ستدعم روسيا توجه قسد إلى الاندماج بالدولة السورية وتشجيعها على فعل ذلك، والتأكيد على أهميه ترسيخ السلم الأهلي داخل البلاد عن طريق الحوار الديمقراطي.
وتأتي هذه الزيارة لتؤكد على سياسة الدولة السورية الهادفة إلى ترسيخ العلاقات مع جميع الدول الفاعلة على الساحة الدولية، فالعلاقات مع روسيا لا تقل أهميه عن العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، وذلك بما يحقق الهدف الأساسي وهو إعادة بناء علاقات الدولة السورية مع كل الدول التي تدعم وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات.