ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم : أثبت حمد بن جاسم أن غريزة القطيع التي تقوده تحدّد بوصلته، وغالباً ألفاظه ومفرداته، كما تحدد خطابه، وذلك تأكيداً لاعترافاته السابقة بانتمائه إلى فصيلة النعاج، وهو أمر لم يعد يجادل فيه أحد.
إذ لم تكد تعلو الأصوات الغربية في فحيحها الدامي حتى تحرّكت غريزة القطيع لدى حمد، ومعه نبيل العربي بـ «قطيعه»، للزعيق بالنبرة ذاتها مع إضافات لا بد منها للتدليل على تفرّدهما بحديث النعاج.
المفارقة المدوّية أن ما ينقله حمد يجد صداه المباشر في مفردات العربي، وبينهما تتوه الأسئلة الصعبة التي تمليها «حكمة» الاثنين معاً و«براعتهما» غير المسبوقة، بعد أكثر من عشرين شهراً على تخبّطهما في المستنقع الآسن ذاته.
ربّما لا تكون إفادة بن جاسم قد أضافت الكثير، ولا تحتاج إلى الشرح أو التفسير وقد أفاض في تقديم الأدلة على أن المغطس السياسي الذي يغوص فيه كان ولا يزال محكوماً بالأدوار التي يؤدّيها.
لكن ما يمكن التوقّف عنده أن هذه الغريزة التي يستجمع من حولها ما تبقى له من رصيد لدى رعاته السابقين والحاليين، كما أغرقته باعترافاته، فإنها اليوم تعجّل في هاويته السياسية لأنه لم يكتف بكل ذلك السرد لموبقاته السياسية بل يضيف إليها رعونة غير مسبوقة لا تتوقّف على ما يتلفظ به من «نبوءات»، إنما تُدرج على القائمة ما هو أخطر منها بكثير.
لا نحتاج إلى دليل على أن المسلك القطري حيال الأحداث في المنطقة اليوم بات أمام المجهر السياسي، نظراً لارتداداته الخطيرة وما تركه من انعكاسات أغرقت المنطقة في أتون صراع لم يتوقف عند حدود ومساحات التقاسم الجديد للنفوذ والعودة إلى لغة الأطماع، وإنما يعيد ترتيبها على نحو ما كانت عليه قبل نحو قرن من الزمن ويضيف إليها ما يضمن أن تستمر لقرن قادم.
هذا ليس تضخيماً في الدور القطري الممسوخ على مقاس المصالح الأميركية ووفق المعايير الإسرائيلية، لكنه يصلح لمعرفة الدور القذر والمهمة المشبوهة حيثما حضر هذا الدور وكيفما كان ولإدراك أي قاع آسن يغوص فيه.
غريزة حمد لم تسعفه للخجل من التخريب والهدم والقتل والفوضى ولا للحياء من خدمة الإسرائيلي والأميركي، ولم تتح له أن يحدّد بدقة حدود المسموح في السياسة والدبلوماسية وسقف المحظور في المناورة والخداع والكذب، لم توفّر له القدرة على التمييز بين أن يكون أداة طيعة ومطواعة تنفذ ما تؤمر به، وبين أن يتحوّل إلى عميل مفضوح احترقت أوراقه وانكشفت أدواره في الخيانة، كما انفضحت في الإضافات التي اعتاد أن يتباهى بها وأن يتفاخر في صداقاته مع الأميركي وحميميتها مع الإسرائيلي!!
وغريزة حمد هذه لم تقل له ماذا يعني أن يكون شريكاً في القتل وأن يحرق مراكبه وأن يقف على الضفة الأخرى التي باعت واشترت في الدم العربي، ولا تزال تبيع وتشتري، وبأبخس الأثمان تحت مقولات ومسلمات تجاوزت العقد الزمني المبرم مع مشيخات الخليج وتجاوزت الدور الذي رسمته لها مطامع الدول الغربية بعد أن جدّدت خريطة تلك المطامع وحدّثت من بنود أجنداتها للمنطقة.
لحمد غريزته، وللوضع العربي الذي أوصلته إليه ألف عنوان وتفصيل، وتحت كل عنوان تقف آلاف القصص الموجعة عن دور قطر ودور حمد ودور غريزته، وعند كل تفصيل آلاف أخرى من المواجع المتنقّلة عن الحال العربي وما صنعته يد الغدر والخيانة فيه.
في زمن الغرائز يصبح المحظور هو السائد في كل الأشياء فتقوّس الحقيقة وجهها بعد أن تتكسر أضلاع المنطق، ويتحوّل المسخ إلى مارد.. وتتقمّص المشيخات أدوار الدول العظمى.. وأمراؤها دور المرشدين الكبار لأمة أضاعت بوصلتها حين سلّمت قيادها للطفرة!!
a-k-67@maktoob.com