تحسن مؤقت لـ”الليرة” .. انتعاش هش وسط تحديات اقتصادية

الثورة – وعد ديب

سجلت الليرة السورية في الأيام الأخيرة تحسناً طفيفاً في قيمتها أمام الدولار الأميركي، إذ تراجعت في السوق الموازية بنسبة 0.04 بالمئة ليصل سعر صرفها إلى 11,525 ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي، مقارنة مع 11,520 ليرة سورية في اليوم السابق.

أيضاً ووفقاً للنشرة الرسمية الصادرة عن مصرف سوريا المركزي، استقرت الليرة عند 11,055 ليرة سورية للدولار.

أما بالنسبة لليورو، فقد تراجعت الليرة السورية في السوق الموازية بنسبة 0.72 بالمئة ، مسجلة 13,412 ليرة سورية لليورو، مقابل 13,316 ليرة سورية في اليوم السابق.

وفي المقابل، انخفضت النشرة الرسمية بنسبة 0.33 بالمئة، فقد سجلت 12,848 ليرة سورية لليورو مقارنة مع 12,806 ليرة سورية في اليوم السابق.وفي تحول لافت، سجلت الليرة السورية تحسناً أمام الليرة التركية، إذ ارتفعت بنسبة 0.36 بالمئة في السوق الموازية، ليصل سعر صرفها إلى 275 ليرة سورية لليرة التركية مقارنة مع 276 ليرة سورية في اليوم السابق.

وفي النشرة الرسمية، تحسنت بنسبة 0.03 بالمئة ، لتسجل 264.26 ليرة سورية لليرة التركية مقارنة مع 264.33 ليرة سورية في اليوم السابق.

على الرغم من هذا التحسن الطفيف في سعر صرف الليرة، يبقى السؤال الأبرز، إن كان هذا التحسن يعكس بداية تعافٍ اقتصادي حقيقي، أم أنه مجرد ظاهرة مؤقتة لا تستند إلى أسس اقتصادية صلبة.

الأستاذ الجامعي والخبير المالي والمصرفي د. فراس شعبو يقول في رده على سؤال”الثورة”: إن التحسن الأخير في سعر الليرة ليس نتيجة لتغيرات بنيوية حقيقية في الاقتصاد السوري، بل هو مجرد رد فعل لعوامل نفسية ومؤقتة.

ويضيف: “السوق اليوم يتحرك استناداً إلى التوقعات والانطباعات أكثر من اعتماده على أسس اقتصادية ثابتة، والمزاج العام والتوقعات بشأن تخفيف الضغط الاقتصادي قد يساهمان في خلق نوع من الاستقرار الظاهري، لكن ذلك لا يُترجم إلى تحسن حقيقي في الأداء المالي والإنتاجي.”

وفيما يتعلق بالوضع المحلي، يشير د. شعبو إلى أن التحسن في بعض المؤشرات الاقتصادية لا يعني بالضرورة تحسناً في الطلب المحلي، بل قد يكون نتيجة لتبدلات موسمية أو عمليات تخزين من قبل التجار تحسباً لتقلبات الأسعار في المستقبل. فمع انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، يصعب الحديث عن انتعاش حقيقي للأسواق.

قدرة شرائية ضعيفة

ويشير إلى أنه “لا تزال القدرة الشرائية للمواطنين عند أدنى مستوياتها، مما يعكس ضعف الطلب المحلي الذي يقف عائقاً أمام أي تحسن حقيقي في الاقتصاد.”
وحول العقوبات وتأثيرها المستمر على الاقتصاد السوري، يوضح قائلاً: “على الرغم من أن الحديث عن العقوبات الاقتصادية تراجع في الآونة الأخيرة، إلا أن تأثير قانون قيصر لا يزال يشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد السوري.

وينوه الخبير المالي والمصرفي بأن “التسهيلات التي ظهرت مؤخراً، مثل زيادة الحوالات أو فتح قنوات تجارية محدودة، لا تمثل تحوّلاً استراتيجياً في الاقتصاد، بل هي استثناءات ظرفية قد تختفي في أي وقت.”

ومع ذلك، والكلام للدكتور شعبو، تظل الحوالات المالية من السوريين في الخارج مصدراً مهماً لدعم سعر الصرف، لكن معظمها يذهب إلى الإنفاق الاستهلاكي مباشرة، مما يحد من تأثيرها الإيجابي على الوضع الاقتصادي بشكل عام.

إدارة أزمة أم إصلاحات حقيقية؟

إن السياسة النقدية الحالية التي يتبعها المصرف المركزي السوري، كما يراها د. شعبو، لا تتجاوز كونها إدارة أزمة ولا تقدم الحلول الهيكلية اللازمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي.

