الملحق الثقافي..جميل عاطف علي
زهايمر
أين أنا؟… تساءلْتُ بصمتٍ.
رحْتُ أنبشُ أوراقي القديمة؛ فُوجئْتُ بما رأيتُ…
شجرة ياسمينٍ تلتفُّ حولها أفعى؛ ما إنْ اقتربْتُ حتى لدغتْني… عندها عادتْ ذاكرتي؛ إنّني ألتحِفُ تُراب الغُربة.
…….
دمس
عويلٌ أيقظها، لم تجدْهُم، انزوت بجانبِ النافذةِ المكسورة، وحدُهُ ذاك الضّوءُ هدّأ روعها؛ ركضتْ مُتلهّفةً حضنهُم… عانقتْ دماءً تسيلُ من سيوف.
…….
مزيج
جفّ القلم، بكتِ المُقل، انحنتِ الأصابعُ، حملتهُ بهدوء..
بضعُ قطراتٍ أعادتِ الحياة لهُ، رقصتِ الكلمات على نغماتِ صريرهِ، اهتزّتِ الجدران… سُرعان ما اختلط الحبرُ المالحُ بالدّم.
…….
حياة الرُّوح
كتمتُ الحزن داخلي سنواتٍ طويلة، اسودّ قلبي لحين عودتي. على وقعِ لمسةٍ ناعمة وقُبلة..
فتحتُ عينيّ، ضممتهُ لصدري، شعرتُ بالقوة، نهضتُ عن الكرسيّ المتحرك، انحنيتُ ساجداً حامداً… دمعاتي تسقي تراب الوطن.
…….
صورة
صرخ في أبواقٍ ذهبيّة، تردّد الصّدى؛ أخوةٌ يتقاسمون كسراتٍ من الرّغيفِ سمعوه… خافوا، افترشوا الثّرى؛ خلّدتِ الجدرانُ ابتسامتهم… تمهرُها شارةُ النّصر.
…….
حُبّ
لعبا تحتَ ظلّ تلك الشجرة المعمّرة، عادا إليها بعد زمن؛ لم يجدا شيئاً…
– ذكريات حبّنا التي نقشناها؛ ربّما احترقت في مدفأتنا يا حبيبتي…
– لا يا عزيزي أعتقد أنها مازالتْ مجبولةً في عكّازاتنا… أعطني يدكَ فلنُكملِ الطريق.
…….
أقدار
غرقَ في بحرَ جمالها، بكى على حالها، مسحتْ دمعاتَهُ بيدٍ ودمعاتَها باليدِ الثانية… وهمستْ: لا بُدَّ للّيلِ أن ينجلي.
حضنَها، حملَها لسيارتهِ الفارهة… آواها مع زوجتهِ العاقر.
…….
لاوعي
سألهُ: لمَ أبكيتَ أختكَ الصغيرة؟… انهالَ عليهِ ضرباً قبلَ أن يسمعَ الإجابة، توشّحَ جسدهُ بالدّماء، نطقَ آخرَ حروفهِ وعيناهُ مليئتانِ بالدّموع:
واللهِ أنا مظلوم… هيَ أكلتِ الفلفلَ الحارّ.
…….
السرّ المتوارث
أخبرَنا أجدادُنا أنَّ تلكَ الجبالَ الشامخة أمامَ منازلنا تُخبّئُ كنزاً، ما زالِ الناسُ يبحثون عنهُ دونَ جدوى.
قلتُ لأبي يوماً: عندما أكبرُ سأهتمُّ بأرضي، وأقطفُ زيتونَها، ولن أُفرّطَ بها، ابتسمَ وضمَّني هامساً: أحسنتَ بُنيّ.. هذا هو الكنزُ المدفون.
…….
عينان
صيحاتٌ تعالَتْ، اختفتِ الضَّحكات، هرولتْ نحو الحجارةِ المُتهدِّمة، امتزجتْ دموعُها بالدَّم، ضمَّتْ أشلاءَهُ لثغرِها وصرخَتْ: طِفلي الكفيف أبصرَ الجنَّة.
…….
درس
اتبع حيلاً غير أخلاقية، عندما نهش جسده الإيدز… أدرك معنى الفقر.
خالدةٌ في ذاكرة أطفاله… صورتهُ وهو يعضُّ الأصابع.
…….
لا نهاية
عانى حتى وصل، عندما لامست يداهُ القمة… لم يجد مكاناً يطأ فيه قدميه، قرر الطيران.
…….
قصر نظر
من صغرها والأولاد يستهزئون بها، لم تأبه للقبٍ تردد على سمعها كثيراً، كبرت، تعلمت، خلعت نظارتها… وها هي الآن تُداوي العيون.
…….
مغرية
استلقت فوق رمال الشاطئ، أمواج البحر تداعب ملمسها، استهوته تفاصيلها، ونعومة شكلها، حملها لمنزله… وضعها في صندوق.
…….
أمنية
التقطت أنفاسها عندما داعب أحدهم شعرها وشدّه من الخلف، التفتت لترى طفلةً بريئة، همست والدموع بعينيها:
ضفائركِ جميلة، أتعطيني خصلة واحدة فقط؟!
…….
توق
يعشق ضحكتها، تُحييه غمزة عينها، لطالما انتظر لحظة وضع خاتم الخطوبة في إصبعها…
خبرٌ بدّد أحلامهُ: محبوبتكَ شاركتكَ حليب الرضاعة.
……
كنز
ضاعتْ حروفي، فتّشْتُ وراء الغيومِ؛ وجدْتُها تُضاحِكُ القمر..
حضنْتُهُ، حملْتُهُ حيثما أوراقي السّوداء، وكتبْتُ بهِ قصيدةً.
….
عشّاق
غطّتِ الغيومُ السماءَ، غاب ضياءُ القمر، حزنت قلوبُ الساهرين في الأرض، لكنّ الشمسَ العاشقة كانت في أعلى درجاتِ السعادة.. بوجودِ حبيبها في حضنها.
…..
وراء الحُلم
عندما سُئلَ عن أمنيته… نطقَ بحرقة:
أن أُصبح مشهوراً مثلَ ماجد، ولكنّي الآن كرةٌ بلا أرجل.
– لا تستسلمْ… ستُصيبُ الهدف.
…….
صحوة
حينَ رآها تدمع؛ أشفقَ عليها، ندمَ على ما اقترف..
توسّلتْ إليهِ: اقطفْني، اجمعْني بأخواتي…
عادَ صباحاً، مسح الدّمعاتِ، وزرعَ بجانبها وروداً.
التاريخ: الثلاثاء2-4-2019
رقم العدد : 16946