واشنطن واستراتيجية الضرب على الحزام الاقتصادي للخصوم !!

الغطرسة الأميركية تنهب وتقتل وتسرق وتبث المؤامرات وتنشر واشنطن قواعدها العسكرية في أصقاع الأرض لهذه الأغراض، وتصنع الحروب لمواجهة كل من يقف في طريقها وتبتز الدول وتستغل دولاً أخرى تابعة لها، وتأتي العقوبات الأميركية بكل أجيالها مكملةً لحروبها الفاشلة لتحجم التجارة ومنع الاستثمارات في الدولة المستهدفة والتأثير في اقتصادها، بذريعة الردع والحفاظ على المصالح وبهدف تعطيل العلاقات التجارية والمالية معها، وغالباً كوسيلة لإجبار الدولة المستهدفة وحلفائها على الجلوس على طاولة المفاوضات بشروط أميركية.
وقانون مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات هو قانون اتحادي أميركي فرض عقوبات على إيران وكوريا الشمالية وروسيا. وتم إقرار مشروعه خلال المؤتمر 115 في مجلس الشيوخ في 2 آب 2017.
والعادة عند فرض العقوبات أن يصوت مجلس الشيوخ على مشروع القانون الذي يقدمه غالباً أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين أو الرئيس الأميركي وأحياناً يتم تصميم مشروع قانون لتوسيع التدابير العقابية التي فرضت من قبل، أو توسيع الأوامر التنفيذية التي يصدرها الرئيس الأميركي، وهي عقوبات أحادية الجانب وغير شرعية.
وأميركا باقتصادها القوي تفرض عقوبات على دول أخرى لأنها تتحكم بدورها في التأثير في العديد من الحكومات التي ترتبط معها بمصالح مشتركة، وقد قام الاتحاد الأوروبي أيضا بفرض عقوبة على روسيا من قبل.
أما الجهات المخول لها فرض عقوبات اقتصادية أو سياسية شرعية فهي مجلس الأمن الذي يحتاج لموافقة أغلب الدول الأعضاء قبل إقرار العقوبة، والأمم المتحدة أيضا يحق لها فرض عقوبات وغالبا ما تشمل حظر السفر وتجميد الأصول المالية للدول المفروض عليها العقوبة.
وفرضت أميركا حظرا اقتصاديا على كوبا بدأ عام 1959 عقب الثورة الكوبية وعلى روسيا إبان عصر الاتحاد السوفيتي ، وتلا ذلك عقوبات عام 2012 ضد مسؤولين روس ثم تبع ذلك فرض عقوبات جديدة على ما يخص الاقتصاد الروسي بسبب الأزمة الأوكرانية، وعلى إيران وعلى كوريا الشمالية، وثمة عقوبات أميركية غير معلنة بقوانين ضد الصين بزعم «تقاعس» بكين في تسوية قضية كوريا الديمقراطية النووية.
وقانون قيصر جيل رابع من العقوبات اخترعته أميركا خصيصاً لمنع الدول من التعامل مع سورية، ومنع إعادة الإعمار فيها في الوقت الذي تسعى فيه سورية إلى فتح أبوابها للمستثمرين بغرض إعادة إعمار المناطق التي دمرها العدوان الغربي والإرهابيون، والتأثير في قطاعات الأعمال الذي سيستهدفها القانون.
فمنذ ما يزيد على خمسة عقود، وسورية دولة معاقَبة ولكنها لم تغير مواقفها السياسية تجاه القضية الفلسطينية وتحرير الأراضي العربية، والإدارات الأميركية لم تبدل قناعاتها بعدم جدوى العقوبات الاقتصادية، التي منها النسخة الأحدث المسماة قانون قيصر الذي يهدف أيضاً إلى إجراء تحقيقات ورفع دعاوى قضائية ضد سورية، وتعود العقوبات على سورية إلى عام 1986، عندما اتهمت واشنطن سورية زوراً وبهتاناً بدعم الإرهاب، لكونها تدعم المقاومة التي يشرعها القانون الدولي لتحرير الأراضي العربية المحتلة. وجددت العقوبات في عام 2003 من إدارة جورج بوش الابن، بينما أميركا وباعتراف هيلاري كلينتون هي التي تدعم الإرهاب في العالم.
فبعد فشل أميركا وحلفها وإرهابيوها في العدوان المستمر منذ ثماني سنوات لقلب الدولة السورية قررت واشنطن تشديد العقوبات وفرض آثار سلبية على القطاعات الاقتصادية الحيوية السورية.
