ميليشيات الانفصال على مذبح المصالح الأميركية والتركية.. الأطماع بيت داء واشنطن وأنقرة الاستعماري.. والشراكة الإرهابية تجمع ما تفرقه السياسة
بات معروفاً للجميع أن واشنطن ترمي بأوراقها الإرهابية وفقاً لمصالحها وتوجهاتها الاستعمارية في سورية، فما يسمى « قوات سورية الديمقرطية – قسد « وغيرها من الميليشيات الانفصالية المنضوية تحت العباءة الاميركية إلا أوراق تتلاعب بها واشنطن في الشمال وتدعي أنها تحميها وتدعمها في حين أن الواقع على الارض يشير وبالدليل القاطع الى أن واشنطن تنسق مع شريكها الارهابي التركي للتخلص منها، لتبقى مجازر تحالف واشنطن الارهابي تطفو على سطح المشهد السوري يومياً رغم المزاعم الاميركية بالانسحاب من سورية، ويبقى الجيش العربي السوري يخط ملاحم الانتصار ويكتب مستقبل سورية بأيادي السوريين أنفسهم رغماً عن أنوف أعداء سورية.
ففي إطار تسليط الضوء على تماهي المصالح الاميركية التركية ومساعي واشنطن لإرضاء حليفها التركي زعم السيناتور الاميركي ليندسي غراهام الذي يقوم بزيارة الى أنقرة أن الأدلة الواضحة بأن ما تسمى «وحدات حماية الشعب» لها ارتباط مع «حزب العمال الكردستاني»، مشدداً على ضرورة التعامل مع مشكلة «وحدات حماية الشعب» بشكل يرضي تركيا.
وكشف السيناتور الجمهوري غراهام الذي يشكل جناحاً داخل دوائر صنع القرار الأميركي أن زيارته المستعجلة الى أنقرة جاءت لترمم ما أفسده مستشار الرئيس ترامب للأمن القومي جون بولتون خلال زيارته الاخيرة الى انقرة حيث ادعى وقتها ان الانسحاب الاميركي من سورية لن يحدث حتى تضمن تركيا سلامة ميليشيا قسد أو ما تسمى وحدات حماية الشعب.
ورأى محللون أن تصريحات غراهام النارية ضد ما تسمى «وحدات حماية الشعب» تظهر بشكل جلي رغبة واشنطن في رسم تفاهمات جديدة مع انقرة حول المنطقة، حتى وإن كان ذلك على حساب» قسد «وغيرها من الميليشيات الانفصالية التي تدعي انها حليفتهم، وقد تكون من خلال اعطاء النظام التركي الانتهازي أملاً في تحقيق وهمه بإنشاء «المنطقة العازلة» المزعومة.
وحسب المحللين فعلى ما يبدو فإن الأميركيين أيقنوا تماماً بأنهم خسروا قسد وغيرها كأداة رئيسية بعد التقارب الذي حصل بينهم وبين دمشق جراء إعلان ترامب التخلي عنهم والانسحاب من سورية، وعلى هذا الاساس يرى اصحاب القرار في اميركا في التقارب مع أنقرة ضرورة ملحة للحفاظ على المصالح الاميركية في المنطقة.
فالتحول الاميركي تجاه أنقرة يؤكد وفقاً للمحللين فشل السياسة الاميركية السابقة في المنطقة وخروجها خالية الوفاض من سورية، وهذا ما دفع غراهام للارتماء في احضان اردوغان محاولاً تلغيم مسار التفاهمات السياسية التركية الروسية، مستبقاً اللقاء المزمع الذي سيجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي الذي تراهن عليه موسكو، للوصول الى تفاهمات جديدة في الشمال السوري، وتطلق الرصاصة على المشروع الاميركي الذي بات يلتقط انفاسه الأخيرة.
وحسب المحللين فإنه لم يسبق لقوة عظمى كأميركا أن انسحبت من منطقة تحتلها إلا تحت ضغط لم يعد يسمح لها بالبقاء، وتحريرمعظم الاراضي السورية من قبل سورية وحلفائها ساهم في سقوط مشروع واشنطن في سورية الذي كان يهدف لإضعاف الدولة السورية أو تفتيتها، وخصوصاً من الجهة الغربية من الجولان السوري المحتل والكيان الإسرائيل، وأصبح واضحاً للقاصي والداني أن الهدف الأميركي الإسرائيلي الخليجي قد ولى إلى غير رجعة ولم يعد ممكناً الحصول بسبب رجحان كفة الميزان لصالح الدولة السورية والحلفاء.
وبعد الفشل الاميركي الذريع في سورية تبحث واشنطن اليوم عن مخرج يحفظ ماء وجهها وتعمل على تقديم عرض يرضي مطامع أردوغان ويزعج الرئيس الروسي فلاديميير بوتين في آن معاً. وهو طرح وهم ما يسمى «المنطقة الآمنة» المزعومة عند الحدود السورية التركية لجهة الشمال.
