ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
أسدلت موافقة الكنيست الإسرائيلي على القانون العنصري الصهيوني الستار على فصل إضافي من فصول التعدي على التاريخ ببعده الحضاري ووجهه الإنساني، في صيغة تبدو متعمدة،
وفي ظرف مقصود بذاته،
خصوصاً أنه كان عرضة لسلسلة من المساومات التي أفضت إلى تقمص الحالة الأميركية انطلاقاً من الشهوة العدوانية التي تصبغ المفردات المستخدمة في صياغته، وتحكم مخرجاته السياسية والقانونية.
فقانون العنصرية الإسرائيلي لم يكن حالة شاذة في القانون الدولي فحسب، بل في العرف السياسي أيضاً بحكم ما ينطوي عليه من مفارقة في التشريع وغرابة في التبرير، خصوصاً حين يقترن بمجموعة من المسوغات العنصرية التي تشكل الحامل الأساسي للقانون الذي كان موضع جدل حتى في الداخل الإسرائيلي، خشية التداعيات التي تفرض ستاراً من العنصرية والعزل القسري للوجود الصهيوني في فلسطين المحتلة، والتي تشكل قرينة على الأهداف والغايات العنصرية للكيان الذي يجزم بفعلته هذه على تورم الحالة العنصرية الشاذة التي يؤطرها بسياق تشريعي.
الإجراء الإسرائيلي المنبوذ سياسياً -كما هو مرفوض قانونياً- كان النواة التي تشكلت على أساسها مكونات الفكر العنصري، وكان في صياغته الأولى محاولة للاستفادة من فائض الفوضى في المشهد العالمي، على خلفية الصياغة الأميركية القائمة على حروب تعمم الفوضى بأدوات وعبر مرتزقة كانوا عنواناً متحركاً يصلح للاستخدام السياسي رغم الحاجة إلى فرط الاستخدام بأوجه متعددة، ووفق سلوك سياسي استمد مكوناته الفعلية من الفهم الاميركي للعلاقة مع الآخر، والتي شهدت استطالات مَرَضية أرادت من خلالها إسرائيل إنتاج تقليد أعمى للأميركي في التفرد وتوظيف فائض القوة الأميركي في تطويع المشهد الإقليمي والدولي.
بيت القصيد كان من خلال البوابة الأميركية في إيجاد منصة لوليمة عنصرية مترعة بالشواهد على أن الطبخة أميركية من بابها إلى محرابها، فيما إسرائيل تمارس هذه العنصرية من خلال إجراءات تستند إلى المساحات المفتوحة التي أتاحتها سياسة التعرج الأميركية، والخطوط الجانبية التي استقت من خلالها التجرؤ على القضية الفلسطينية، وأولها كان قرار نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، وما يليها من هوامش إضافية وأحاديث في السر والعلن عن صفقة القرن، باعتبار أنها الخاتمة التي تروّج لها الإدارة الأميركية لتهويد ما تبقى من القضية الفلسطينية، وإغلاق الملف بجملة من الصفقات الموازية التي تقتضيها الترتيبات النهائية، وتوزيع الأدوار الوظيفية للأدوات الاأميركية تبعاً لذلك.
العنصرية الإسرائيلية سواء كانت بقانون أم من دون قانون لم تضف إلى الرصيد السياسي ما يمكن أن يغيّر في واقع المقاربة، حيث إسرائيل ستبقى محتلاً بنظر التاريخ والقانون والإنسانية، والحق الفلسطيني سيبقى مستعصياً على كل الصفقات، والدليل القطعي ما يجري في المنطقة، حيث المشروع الإرهابي يواجه مصيره المحتوم، فهو يَعد خيباته ويُحصي مواضع الفشل تمهيداً لنعيه، والخرائط التي كانت تعدها أميركا للمنطقة تبدو في إحداثياتها العملية انقلبت وفي الحد الأدنى باتت غير تلك التي كانت تخرج من أدراج الاستخبارات الأميركية، والأدوات التي جاهرت وتجاهر بحماستها للعلاقة مع الإسرائيلي تفتر بعد المشاهد التي خطتها معركة الجنوب، باعتبارها القرينة والشاهد على الفرق الذي أحدثته.. والقادم ربما أكثر وضوحاً.
a.ka667@yahoo.com