قال مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي لـ(الثورة) أن النظام الضريبي يؤثر في توجيه الاستثمار ونمو القطاعات الإنتاجية وإلى قصور بعضها حسب المعدلات الضريبية المفروضة إذا كانت معتدلة أو مرهقة، إضافة الى تأثيرها في الميل إلى الاستثمار تبعاً للعلاقة بين الكفاية الحدية لرأس المال ومعدل الفائدة، لافتاً أنه عندما يتم فرض ضريبة بمعدل منخفض على قطاع اقتصادي معين يقوم المستثمرون بتوجيه استثماراتهم نحو هذا القطاع على اعتبار أنه يحقق لهم ربحاً أفضل.
وبين انه على العكس حيث يمكن أن تمنع الضريبة المرتفعة في توظيف الاستثمارات في قطاعات إنتاجية معينة ما يظهر بصورة جلية في المشروعات الاستثمارية الجديدة، حيث يصعب تحويل رأس المال عن المشروعات القديمة في الأجل القصر باعتباره رأسمالاً مجمداً وثابتاً وبخاصة إذا لم يكن قد استهلك بعد.
ولفت الى تأثير الضريبة على الإنفاق الاستهلاكي موضحاً أنه غالباً ما تؤدي الضرائب المرهقة إلى تخفيض استهلاك أصحاب الدخول المنخفضة باعتبار أن الضريبة سوف تقتطع جزءاً من الدخل المخصص للإنفاق ولا يوجد فائض متاح ليذهب للإدخار، أما الطبقات ذات الدخول المتوسطة فيختلف أثر الضريبة على إنفاقها الاستهلاكي حسب ميلها الحدّي إلى الاستهلاك، فإذا كان هذا الميل كبيراً فلا يتوقع أن يتأثر حجم إنفاقها، أما إذا كان ضئيلاً فإن حجم الاستهلاك لابد أن ينقص وهنا تبرز علاقة الضريبة بحجم الطلب على السلع والخدمات والتي تؤثر بشدة على حالة الركود والكساد وعلى العكس فان الضريبة لا تؤثر بالنسبة لأصحاب الدخول المرتفعة وذلك لأن الضريبة عادة في حجم الإنفاق الاستهلاكي تخصص جزءاً من دخلها في عمليات الادخار والاستثمار لواجهة العبء الضريبي الإضافي.
وأشار أن الاقتطاع الضريبي يؤثر على الادخار من خلال عدة قنوات منها تقليل الدخل الجاري أو القوة الشرائية الحقيقية للممولين وبالتالي إلى انخفاض إمكانيات الإدخار النقدية الجارية، وتأثيره على عائد التوظيف والاستثمار حيث يؤدي نقص هذا العائد الناتج عن زيادة الضريبة إلى تقليص الادخار وتشجيع الاستهلاك، وعلى استخدام الإدخار إذ أن فرض ضريبة مرهقة على الأرباح يؤدي إلى ابتعاد الأفراد عن استخدام الادخار بمشاريع إنتاجية وتوظيفة بمجالات غير إنتاجية (كتجميد هذا الادخار ما يؤدي المخزون النقدي للمضاربة مثلاً) وهذا ما يؤدي عادةً إلى زيادة الموارد النقدية العاطلة التي يمكن أن تغذي الاندفاعات التضخمية باعتبار أن هذا السبيل من الموارد النقدية هو بمثابة قوة شرائية كاملة جاهزة للاستخدام عند ظهور أي بادرة كلية أو قطاعية تدل على احتمال حدوث خلل في التوازن النقدي.
وأكد أن الضريبة المرتفعة تؤدي لاضطرار المكلف إلى تصفية أحد عناصر رأسماله عندما تكون قيمة رأس المال المصفّى لدفع الضريبة أكبر من قيمة الادخار الجاري، وهذا ما يطلق عليه الاقتصاديين «الادخار السلبي الصافي» وهي حالة تعاكس الادخار والتي يمكن معالجتها عادةً بزيادة الإصدار النقدي لتعويض هذا النقص في الإدخار.
وأوضح أنه يمكن القول أخيراً أن الضرائب المباشرة غير قابلة للانعكاس على الآخرين فهي تنعكس على الدافع نفسه فتسبب نقصاً في إدخاره، فعندما يقوم الفرد بإنفاق كامل دخله فإنه يدفع عن هذا الدخل ضريبة مباشرة بمعدل 2% مثلاً ولا يدفع سوى هذا المبلغ، ولكنه عندما يدّخر هذا الدخل من خلال شراء سند يدر فائدة أو عائد فإنه بالإضافة لما كان قد دفعه عن دخله الأول من ضريبة مباشرة 2% يقوم بدفع 2% عن هذا الدخل مرة ثانية بصفة ضرائب مباشرة على الفوائد التي هي دخول هذه الأسناد وعندها يكون قد دفع عن نفس المبلغ ضريبة مباشرة مرتين أو كأن معدل الضريبة هو 6% وفي هذه الحالة يفضل المدخر أن ينقص ادخاره الجاري أو أن يصفي رأسماله أو أن يقرض أمواله للغير، في حين أن الضرائب غير المباشرة لا تسبب هذا الأثر السيء.
دمشق – وفاء فرج
التاريخ: الأثنين 4-2-2019
رقم العدد : 16901