ترامب يستعين بالـ«حرب الباردة» لمواجهة الصين.. البيت الأبيض: محادثات التجارة تتقدم.. وأمامنا مخاض طويل للاتفاق
المواجهة الاقتصادية بين الصين وأميركا في مرحلة من الاستمرارية منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حرب الرسوم التجارية على الصين، وعدم سكوت التنين الصيني العملاق الصاعد عن الوقوف متفرجاً منذ إعلان ترامب هذا، وهو ما تنتجه المفاوضات بين الطرفين التي لا تزال جارية ولا يبدو أن أزمة الانفراج ستكون قريبة رغم التقدم الحاصل وفق التحليلات.
ووفق رؤية لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض فإن الولايات المتحدة والصين تحرزان تقدما في مفاوضات التجارة ولكن التوصل لاتفاق سيحتاج وقتا، وقال للصحفيين: نبحث بجميع القضايا.. أحب أن نتوصل لاتفاق.. يجب أن يكون اتفاقا عظيماً، وفقاً لـ»رويترز».
يأتي ذلك في وقت من المقرر أن يزور فيه نائب رئيس الوزراء الصيني ليو خه الولايات المتحدة يومي 30 و31 كانون الثاني الجاري لعقد الجولة القادمة من المحادثات مع واشنطن، وتأتي زيارة ليو بعد مفاوضات على مستويات أقل عقدت في بكين الأسبوع الماضي سعياً لتسوية الخلاف التجاري المرير بين أكبر اقتصاديين في العالم قبل الثاني من آذار، وهو الموعد الذي حددته إدارة ترامب لزيادة الرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار.
حرب ترامب التجارية هذه استدعت الكُتّاب للنبش في الماضي، فبينت الفارق بين الأمس واليوم، فنشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا لـ جيفري ساكس، قال فيه: إن تكتيكات الحرب الباردة التي يستخدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لن تنفع مع الصين، وذلك بسبب أن الإجراءات الاقتصادية التي أعلنتها واشنطن تجاه الصين مقتبسة من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفييتي والمناوشات مع اليابان في الثمانينات.. لكن الصين، على حد تعبيره، ليست الاتحاد السوفيتي ولا اليابان.
تبعات هذه الإجراءات الأميركية تجاه الصين ليست سهلة وقد تكون عواقبها كارثية حتى على مفتعلها الأميركي، وهو ما يراه الكاتب بأنها إذا لم تتوقف في المستقبل القريب، فستضر بالاقتصاد العالمي والولايات المتحدة نفسها.
فالصين تتقدم على الولايات المتحدة في الناتج المحلي الإجمالي وتجاريها أو تتقدم عليها في مجال التكنولوجيا، مثل الجيل الخامس للهاتف النقال، ويعتقد الكاتب أن الصين ستنافس بداية من 2020م شركتي الطيران المدني بوينغ وإيرباص، وتوقع ساكس ألا تتمكن أي دولة مستقبلا من السيطرة الاقتصادية على غيرها والتفرد بالريادة العالمية، وهذا ينطبق على الولايات والمتحدة والصين أيضا، وسيصبح اقتصاد الصين أكبر من اقتصاد أميركا بفضل عدد السكان.
هذا ما دفعه أيضاً للتأكيد بأن ما تقوم به الولايات المتحدة تجاه الصين، هو دفع حلفاءها الأمنيين في «الناتو» واليابان وأستراليا وغيرها إلى التوقف عن شراء التكنولوجيا الصينية المتطورة، حيث انتشرت فكرة عدم شراء تجهيزات تكنولوجيا الاتصال الصينية ليس لثبوت أنها أبواب خلفية للصين، وإنما لاحتمال وجود هذه الأبواب الخلفية، أو ربما لأن السلطات الأميركية تجد صعوبة في التجسس على مواطنيها باستعمال التجهيزات الصينية، مبيناً بالقول: لقد شرعت جميع الوكالات الأمنية الأميركية في منع الصين من شراء شركات التقنية، ونشرت واشنطن فكرة مفادها أن الصين قد تتجسس على الأميركيين باستعمال عربات قطار مصنوعة في الصين.
واستخلاص «الحرب الباردة» هذه استمدها الكاتب عبر التذكير بأن الولايات المتحدة سعت في الثمانينات إلى وقف صعود قطاع التصنيع في اليابان بإغلاق أسواقها أمام الصادرات وبفرض رسوم وحصص استيراد، مهددة بإجراءات عقابية إذا خفضت اليابان من قيمة عملتها، ومن منتصف الثمانينات إلى التسعينات نجحت واشنطن في دفع الين إلى أعلى، وهنا يرى أن واشنطن تلعب اللعبة نفسها مع الصين، إذا لم تتراجع قيمة اليوان إلا قليلا، منذ تولي ترامب السلطة.
وختم الكاتب بالقول: إنه في الحرب التجارية الأميركية صقور وحمائم، ويريد الصقور إخضاع الصين تماماً، أما المعتدلون فيبحثون عن تنازلات معينة منها، مثل الملكية الفكرية، ولكنها لن توقف نمو الصين كما لا تنفع الولايات المتحدة كثيراً.
وكالات – الثورة
التاريخ: الأحد 20-1-2019
رقم العدد : 16889