كما أن “المصرف المركزي يستخدم أدوات تدخل محدودة مثل تحديد سعر الصرف الرسمي أو ضبط السيولة، ولكن في غياب قطاع مصرفي متماسك وبنية مالية مستقرة، لا يمكن لهذه الأدوات أن تُحدث فرقاً حقيقياً في الأمد المتوسط أو الطويل.”

مبيناً أنه في ظل الظروف الحالية، يظل القطاع الخاص في موقف المراقب، بعيداً عن اتخاذ أي خطوات استثمارية جادة، ويرجع ذلك، برأي الخبير المصرفي، إلى غياب بيئة استثمارية آمنة ومستقرة، بالإضافة إلى المخاطر السياسية المستمرة وعدم وضوح السياسات الاقتصادية.

ورغم تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية بشكل مؤقت، يشدد على ضرورة أن تُعتمد إصلاحات اقتصادية هيكلية وعميقة في الاقتصاد السوري، تركز على تعزيز الإنتاج المحلي، وتحفيز الاستثمار، وإعادة بناء الثقة في السياسة النقدية.

ويقول: “التحسن الحالي، إن صح تسميته بذلك، لا يمكن أن يستمر دون تبني سياسات اقتصادية شفافة ومبنية على أسس إنتاجية حقيقية.”

نقطة الصفر بالنسبة للتوقعات المستقبلية، يُحذّر د. شعبو من أن الاستقرار النسبي الذي قد يشهده سعر الصرف في الفترة المقبلة، يبقى هشاً بطبيعته، وأي صدمة قد تؤدي إلى تراجع حاد في سعر الليرة، مما يعيد الاقتصاد السوري إلى نقطة الصفر.

ويختتم حديثه بالقول: “التحول الاقتصادي الحقيقي لا يُقاس بانخفاض مؤقت في سعر الدولار، بل بقدرة الدولة على خلق بيئة اقتصادية إنتاجية ومستدامة، وهذا ما لم يتحقق بعد.”
وفي نهاية المطاف، رغم التحسن الطفيف الذي شهدته الليرة السورية، فإن الاقتصاد السوري مازال بعيداً عن التعافي الحقيقي.

ختاماً.. تجمع الآراء المختصة على التحديات الاقتصادية تتفاقم، وتستمر الليرة في مواجهة التقلبات نتيجة لغياب الإصلاحات الهيكلية اللازمة والبيئة الاستثمارية المستقرة.

إذاً، ما نشهده من تحسن مؤقت في سعر الصرف لا يُبشّر بنهاية الأزمة الاقتصادية، بل يظل مرهوناً بالإصلاحات الحقيقية التي يُفترض أن تنطلق في المستقبل القريب.

آخر الأخبار
تقليص القطاع العام.. ضرورة اقتصادية أم فرصة للتَّحول؟ مفاضلة التسجيل في المعاهد التقانية.. مصيرية تحدد مستقبل آلاف الطلاب تراجع الضوابط الاجتماعية فاقم ظواهر سلبية.. والمعالجة تحتاج مقاربة مجتمعية معركة الهوية في زمن الاتصال الدائم تطوير المهارات لتأسيس مشروعات صغيرة الحجر الأسود تصطدم بركامٍ هائل ونقصٍ حاد في الخدمات  سوريا والبنك الدولي وخطّة لدعم مشروعات البنية التحتية   تجهيز المركز الصحي في سراقب لتقديم الخدمات الطبية للأهالي تردي الواقع الخدمي في حي الزهوروبلدية الشاغورتعد بالمعالجة آن سنو: انتخابات مجلس الشعب محطّة مفصلية في سوريا العيادات الشاملة بدرعا.. نقص بالتجهيزات وحاجة ماسة للأطباء "تايم دور".. أطفال سوريا يبرمجون مستقبلهم الرقمي أسعارالدواجن تقفزبنسبة 10 بالمئة .. هل هي بداية أزمة جديدة ..؟ تحسن مؤقت لـ"الليرة" .. انتعاش هش وسط تحديات اقتصادية هل تغيير العملة وضبط الكتلة النقدية يؤدي لضبط الاقتصاد؟ تضخم الطلب وسطوة للدولار.. ارتفاع الأسعار العالمية إلى أين؟ في الطريق إلى السعودية 2027 ظهور ثامن بين كبار القارة بطولة الملوك الستة.. صدام ناري بين سينر ودجوكوفيتش.. وفريتز يضرب موعداً مع ألكاراز لاعبون (منحوسون) .. نجوم لم يسجلوا أي هدف المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب دون 20 عاماً