وحصل مشروع القانون على أول إقرار بمجلس النواب في 15 تشرين الثاني 2016 أي ان الكونغرس أراد أن يستفيد من ضعف إدارة أوباما الديمقراطية السابقة التي كانت تعيش أيامها الأخيرة ، ونص على معاقبة كل من يقدم الدعم لسورية، ويلزم المشروع رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة لسورية. وفي 29/09/2018 وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي على تمرير ما يعرف بقانون قيصر إلى الغرفة العليا في المجلس، من أجل مناقشته، كسيف مسلط على رقاب السوريين ومنع دول في العالم من إعادة علاقاتها مع سورية، وبانتظار موافقة مجلس الشيوخ، بعد أن وافق مجلس النواب الأميركي على القانون بالإجماع، لفرض عقوبات على أي دولة تتعامل الحكومة السورية، وخاصة روسيا وإيران.
وبني قانون قيصر على أدلة وبراهين ملفقة يبدو أن الجانب الأميركي ساهم في تلفيقها مع المصور «قيصر» لتقديمها على أنها أدلة لمجلس النواب الأميركي وبذريعة حماية المدنيين وتشجيع المفاوضات للحل ولإثارة ردود أفعال في الرأي العام ضد سورية والتمويه على فضائح السياسات الأميركية العدوانية، علماً أن أميركا وحلفها مازالا يقتلان المدنيين السوريين كمجرميّ حرب، ولكن أميركا تجعل جماعة الخوذ البيضاء التابعة لجبهة النصرة الإرهابية تلفق حوادث استخدام الكيميائي لاستهداف سورية، فإنها عن طريق مصور تابع للجماعات الإرهابية تقوم بفرض العقوبات.
ويبدو أن ثمة مشروعا جديدا آخر قدمه عدد من أعضاء الكونغرس بهدف منع البنتاغون من استخدام الميزانية التي تم تصديقها لسنة 2019 من أجل تمويل انسحاب عسكري أميركي من سورية.
والولايات المتحدة لأنها القوة الاقتصادية الأولى عالميا فهي تتأثر بدرجة أقل بالعقوبات التي تفرضها على البلدان، من الدول الأخرى التي من المفترض أن تتعامل مع الدولة المستهدفة بالعقوبات، وهذا واضح في فرض واشنطن العقوبات على إيران، في أعقاب قرار ترامب أيار الماضي، بالتخلي عن الاتفاق النووي، والذي عارضته باقي الأطراف الموقعة على الاتفاق، حيث أطلقت المفوضية عملية معروفة بقانون التعطيل للحد من تأثير العقوبات الأميركية على الشركات الأوروبية التي تريد الاستثمار في إيران، ويسمح بحماية الشركات الأوروبية من العقوبات التي تتخذها واشنطن.
وهذا القانون يحظر على المؤسسات الأوروبية الامتثال للعقوبات الأميركية، كما يسمح لهذه المؤسسات بالحصول على تعويضات لأي ضرر ينجم عن هذه العقوبات من الشخص المعنوي أو المادي المسبب له، وأخيرا يلغي قانون التعطيل الأوروبي آثار أي قرار قانوني أجنبي.
وليست الشركات الأوروبية في قطاع السفر والسياحة ببعيدة عن العقوبات الأميركية، وستشد أوروبا الحبل صوبها كما فعلت مع إيران وتحدت قرارات ترامب التي ستصاب بالإخفاق وخسارة ملايين الدولارات في السوق الأميركية. ولكن واقعيا العقوبات الأميركية على الدول تؤثر سلبا على اقتصاد الاتحاد الأوروبي، فقد وجدت بعض الشركات والبنوك المدرجة في قائمة العقوبات صعوبة في الاستمرار في جوانب من السوق العالمي، وإن تأثرت روسيا من قانون قيصر وهو احتمال شبه معدوم، فسيؤثر على أوروبا التي يرتبط اقتصادها بروسيا بشكل كبير حيث التبادل التجاري ذو رقم كبير بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.
فرغم مرور 3 سنوات على بدء ممارسة العقوبات الاقتصادية على روسيا، لم يتضرر الاقتصاد الروسي بشكل كبير، بل إن تبعات هذه العقوبات كمعاملة بالمثل والتي فرضتها روسيا على استيراد المواد الزراعية والغذائية من الدول التي انضمت للعقوبات ضدها، ساعدت في زيادة الإنتاج المحلي الروسي وتعزيز القدرات التنافسية للمنتجات الروسية.
والذريعة لتشديد العقوبات على إيران أو التضييق على استثماراتها في سورية هي الزعم الأميركي باستمرار جهود طهران لتوسيع برنامجها الصاروخي، ولكن الحقيقة لأن الكيان الصهيوني يعاديها ولكونها من محور مقاومة المحتل الصهيوني.

 

منير الموسى
التاريخ: الثلاثاء 5-2-2019
الرقم: 16902

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S