وحسب المحللين فإن هدف واشنطن من تقديم العروض لحليفها التركي تصديع العلاقات الروسية ـ التركية، على قاعدة أن موسكو لن تقبل إلا بتولي الدولة السورية كامل المناطق بعد تحريرها من الإرهاب، وخروج القوات الأجنبية غير الشرعية، وهذا ما سارع إلى إعلانه وزير خارجيتها لافروف الذي أكد حق الدولة السورية بإدارة كامل أراضيها، خصوصاً في الحدود الشمالية، إلا أن الأتراك لاهثون وراء الاقتراح الأميركي.
فهذه المراوغة الاميركية الخبيثة تشير حسب المحللين الى صمود الدولة السورية بوجه واشنطن وحلفائها وتكشف التراجع الأميركي وتقلص دوره في كامل الشرق الأوسط انطلاقاً من الميدان السوري.
وعلى الرغم محاولات واشنطن اللعب على وتر خيباتها المعتادة بعد القرار الذي اعلنت عنه الادارة الاميركية بسحب قواتها المحتلة في سورية إلا أن طيران تحالفها المزعوم يواصل مجازره الممنهجة ضد المدنيين في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي.
وحسب مصادر ميدانية فقد استشهد وجرح العشرات جلهم من الاطفال والنساء ضحية سلسلة غارات لطيران التحالف الاميركي في قرية الباغوز فوقان ومحيطها في ناحية سوسه بمنطقة البوكمال، بعدما استهدف الطيران الاميركي العوائل الهاربة من مناطق سيطرة ارهابيي داعش. فيما لا يزال عدد الشهداء مرشح للارتفاع بسبب الحالة الحرجة للعديد من الجرحى.
من جهة أخرى أشار دبلوماسي روسي سابق الى أن السبب الرئيسي وراء عدم ايجاد حل سياسي في الشمال السوري يتمثل بجبهة النصرة، مشدداً على ضرورة استئصال هذه المنظمة الارهابية في تلك المناطق.
واشارت مصادر مطلعة الى أن نفوذ جبهة النصرة الارهابية امتد الى خارج ادلب ليشمل ريف حلب الغربي بشكل شبه كامل وبعض ريف حماة، اضافة الى معظم مدن محافظة ادلب، كمدينة ادلب وجسر الشغور وخان شيخون، مشيرة الى ان العديد من البلدات والمدن الاخرى في المحافظة هي تحت سيطرة جبهة النصرة الارهابية بما فيها سراقب التي كانت من المقرر أن تكون منطقة «خفض التصعيد».
وأوضحت المصادر الى أن النصرة بهذه السيطرة باتت على تماس مع ما تسمى « الجبهة الوطنية» التي تضم مجموعة فصائل ارهابية مسلحة تأتمر بالأوامر التركية، وتتواجد في المناطق التي يتواجد فيها جيش النظام التركي، مضيفاً أن السيطرة الاساسية التي تشمل معظم المناطق التي هي خارج سيطرة الدولة السورية باتت لجبهة النصرة الارهابية.
وحول الموقف التركي من تمدد نفوذ جبهة النصرة، قالت المصادر إن هذا التمدد وضع رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان في موقف صعب، مشيراً الى أن أردوغان سارع الى التدخل سريعاً لوضع حد لتمدد جبهة النصرة.
ولفتت المصادر الى ان النصرة ارادت تحقیق عدة اهداف من وراء توسيع نفوذها، منها قطع الطريق على اقامة منطقة «خفض التصعيد» من جهة، والسيطرة على العائدات المالية، التي تأتي من الضرائب و»الأتاوات» التي تفرض عبر الطريق الواصل بين المناطق السورية في الشمال. وذلك لتظهر النصرة بمظهر على انها الذراع القادر التي يجب التفاوض معها لإيجاد أي حل سياسي بالمنطقة، اضافة الى حسم الصراع بين جميع الفصائل الإرهابية في منطقة الشمال لتكون لجبهة النصرة.
وحسب المصادر فإن توسيع النصرة الارهابية لنفوذها له نتائج عكسية على الجماعة الارهابية حيث سيسهل على سورية وحلفائها التعامل مع هذا الموضوع، باعتبار أن هذه المنطقة باتت تحت سيطرة جبهة النصرة الارهابية وبالتالي هم في حلّ من اي اتفاق سياسي، والحسم سيكون عسكرياً بالقضاء على الارهاب، مشيراً الى أنه على تركيا أن تحسم أمرها في هذا الموضوع كونه لم يعد هناك مجال للحديث عن منطقة «خفض التصعيد».
وكانت قد تعرضت ما تسمى «هيئة تحرير الشام» الارهابية في مناطق متفرقة في ريفي إدلب وحلب إلى أكثر من 30 عملية استهداف متنوعة خلال أسبوع بين عبوات ناسفة وإطلاق رصاص وآخرها تفجير بسيارة مفخخة استهدف أحد مستودعات الأسلحة لها قرب مدخل مدينة إادلب الجنوبي وأدت بمجملها إلى مقتل 25 مقاتلاً للهيئة وإصابة آخرين.
الثورة – رصد وتحليل
التاريخ: الأحد 20-1-2019
رقم العدد : 16889